الشهادة السودانية .. عقبال بيك نفرح يازينة

د. سلوى حسن صديق
يُقال، والعهدة علي الراوي، أن أغنية المرحوم الكابلي “عقبال بيك نفرح يا زينة” قد كتبها ولحنها وغناها فرحاً بعديل أخته زينة، حباً ومودة، والأغنية بحق تحمل جميل المعاني وطعم الأخوة والفرح العزيز .
وقد أصبحت الأغنية، فيما بعد، تعبيراً صادقاً عن كل ود مختلف. يتمتع الأقربون بحميميتها كأنهم يشربون (الشربات) الممزوج بالسعادة والمحنة.
وكذا كان فرحنا يوم الأمس بإعلان نتائج الشهادة السودانية،
وما أدراك ما الشهادة السودانية بتاريخها العريق و (سُرتها) المدفونة في كل بيت من بيوت السودان حتی غدت واحدة من مسلمات الحياة فلا تكاد تجد أسرة لم يمر أحد منسوبيها بتجربتها.. كيف لا وهي السلم الذي يرتقي عبر عتباته أبناء وبنات السودان إلى التعليمالجامعي.
و رغم تحفظ بعض الأكاديميين علي مبدأ وطريقة الإمتحان مقارنة بأمم أخرى، يظل بريق الشهادة السودانية هو ذياك البريق، لم تمحه الأيام أو تنسه الأحداث وجسامتها، بل تظل مغامراتها والظفر بها بوابة خاصة يلجها الطلاب في حب و امتثال توارثوه كما العيون العسلية والسمرة الجميلة التي تعلو سيماهم .
كان العام 2023 هو عام الحزن علي كل أهل السودان، العام الذي غابت فيه شمس الشهادة السودانية.. بكاها الناس مثلما بكوا ذويهم و بيوتهم وأمنهم وأمانهم الذي فقدوه بسبب الحرب ومَن أشعلوها.
المصير المجهول والمستقبل المؤلم لأزاهير كانت تجوب الطرقات وتشعل الحياة جيئة وذهاباُ من أجل العلم، ولبيوت تسرج قناديلها حتی الصباح طلباً للعلا وحباً للمعرفة.
لم يستسلم أهل السودان ولم تلن لهم قناة، ضحوا بكل شئ من أجل هذا اليوم ومن أجل عيون أبنائك وبناتك يابلادي.
كانت العزيمة والتضحية حد التفاني من الفقيد الحوري ورفاقه الميامين، رغم تخذيل الأجسام الهلامية داخل صف المعلمين وتآمر منسوبوها بدس المحافير و مكرهم في كل تفاصيل وخطوات إقامة إمتحانات الشهادة، ولكنه مكر حاق بهم، ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله، فقد تم المراد والتأم جرح الشهادة حتی أكملت كل عملياتها بأمان ودقة، في غالب ولايات السودان، وخارجه، كما خطط لها الكبار فاستحقت بجدارة أن تكون إيقونة ملهمة لكل الأمم والشعوب.
إن كان ثمة فضل بعد الله والأوفياء الخلص من أبناء السودان، فهو يعود لأهل الطلاب الذين تشبثوا بالحياة في زمن الجدب والقحط فكان هذا العطاء الاستثنائي والأيادي التي مدت بلا مَنٍ ولا أذى .
مَن يُكرِّم المُكرم الفقيد الحوري الوزير الذي أفنى آخر أيامه لتثبيت أركان البلد بتثبيت الشهادة السودانية، ضحى بصحته وهو يكابد المرض اللعين ويسابق أيامه مثلما ضحى الأبطال في المدرعات وبقية المواقع.
نتمناك بخير يا بلادي يا زينة، ترفرف راياتك عالية خفاقة، وشبابنا حولك يوقدون شمعات الأمل وقد طووا صفحة الألم لبناء السودان المجيد