حوار سوداني – سوداني: بين متعارضين بينهما كامل إدريس

د. إسماعيل ساتي
المكان: مقهى شعبي في بحري
الوقت: مساءً.
المشهد: طاولة متهالكة يجلس عليها رجلان بجانب بت مسعودة، ست الشاي التي انتشر صيتها وكذا مذاق شايها، وجدال حول تكليف الدكتور كامل إدريس لرئاسة الوزراء ومتابعة للوسائط.
الشخصيات:
• جمال: ناشط سابق في لجان المقاومة، قُحاتي لكنه بدأ يشعر بالعزلة.
• الطيب: تيار إسلامي، يتحدث بثقة وتؤدة.
جمال (ينفخ دخان سيجارته):
كامل إدريس؟ قالوا دايرين يجيبوه رئيس وزرا…
الطيب (يتابع هاتفه):
ما تستعجل، خلينا نشوف الزول دا حيمشي كيف. نحنا بندي فرصة لأي زول خلال الفترة الانتقالية… لحدي ما يورينا إنو جاي يقصينا، زي ما عمل حمدوك، وبعدها ناخد موقف
جمال:
لكن ده جا بي طريقة غريبة… تعيين من البرهان! والبرهان نفسه ما عندو شرعية.
الطيب (يضحك):
أها، وشرعيتكم وين هسع؟ الشارع بقى مع الجيش، الناس زهجت من الحاصل. الدعم السريع خرب البيوت، والناس بقت تهتف جيش واحد، شعب واحد.
جمال (بفتور):
لسه في لجان مقاومة بتجهّز للمرحلة التالية، وثورة ديسمبر المجيدة لم تمت والشعب السوداني ثقافته متجذرة في الإيمان بالمدنية الكاملة.
الطيب:
لكن بقيتو قليلين جداً. الناس دايرة أمان، ما شعارات. وإنتو ذاتكم بقيتو ساكتين، ما قادرين تنزلو الشارع لأنكم خايفين ان الناس ما حتطلع معاكم وممكن يعتدوا عليكم بسبب عمالة زعاماتكم، دي مرحلة وعدت.
جمال (يتنهد):
الناس خايفة من ضياع الأمن بسبب الحرب، دا ما معناها اقتنعت. الحرب خلت كل زول يشوف أقرب ملاذ يهرب إليه. لكن كامل إدريس ما هو الملاذ. زول عندو سجل ملتبس، واتهموهو بالتزوير، وكمان علاقاتو مع الغرب مشبوهة.
الطيب:
كل السياسيين من قوى الحرية والتغيير عندهم ملفات. نحنا شايفين الزول دا لو ما مشى في طريق الإقصاء والعمالة، ممكن يشتغل. لكن لو جرّب يركب موجة التنسيقيات والشيوعيين، حيقيف ضدو الشارع ذاتو.
جمال:
الشارع دا زمان كان معانا. هسع شايفو واقف مع الجيش لأنو فاقد الأمان، لا يعني ذلك انه مقتنع. لكن في النهاية، البلد دي ما حتحكم بالحديد والنار، ولا بمشاريع العسكر.
الطيب (بحذر):
العساكر هسع قاعدين يدفعوا تمن كبير عشان البلد ما تتفكك. الدعم السريع لو حكم، ما كان فضل زول في البلد. وانتو، بدل ما تقيفوا مع المؤسسة الوطنية، بقيتو دايرين تنسّقوا مع حميدتي؟
جمال (مقاطعاً):
نحنا ما مع حميدتي، ولا مع البرهان. نحنا ضد الحرب كلها. دايرين سلطة مدنية حقيقية، مش مسرحيات.
الطيب (بحسم):
المدنية ما بتيجي بالتمنّي. لازم يكون في أرضية واقعية، وتفاهم. وإنتو جاتكم فرصة على طبق من دهب في 2019 وضيعتوها بأحقادكم. والمرة دي، البلد ما حتستحمل لعب أطفال تاني.
جمال (بصوت خافت):
يمكن، لكن الصمت ما معناهو رضا. ولسه في ناس بتحلم، حتى لو ما قدرت تتكلم.
تعليق جانبي (من مراقب يجلس بالقرب منهما وينصت):
الواقع المعقد للسودانيين اليوم قد يفتح باب النقاش حول حلول “براغماتية”. شخصية مثل كامل إدريس تقع في المنتصف، بين الأمل والريبة، وتظل مرهونة بمدى شفافيتها والتزامها بأهداف اعادة الامل للمواطن والحفاظ على ما تبقى من الوطن.
والان
كامل إدريس يجد نفسه في لحظة انتقال لم تتضح معالمها بعد:
• الجيش يستعيد الشارع بقوة فرض الأمن والحفاظ على الوطن ضد التفكك.
• ما تبقى من قوى الحرية والتغيير مشتتة وضعيفة، لكنها لا تزال تخطط.
• الإسلاميون يراقبون بحذر، مستعدون لدعم كامل ادريس إن لم يستهدفهم، ولسحب تأييدهم إن كرر خطاب الإقصاء.
والسؤال الحقيقي هو: هل يستطيع كامل إدريس أن يكون أكثر من مجرد “ملئ خانة تسد الذرائع”؟