تقاريرسياسية

تعديل قانون الصحافة.. الدولة ترمي بثقلها نحو المستقبل

بورتسودان – المحقق – طلال إسماعيل

في اليوم الأول لورشة مناقشة مقترحات تعديل قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009 في مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، شكلت قيادة الدولة تقدمها نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، حضورا لافتا في الورشة التي حملت عنوان (حرية إعلامية بمعايير مهنية) تستمر لمدة يومين وتهدف إلى إجازة قانون ينظم عمل الإعلام في البلاد.

حضر الجلسة الافتتاحية التي خاطبها عقار ووزير الثقافة والإعلام خالد علي الإعيسر، الأمين العام لمجلس السيادة محمد الغالي، وزير النقل أبوبكر أبوالقاسم، وزير الحكم الإتحادي محمد كرتكيلا صالح، ووالي البحر الأحمر مصطفى محمد نور، والنائب العام الفاتح طيفور، وكلاء وزارت الخارجية والإعلام والصحة والعدل والمعادن وممثل رئيس القضاء.

 

فتح طريق كادوقلي

 

ابتدر نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي مالك عقار حديثه عن الأوضاع العسكرية بالسودان، وقال إن القوات المسلحة والقوات المساندة شارفت على فتح الطريق إلى كادوقلي، مشيرا إلى أن القوات على بعد أمتار من تحقيق ذلك، مشيدا بالانتصارات التي تحققت في كردفان وآخرها تحرير مدينة الدبيبات بولاية جنوب كردفان.

وتابع عقار :”كادوقلي تعرضت خلال الفترة الماضية لظروف قاسية، وأنها وقعت بين كماشة مليشيا الدعم السريع المتمردة والحركة الشعبية جناح الحلو”.، مؤكدا بأن الطريق إلى كادوقلي سيتم فتحه وأن الإغاثة ستصل قريباً للمحتاجين للتخفيف عليهم.

وأكد حرص مجلس السيادة على صياغة قانون عصري يضمن حرية التعبير ويحمي كرامة الصحفي ويؤسس لصحافة مهنية متوازنة تسهم في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، مؤكدا دعمه لأي جهد يفضي إلى قانون وتشريع للصحافة ينصف أطراف المصلحة.

وأشار إلى أن أهمية تطوير التشريعات والقوانين بما يتواءم مع متطلبات المرحلة ويواكب التحولات الكبيرة التي طرأت على البلاد نتيجة حرب الكرامة ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة، خاصة التشريعات في مجال الإعلام.

وزاد بالقول: “الورشة التي نظمتها وزارة الثقافة والإعلام تأتي في “توقيت وطني بالغ الحساسية” مشيرًا إلى أن الإعلام الحر والمسؤول “ليس ترفًا سياسيًا” بل هو ركيزة للتنمية وحماية الحقوق ومحاربة خطاب الكراهية، وتؤكد إهتمام وزارة الثقافة والإعلام وانشغالها بالهم الوطني، مشيدا بمنسوبي الوزارة وكل الذين وقفوا خلف قيام الورشة، معبرا عن أمله في أن تخرج الورشة بنتائج طيبة تخدم العملية الإعلامية.

وأضاف :”قانون 2009 لم يعد يواكب تطورات المرحلة لا سيما في ظل الثورة الرقمية والتحول الديمقراطي وطرح خمس إشكاليات رئيسية، أبرزها تضارب الصلاحيات بين الجهات الرقابية، والقيود المفرطة على النشر وغياب تنظيم الصحافة الإلكترونية، واعتماد التقاضي الجنائي في قضايا النشر، إضافة لضعف استقلالية المؤسسات الصحفية.

وشدد على أن “القانون المرتقب يجب أن يُبنى على الشراكة والثقة، ويلتزم بالمعايير الدولية وينظم الإعلام الرقمي ويوفر الحماية القانونية والمهنية للصحفيين داعيًا إلى إصلاح جذري يشمل أيضًا التدريب وتطوير المهارات الإعلامية.

 

شروط العمل الإعلامي

 

 

ونادى بضرورة العمل على توفير شروط أساسية في العمل الصحفي والاعلامي، أهمها محاربة خطاب الكراهية والجهوية، والتعاطي الإيجابي مع القضايا التي تهدد الأمن القومي.

وتطرق عقار إلى عدد من النقاط التي تتطلب المعالجة عبر التشريعات والقوانين، منها تضارب الصلاحيات وتداخل الأدوار بين جهات الرقابة، والقيود المفروضة على حرية النشر، فضلاً عن موضوعات تنظيم الصحافة الإلكترونية، والتقاضي في موضوعات النشر، داعيا إلى النظر في مسألة غياب الضمان المالي والاستقلال المؤسسي للإعلام ما يجعله عرضة للتاثيرات السياسية والتأثيرات السالبة.

وأشار عقار إلى ضرورة الإلتزام بالمعايير الدولية المهنية، والإهتمام بقضية حماية الصحفيين، وضمان استقلالية مجلس الصحافة، والإهتمام بالتدريب.

 

 

بروز الصحافة الإلكترونية

 

 

من جانبه، قال وزير الثقافة والإعلام الأستاذ خالد الإعيسر إن البلاد تمر بتحديات تستوجب إصدار تشريعات جديدة تنظم العمل الصحفي، وتحصن الحريات، وتضمن أداء مهنياً مسؤولاً، مشيرا إلى التطور المتسارع في المجال الإعلامي، وبروز الصحافة الإلكترونية وصحافة المواطن، فضلا عن التحولات السياسية محليًا وإقليميًا وعالميًا، والأوضاع الأمنية الراهنة في السودان.

واضاف :” التشريع في مجال الصحافة يُمثل ركيزة أساسية لأي نظام إعلامي، ويُعد معيارًا لحرية الإعلام في الدول مؤكدا أهمية توفير قوانين لحماية الحرية، وتنظيمها بما يخدم الشعب، ويحافظ على الأمن القومي والقيم المجتمعية.

وأكد بأن البلاد تمر بمرحلة انتقالية تتطلب ترسيخ قيم سيادة حكم القانون، ومحاربة خطاب الكراهية، وتحصين السيادة الوطنية، مبينا ان الإعلام يقع عليه دور محوري في توعية المواطنين ومساعدتهم على اتخاذ قراراتهم بوعي، مشيرًا إلى أن واجب الدولة توفيرالحريات ضمن منهج وبيئة مهنية وقانونية سليمة، دون تقييد للحرية، مع ضمان كرامة العاملين في المجال الإعلامي، والحفاظ على مكانة المهنة وهيبتها.

وأضاف أن التحولات التكنولوجية والرقمية على العالم فرضت ضرورة تحديث قوانين الإعلام، لتشمل كافة الوسائط والمنصات الحديثة، ومواكبة مفاهيم جديدة، منها الإعلام والصحافة الإلكترونية، وجرائم المعلومات وغيرها من موضوعات.

وأعرب عن إيمان وزارة الثقافة والإعلام بأن الوصول إلى توافق وطني يتطلب إتاحة الفرصة لحوار مفتوح، يشارك فيه أصحاب المصلحة، ويحظى بثقة جميع الأطراف، ليؤسس لمشهد إعلامي يعكس تطلعات الشعب السوداني نحو الحرية والعدالة والديمقراطية مؤكدا إدراك الدولة بأن للإعلاميين دورًا محوريًا في بناء الدولة وتوجيه الرأي العام، وقال “لذلك فإننا ندافع عن ضرورة تمكين الإعلاميين، ومنحهم مكانًا متقدمًا في صنع القرار والمساهمة في رسم السياسات الوطنية”.

وشدد على أهمية توحيد الأجسام الصحفية وتحلي العاملين في المجال الإعلامي بالصبر والموضوعية، بعيداً عن المزايدات والتجريح، خاصة مع تصاعد الجدل حول دور الوزارة في المرحلة الحالية.

وأوضح أن الوزارة تعمل في ظروف بالغة التعقيد وتشرف حالياً على أربع وزارات في ظل شح الإمكانيات.

واستدرك الأعيسر قائلاً إن الوزارة، رغم هذه التحديات، تمكنت من تحريك ملف قانون الصحافة والمطبوعات، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بالإعلام واعتباره ركيزة أساسية لترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

وأشار الوزير إلى أن وضع وزارة الثقافة والإعلام تأثر سلباً بعد الحرب، مؤكداً أن تنظيم هذه الورشة يأتي في إطار السعي لإصلاح بيئة العمل الإعلامي وتحقيق تطلعات الصحفيين.

ودعا الأعيسر إلى ضرورة مكافحة خطاب الكراهية الذي تفشى بشكل كبير في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه الإعلام حالياً هي جرائم المعلوماتية، مما يستوجب إصدار تشريعات جديدة تضمن المهنية والأخلاقيات وتعزز من دور السلطة الرابعة في المجتمع.

 

 

الإطار القانوني للصحافة والمطبوعات

 

 

في الجلسة الثانية قدم السفير العبيد مروح ورقة حول الإطار القانوني للصحافة والمطبوعات: إشكاليات وتحديات، ترأس الجلسة ياسر أحمد محمد وابتدر النقاش محي الدين احمد، وحظيت بنقاش مستفيض حول تطوير القانون.

وفي الجلسة الثالثة قدم عثمان أبوزيد ورقة حول صناعة الصحافة الإلكترونية: تحدياتها وأثرها على القطاع الصحفي والمجتمع وترأس الجلسة عبدالعظيم صالح وابتدر النقاش الفاتح السيد.

وفي الجلسة الرابعة قدم معاوية أبوقرون ورقة حول النشر الإلكتروني بين الحرية والمسؤولية مقارنة لتجارب تشريعية في دول العالم، وترأست الجلسة الخنساء عمر، وابتدر النقاش الصادق جمال الدين.

وفي اليوم الثاني والختامي للورشة يقدم عبدالعظيم نورالدين ورقة حول الموازنة التشريعية بين حرية الصحافة وحماية الأمن القومي وصيانة قيم المجتمع.

كما يشمل البرنامج الختامي جلسة مناقشة وإعداد التوصيات وتسليمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى