رأي

علیَّ الطلاق ما تقول حاجة !!

محجوب فضل بدري

(علیَّ الطلاق ما تقول حاجة)، هي عبارة تُقال فی فض النزاعات وهي أعلیٰ درجةً من سياسة (باركوها ياجماعة) في إطار الجودية التي يبرع فيها أهلنا، لحل المشاكل في الأسرة، أو المالية في السوق، أو المرورية في الشارع، وغالباً ما تصدر العبارة من رجل مسموع الكلمة، لذا فهي تجد الأذن الصاغية، وإلَّا لِما (جازف) قاٸلها بتعريض زوجته للطلاق،، وقال المتنبی فی ذلك [أخٌ لنا جعل الطلاق ألية، لأعللن بهذه الخرطوم ▪ فجعلت ردِّي عُرسه كفارةً لشرابها فشربتُ غير أثيم].

والخرطوم من أسماء الخمر، ولم يكن المتنبي يشرب الخمر ،لكنه شربها مجاملةً، حتی لا تُطلق زوجة صاحبه، وجوَّز لنفسه ذلك بزعم أن بره بقسم صاحبه منجاة من الإثم، وهذا من تظارف الشعراء، والشاهد أن الممارسة قديمة، لكن الجديد أن تجد العبارة طريقها إلیٰ عالم السياسة الدولية !!

بدأت إسراٸيل حربها علی إيران تحت زعم الخطر الوجودي لدويلة إسراٸيل من قِبَلِ إيران النووية، ولم تكن إيران بالصيد السهل، بالرغم من المباغتة التامة للضربة الإفتتاحية الإسراٸيلية، والتی أُغتيل خلالها كبار القادة الإيرانيين فی الجيش والحرس الثوری، وعلماء في مجال الطاقة الذرية،وتدمير عدة مقار أمنية ومدنية، ولم تضيِّع إيران وقتاً للرد فی العمق الإسراٸيلی، بما يوجع العدو الصهيوني ويكسر عنجهيته غضَّ النظر عن الحسابات المادية فی الربح أو الخسارة للطرفين، وعن مدیٰ قدرة إسراٸيل في تحمُّل تبعات حرب إستنزاف طويلة مع إيران، حتیٰ بعد التدخل المباشر لأمريكا لقصف أهم ثلاث منشآت نووية إيرانية، والرد الإيراني بقصف قاعدة العُديد الأمريكية فی دولة قطر، ولا جدال فی إن الضربات كانت معلومة للطرفين، وأغلب الظن إن عبارة علی الطلاق ماتقولوا حاجة!! قد صدرت من ترمب، عندما أخطر إيران بميقات الضربة،بما يسمح لهم بتأمين كمية اليورانيوم المخصب، وبعض أجهزة الطرد المركزي !! وإزاء ضرورة الرد الإيراني إنتصاراً للكرامة الوطنية، لابد إن إيران قد قالت لترمب، سنضرب قاعدة العديد فی قطر، لكن علی الطلاق ماتقول حاجة!! واتصل ترمب بدوره علی أمير قطر وأبلغه بموعد الضربة الإيرانية، وختم قوله بعبارة عليّ الطلاق ماتقول حاجة!!

اتصل نتنياهو علی ترمب ليتأكد منه إن البرنامج النووي الإيراني قد قضی نحبه، وطلب منه أن يجد له مخرجاً من هذه الورطة مع إيران!!
فاكتمل السيناريو بأن تتصل قطر بإيران و(تقايضها) ببلع ضربة إيران لقاعدة العديد في قطر مقابل قبول إيران بقرار ترمب بمنع إسراٸيل من مواصلة الحرب، وأن يعلن هو ذلك فيقطف ثمرة تحقيق السلام العالمی.
وأردفها بالقول علی الطلاق ما تقول حاجة !!

وقال ترمب لنتنياهو، أوقف الحرب فوراً وعلی الطلاق ماتقول حاجة!!
وعندما حان موعد وقف إطلاق النار تحججت إسراٸيل بأن إيران خرقت إعلان وقف إطلاق النار -وهو اتفاق غير مكتوب – وأرسلت إسراٸيل طاٸراتها لقصف طهران، وهنا ظهر ترمب غاضباً وقال أنا زعلان شديد من إسراٸيل، وزعلان حبة من إيران، وصعد علی متن طاٸرته الرٸاسية، واتصل بنتنياهو هاتفياً وقال له ده شنو البتعمل فيهو ده،الراجل بربطوه من لسانه، رجع طياراتك دي، ولو ما حصل كده حيكون غلط كبير، وأنا حأزعل منك،، لكن نتياهو قال له خلاص حنضرب ضربة أي كلام عشان كرامتي، فغرد ترمب علی منصته، ستلقي طاٸرات اسراٸيل تحية ودية وتعود، وقد كان.فقد ضربت إسراٸيل محطة رادار مهجورة فی أطراف طهران ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ويا دار ما دخلك شر.

نتنياهو لم يهنأ بنصره المزعوم فقد وجهت المقاومة ضربة موجعة لجيش العدو فی خان يونس فی يوم عرسه!! وطالما تحدث عن الخطر الوجودي علی إسراٸيل والمتمثل فی حماس وإيران، وهو يعلم برأي العديد من المفكرين الإسراٸيليين في زوال دولة إسراٸيل مثل المٶرخ بيني موريس الذی يٶمن بدولة شرق أوسطية بأغلبية عربية بمٸات الملايين تحيط بخمسة مليون من اليهود، أو السياسي المخضرم، رٸيس الكنيست السابق أفراهام بورغ الذي يتحدث عن نهاية الصهيونية في كتابه (هزيمة هتلر) وقد تحدث المفكر العربي عبد الوهاب المسيري فی سفره القيم (اليهود واليهودية والصهيونية) عن إن إسراٸيل (دولة وظيفية) تقوم نيابة عن الدول الكبریٰ بالأعمال القذرة التی لا تستطيع القيام بها، وأن إزالة دولة الإحتلال إنَّما يكون (بالإنهاك) وليس بالهزيمة !!

ولأن نتنياهو يخشی ذلك فقد هرع إلیٰ ترمب ليخلصه من حربِهِ علی إيران التی تسير نحو حرب إستنزاف طويلة، لاتحتملها إسراٸيل، علماً بأن إسراٸيل خسرت (22) قتيلاً فی حربها مع إيران، مقابل (ألف قتيل) في غزة منذ إنطلاق طوفان الأقصیٰ

ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً ويأتيك بالأنباء من لم تزودِ
وعلی الطلاق ما تقولوا حاجة!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى