رأي

هل تُخْمَد نار القرآن فی خُرْسِی !

 

 

محجوب فضل بدري

 

 

أوقد الشيخ محمد ود الأحمر تُقابة القرآن، فی منطقة خُرسی علی بعد (15 كلم) جنوب شرق مدينة بارا، في القرن التاسع عشر، وعُنِیَ بتحفيظ القرآن الكريم وعلومه، وخَلَفه إبنه الشيخ إدريس، ثمَّ تولَّیٰ أمر الخلوة من بعدهما الخليفة محمد ود دوليب، وبَقِيت الخلافة من بعده فی أبناٸه الدواليب الخليفة الدرديری، والخليفة جعفر والخليفة الدسوقي، فأصبحت الخلوة منذ ذلك العهد منارة لتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الفقه والحديث واللغة والتعليم الحِرَفي بجانب دورها في المجال التربوي والإجتماعي، وظلت خلاوی خُرسي مكان تقدير الحُكام منذ عهد الشيخ عجيب المانجلك، في الدولة السنارية، ثمَّ سلاطين مملكة الفور، فأكرموا مشاٸخها وأُعفيت الخلوة من الضراٸب والعشور.

 

والآن يعرف كل أهل السودان القراء المشهورين من خريجي خلاوی خُرسي مثل الشيخ حسين، والشيخ الزين محمد أحمد، والشيخ المرحوم نورين وغيرهم، من الذين أحيوا ليالي رمضان الكريم فی مساجد العاصمة المثلثة بصلاة القيام بالجزء، وكانت حكومة الإنقاذ شديدة الحفاوة بالحفظة والقُراء، ولربما كان ذلك هو السبب فی الإهمال المتعمد من القحاطة الذين إزدروا القرآن الكريم فجعلوا من دار جمعية القرآن الكريم مقرَّاً للمثليين، لا لقلةٍ فی الدُور، ولكن لإهانة أعظم كتابٍ مُنزَلٍ نكايةً في عقيدة أهل السودان وذلك بإرتكابهم كبيرة لم يسبقهم عليها أحدٌ من العالمين، وستظل وصمة عار فی وجوههم حتی يرث الله الأرض ومن عليها.

 

واليوم تشهد مدينة بارا بولاية شمال كردفان أوضاعاً إنسانية كارثية فی ظل الإنتهاكات المتصاعدة علی يد مليشيا آل دقلو بحق المواطنين هناك، وقد قامت المليشيا المجرمة بتصفية ثلاثة من عناصرها في حي دربي جنوب شرق المدينة، بينهم القيادي الميداني المعروف بود أبو نار وذلك بعد مشاركتهم في أعمال الفوضىٰ والنهب التي شهدها حي القوز، ومثله فی كل القرى المحيطة بمدينة بارا التي تعرضت لاقتحامات متكررة أسفرت عن تهجير واسع لآلاف المواطنين ونهب شامل للممتلكات، في وقت فرضت فيه المليشيا حصاراً مطبقاً أدى إلى توقف حركة النقل والتجارة، ومنعت خروج أي مركبات تجارية أو سفرية من المدينة.

 

في إنتهاك جديد أفادت المصادر [أن مليشيا آل دقلو الإرهابية قد اقتحمت خلاوي خرسي لتحفيظ القرآن الكريم] فأقدمت على طرد وتشريد الطلاب والمشائخ وكبار السن دون أی اعتبار لحرمة بيوت الله أو مكانة القرآن وأهل القرآن. ووصف شهود عيان المشهد، بأنه مُؤلم ومُفجع، حيث فرّ الجميع إلى مناطق أكثر أمانًا وسط ظروف إنسانية صعبة.حتی أن جلب المياه وحطب الوقود تحول إلى مخاطرة يومية، إذ يتعرض السكان للإعتداء والضرب من عناصر المليشيا بحجة تعاونهم مع الطيران العسكري. ونتيجة لهذا الوضع، أُضطر الأهالي لاستخدام أثاثهم المنزلی المصنوع من الخشب لإعداد الطعام،وأن آلاف المزارعين تم تهجيرهم قسرياً من قراهم في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية لولاية شمال كردفان.

 

حاشا لله أن تُطفأ نار القرآن التي ظلت متقدةً لأكثر من قرنين من الزمان في تلك البقعة الطاهرة، وفي أعيننا ماء، و نحن علی وجه هذه الأرض، ومن لم تحرِّكه إنتهاكات وفظاٸع المليشيا المجرمة علی مدی سنتين كالِحتين ولم ينتفض غضباً وغِيرةً علی الأرض والعِرض فليس إنساناً، رجلاً كان أم إمرأة، أمَّا من يسكت علی إنتهاك حُرمات الله، وتدنيس القرآن الكريم وتقتيل المشاٸخ وتشريد الحيران وإطفاء تقابة القرآن، فعليه أن يُراجع إسلامه إبتداءً،فقد انقضی زمان المعجزات فلن يُنزِل الله ملاٸكة من السماء لتقاتل الجنجويد، فهذا من أوجب واجباتنا وقد آتانا الله من القوة ومن رباط الخيل ومن القادة العالمين بفنون الحرب والقتال ما يجعل كلمة الذين كفروا هي السفلیٰ وكلمة الله هي العليا ..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ثَانِیَ ٱثۡنَیۡنِ إِذۡ هُمَا فِی ٱلۡغَارِ إِذۡ یَقُولُ لِصَـٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِینَتَهُۥ عَلَیۡهِ وَأَیَّدَهُۥ بِجُنُودࣲ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِیَ ٱلۡعُلۡیَاۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ﴾ [التوبة ٤٠]

 

-النصر لجيشنا الباسل.

-العزة والمنعة لشعبنا المفاتل.

-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى