مسار إقتصاد ما بعد الحرب

د. حسن عيسى الطالب
يحتاج قطاع الإقتصاد السوداني لمرحلة ما بعد الحرب لإعادة هيكلة شاملة، تبدأ باعتماد الاقتصاد الرقمي، وتقليل الإعتماد على ممارسات العملة الورقية التقليدية، التي أصبحت مهدداً خطيراً ومحتملاً على الأمن القومي الإستراتيجي، بالتزوير والنهب والإخفاء، وبخروج العملة من دائرة الاقتصاد الكلي وحجب تداولها عن الاستثمارات المتاحة للمصارف وبيوت التمويل الوطنية.
فضلا عن ذلك، فالطرق والجسور بين الولايات وداخلها يجب أن تبنى بنظام البوتBOT وبشراكات وطنية وعالمية وبالمواصفات الفنية المعتمدة.
يتعين أن تترك للولايات وحكوماتها خيارات وأولويات جذب الإستثمار وتحفيزه، وتحديد معدل ومستوى ضريبة الدخل في كل ولاية وبحسب ظروفها، وإتاحة حرية الصادر، وتخفيف أو رفع كل القيود مع التركيز على المواصفات الصارمة، وخاصة ضرورة الحصول على شهادات ISO.
كذلك يتعين أن يقيم أداء محافظ بنك السودان واستمرارية لايته على أدائه، عبر مجلس استشاري مستقل من خبراء وطنيين، وأن يتضمن ذلك الحفاظ على قيمة تبادل الجنيه، ومستوى رصيد البلاد من العملات الصعبة، والتحكم في الكتلة النقدية ودورات تداولها، وإبرام اتفاقيات للتبادل بالعملة الوطنية مع دول الميزان التجاري والدول المؤثرة على توازن المدفوعات.
فضلاً عن ذلكم يتعين أن تتناسق سياسات المالية والتخطيط الاقتصادي على المستوى الولائي والإتحادي، ويرصد تقييم أدائها وفق نسب العطالة ومعدلات النمو الربعي والسنوي المتحققة.
بدون هذه التعديلات الحتمية لمرحلة ما بعد الحرب المفروضة، لا يتوقع أي تحسن للاقتصاد الوطني، بالعكوف على استمرار نهج سياسات الخمول المفتقرة للمبادرة والمبادأة، والركون للتسول الدولي وإراقة ماء وجه السودان في كل أركان الأرض بطلبات الإغاثة والإعانات والهبات والمساعدات، وهذه للأسف هي المفردات الموروثة من السياسات المخزية التي ظلت شعار سودان ما بعد أبريل ٢٠١٩م والتي أوصلت البلاد لهذا الدرك السحيق من الخزي والإسفاف..