النخب السودانية وساستنا: هل قرأتم مقال اللمين عن (المشروع العظيم)؟

د.إبراهيم الصديق علي
(1)
هل قرأت النخبة السودانية ما خطه بروفيسور اللمين اللدود الخاطري ، القانوني والسياسي والدبلوماسي التشادي في تعليقه على موقف الشيخ موسي هلال زعيم المحاميد ؟
هل فات على قوانا السياسية والمجتمعية والمدنية التي تتخطف الأقوال والملاحظات والتلميحات كل هذا المقال المثير، في فحواه وفي تشخيصه لما جرى فى بلادنا ؟
هل مر عليكم قوله ( إن الدعم السريع هو مشروع وجود لهذه الأمة) ، والمقصود بالأمة هنا هو (التضامن العربي) وهو تحالف القبائل العربية في شرق ووسط وجزء من شمال أفريقيا، أى أنهم (عرب الشتات)؟.
هل اطلعتم على ما كتبه (أننا يا شيخ موسى هلال لسنا كما وصفتنا انت (مرتزقة)، بل نحن أهل النجدة والفزعة)؟.
هل هذا هو التحول الديمقراطي والمسار السياسي السوداني ؟.
وللتذكير مرة أخرى، بروفيسور اللمين رجل قانون دستوري وقيادي حزبي سابق ورجل دولة، ومع ذلك يرى أن معركتهم فى السودان لتنفيذ ما أسماه (مشروع الدعم السريع العظيم وقد تبقى من حسم المعركة إلا أقل القليل) .. فما هو هذا المشروع العظيم ؟
وأين هو من تطلعات أمتنا وشعبنا وأهلنا ؟
وهل يتسق مع مخططات (تقدم) وهى تستدعي التدخل الدولي لحماية القوافل الداعمة للمليشيا ؟.
لماذا الصمت ، وكانت أصواتهم عالية فى هيعة من الوطن ؟..
هذه معركة كبيرة وخطيرة..
(2)
نقطتان لابد من الإشارة إليهما، ترتبطان بهذا الحدث ، أولهما: سير العمليات العسكرية وتركيز المليشيا على إسقاط الفاشر وبابنوسة ومحاصرة الأبيض ، وثانيهما : مخطط التغيير الديمغرافي وتهجير المواطنين، وكل ذلك لخلق بيئة جديدة لإقامة دولة الحلم والتى أسماها بروفيسور اللمين (المشروع العظيم) ..
لقد ركزت المليشيا هجماتها بصورة رئيسية على مدينة الفاشر لضمان السيطرة على دارفور وإكمال ذلك بمحاصرة الأبيض عاصمة شمال كردفان، ويبقى أمر جنوب كردفان معلقاً، مع أن بعض قوات المليشيا هاجمت مناطق هبيلا وما زالت تسيطر على الدبيبات ووصلت بعضها إلى سدرة ، هذه فى رأيي الإستراتيجية الأساسية للمليشيا فى هذه المرحلة..
واعتقد أن معارك الخرطوم والجزيرة ، هدفها شغل الجيش عن مخططاتهم الأخري، خاصة بعد زيادة خسائر تمددهم..
وقد كشف ناظر عموم المساليت حقيقة مخطط فصل دارفور وهو بالتأكيد مرحلة أولى لبسط نفوذهم..
لقد كشفت تقارير دولية عن مخططات مليشيا الدعم السريع باستجلاب عائلات لتوطينهم فى بيوت المواطنين بالخرطوم ، فاقت أعدادهم مئات الآلاف ، خاصة فى مناطق الرياض والطائف وشارع الستين وكافوري ، لم يعد الأمر بحث عن ديمقراطية وإنما إحلال منهجي وعن قناعة (حقنا) كما كان يقول بعض المتحمسين منهم ، فهل هذا هو المقصود بالمشروع العظيم.. نعم وبكل تاكيد هو كذلك، وإن تعذرت الخرطوم أو الجزيرة فإن دارفور يمكن أن تشكل نواة أولى ..
ولهذا السبب تحول خطاب المليشيا من القبض على البرهان وجلب الديمقراطية إلى الحديث عن مظالم دولة 56م ..
وما ذنب أهل الهامش في الجنينة وزالنجى وأردمتا وهبيلا ومليط وقرى الفاشر بمظالم دولة 56 ؟..
إنها حجج واهية..
(3)
ولكن ، وللأسف ، فإن هذه الحجج الواهية يسوقها الآن ساسة وفاعلون سياسيون على رأسهم د.عبد الله حمدوك
وهذه سقطة سياسية والتسويق لهذه المليشيا المتوحشة جريمة وطنية، ومن المعيب أن تبحث قوى سياسية سودانية عن مصالحها فى ظل خطاب عنصري وكراهية ، وفى واقع تداخلات تنتهك السيادة الوطنية..
ما هى جريمة الشيخ موسى هلال فى مخاطباته ، لقد قال نحن مع :
– الدولة السودانية بمؤسساتها
– نحن مع دولة 56 ومع الأزهري والمحجوب وزروق
– نحن مع أهل السودان وضد (المرتزقة) الذين جاءوا من (تشاد) و(مالى) و(النيجر)..
– نحن ضد النهب والسرقة وسلب أموال الناس وإختطاف الفتيات..
هل هناك ما يعيب ؟..
ولكن اللمين وأمثاله أزعجهم توصيف (المرتزقة) و (النهب والسرقة) ، فهذا فى نظرهم (المشروع العظيم)..
ومشروعهم العظيم هو تهجيرنا وطردنا من بيوتنا ونهب ممتلكاتنا وإفقار مجتمعنا وإحلال شتات عربان مالي والنيجر وتشاد فى أرضنا ووطننا..
ومع كل هذه المؤشرات والمنظور لهذه الحرب من مفكريها ، فإن من الضرورة اعتماد كل مساند للمليشيا بالرأي أو تبني خطابهم الزائف *(خائن للوطن)* ..