ترحيب واسع بالدعوة المصرية وتأكيدات على قدرة القاهرة للعب هذا الدور
الكتلة الديمقراطية تجتمع غداً للرد على الدعوة وقادة تقدم يمتنعون لانشغالهم بمؤتمرهم في أديس أبابا

القاهرة- المحقق – صباح موسى
تستضيف مصر نهاية يونيو المقبل، مؤتمراً يضم كافة القوى السياسية المدنية السودانية، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، وذلك بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني/ سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة.
إعلان الدعوة
وأعلنت القاهرة في بيان لوزارة خارجيتها أن الدعوة المصرية تأتي انطلاقاً من إيمان راسخ بأن النزاع الراهن في السودان هو قضية سودانية بالأساس، وأن أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها.
استكمال الجهود
وأوضح البيان أن مصر تنظم هذا المؤتمر استكمالاً لجهودها ومساعيها المستمرة من أجل وقف الحرب الدائرة في السودان، وفي إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيقاد. وأنها تتطلع إلى المشاركة الفعالة من جانب كافة القوى السياسية المدنية السودانية، والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، وتكاتف الجهود من أجل ضمان نجاح المؤتمر في تحقيق تطلعات الشعب السوداني.
تجاوز الأزمة
وذكر البيان أنه في إطار حرص مصر على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة التي يمر بها، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السوداني وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان. وانطلاقاً من الروابط التاريخية والاجتماعية الأخوية والعميقة التي تربط بين الشعبين المصري والسوداني، وتأسيساً على التزام مصر بدعم كافة جهود تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
توقيت دقيق
تأتي الدعوة المصرية في توقيت دقيق يمر به السودان بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب بالبلاد، ولاقت الدعوة استجابة وترحيب كبير من معظم القوى السياسية السودانية، بعد ساعات قليلة من إعلان الدعوة، ويرى الخبراء أن مصر يمكنها أن تلعب هذا الدور في حل الأزمة السودانية بتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانين، وأكدوا أن القاهرة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع في السودان يؤهلها للقيام بهذا الدور الايجابي، كما لوحظ في الدعوة المصرية التأكيد على الثوابت المصرية في عدم التدخل الشأن السوداني والحفاظ على المؤسسات السودانية واحترام السيادة السودانية والحفاظ على أمن واستقرار البلاد، إلا أن السؤال مازال مطروحا عن مدى تلبية الفرقاء السودانين للدعوة المصرية، وقد سبق وأن دعت مصر جميع الفرقاء في السودان قبل الحرب وقت الخلاف على الإتفاق الإطاري، إلا أن الاستجابة جاءت من عدد من القوى السودانية في حين لم تستجب قوى أخرى على رأسها المجلس المركزي للحرية والتغيير، فما الذي تغير الآن، وهل ستستجب تنسيقية القوى المدنية ” تقدم”، أم أن رفعها لشعارات السلام في السودان مجرد شعارات ليس لها طريق على أرض الواقع؟… في هذا التقرير حاولنا الاتصال بعدد من قيادات ” تقدم” لمعرفة ردهم على الدعوة المصرية، إلا أنهم امتنعوا عن الرد، ربما لانشغالهم بمؤتمرهم الذي يعقد بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا هذه الأيام، وقد يكون هروبا لعدم التعليق، على أية حال مازال هناك وقتا كافيا لمعرفة رؤية تقدم للدعوة المصرية، في المقابل تعقد الكتلة الديمقراطية اجتماعا غدا “الأربعاء” بالقاهرة، للخروج برؤية موحدة على الدعوة المصرية، بحضور عدد كبير من قيادات الكتلة على رأسهم جعفر الصادق الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان.
رؤية سليمة
السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، أكد من جانبه أن الرؤية التي عرضتها القاهرة في بيانها سليمة، وأنه يمكنها معالجة أو تجاوز أو تسوية الأزمة السودانية. وقال حليمه لـ ” المحقق” إن الدعوة المصرية خطوة مهمة، تعبر عن دور مصري منشود، متوقعا استجابة قطاعات عريضة من الشعب السوداني للدعوة المصرية لتحقيق سلام شامل بحوار سوداني سوداني، معتبرا أن الدور المصري هو الأقدر والأنسب لحل الأزمة السودانية، وقال إن مصر لديها القدرة والامكانية لتحقيق ذلك، للقبول الذي تحظى به من الفرقاء السودانيين، معربا عن اعتقاده أن الدعوة المصرية تختلف هذه المرة، وقال لا أتوقع أن يرفضها أحد في السودان، لأن الامتناع معناه أنه غير راغب في السلام، مضيفا لا أظن أن هناك طرف أو جهة الآن لا ترغب في ايقاف الحرب، بعد فترة طويلة من الصراع في السودان.
بارقة أمل
ووصف الدكتور التجاني سيسي رئيس قوى الحراك الوطني السوداني الدعوة المصرية لحوار سوداني سوداني بالقاهرة بـ ” المباركة” وأنها جاءت في الوقت المناسب. وقال سيسي لـ ” المحقق” أن غالبية القوى السياسية موجودة الآن في مصر، وإن مصر استضافت مئات الآلاف من السودانين والذين لجأوا إليها بعد اندلاع هذه الحرب اللعينة، مؤكدا أن هناك فرص كبيرة جدا لنجاح هذا المؤتمر، مضيفا لو تم الإعداد لهذا المؤتمر بطريقة جيدة، وتم التشاور مع القوى السياسية، يمكن أن يلقى هذا المؤتمر فرصته في النجاح، مشيرا إلى استضافة مصر التوقيع على ميثاق السودان من عدد كبير من القوى السياسية وكذلك اجتماعات قوى الحراك الوطني والكتلة الديمقراطية، لافتا إلى أن هنالك تحركات لقوى سياسية في مصر ظلت فاعلة في المسرح السياسي السوداني، مشددا على أن هذه الدعوة بارقة أمل في أن يتولى السودانيون أمر قضيتهم بأنفسهم، وأن يتحاوروا حول أنجح السبل لارساء دعائم السلام والاستقرار في السودان.
القاهرة قادرة
كما أكد مبارك أردول القيادي البارز بالكتلة الديمقراطية أن الدعوة المصرية خطوة ممتازة، وأنها تأخرت كثيرا. وقال أردول لـ ” المحقق” إن التحصير الجيد لهذا المؤتمر سيحقق الهدف المطلوب، مضيفا أن المؤتمر هذه المرة مختلف، وأن الدعوة السابقة وقت الإطاري تم تقويضها، لأنه كان هناك خيارات وبدائل أخرى، والذين لم يستجيبوا للدعوة وقتها كان يرون أنه تدخلا مصريا في الشأن السوداني، وتابع لكنهم لن يستطيعوا المزايدة على الدور المصري هذه المرة، مؤكدا أن القاهرة قادرة على جمع الفرقاء السودانيين، وقال نرحب كثيرا بهذه الخطوة المصرية، وأن الظرف الآن مختلف، بعد فشل كل المشاريع السابقة لحل الأزمة بالبلاد.
التحضير الجيد
واتفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار في أن الخطوة المصرية مهمة وأنها تأخرت. وقال ميرغني لـ ” المحقق” إن هناك شهر تقريبا يفصلنا عن هذا المؤتمر الذي أعلنت عنه مصر، وهي فترة كافية للتحضير الجيد، والذي من الممكن أن يصل إلى إتفاق يوقف الحرب بالبلاد، مصيفا أن مصر أكثر دولة مهيأة لهذا الدور، لأنها على اتصال بكل القوى السياسية، وأنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، مشيرا إلى وجود كل الفرقاء السودانيين في مصر وأن ذلك سيسهل كثيرا في انعقاد المؤتمر، وقال إنه كان هناك مبادرة للمجلس المصري للشؤون الخارجية، وإن هذه المبادرة يمكن أن تكون خارطة طريق جيدة للوصول إلى اتفاق سريع، مؤكدا أن كل الأجندات يمكن أن تكمل بعضها البعض لحل الأزمة السودانية.
مبادرة مجتمعية
يذكر أن المجلس المصري للشؤون الخارجية كان قد طرح مبادرة مجتمعية غير رسمية لحل الأزمة السودانية، وأن المجلس التقى من خلالها حوالي 23 حزب وجهة ومنظمات مجتمع مدني وإدارات أهلية سودانية من مختلف التوجهات، وركزت المبادرة على محاور محددة أهمها تشخيص الأزمة السودانية من استقطاب وصراع حول السلطة والهيمنة، وضرورة شمولية المشاركة لكافة القوى السياسية المختلفة، وقامت المبادرة على مبادئ أساسية بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوداني والحفاظ على المؤسسات السودانية، والتوافق على أن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الشرعية بالبلاد، بالإضافة إلى المحور الأمني والعسكري لوقف إطلاق النار، ومعالجة الأوضاع الإنسانية، علاوة على المحور السياسي الذي تتولى بموجبه حكومة كفاءات في فترة انتقالية مدتها عامين، وكذلك محورا لإعادة إعمار السودان.