تقارير

“المحقق” تقف على التفاصيل – إجتماعات القوى السياسية السودانية بين القاهرة وأديس أبابا.. مصر تكسب

القاهرة- المحقق – صباح موسى

انتقل المشهد السياسي السوداني في الأيام الأخيرة من حالة الركود والاقصاء والانقسام إلى مستوى أولي من التفاعل بين القوى السياسية المختلفة، بدأت ملامحه في اجتماعات القاهرة في السادس من الشهر الجاري، وحضرها عدد كبير من الفرقاء، تلتها اجتماعات موازية للإتحاد الأفريقي بأديس أبابا، رفضت تنسيقية القوى المدنية “تقدم” المشاركة فيها.

ملاحظات
الملاحظ في إجتماعي القاهرة وأديس أبابا، أن القوى السياسية التي كانت محسوبة على العاصمة المصرية انقسمت فيما بينها حول التوقيع على البيان الختامي، لعدم ادانة الدعم السريع بشكل مباشر، فيما بدت تقدم متماسكة وكأنها هي القريبة من مصر، في وقت رفضت فيه الانضمام لاجتماعات الإتحاد الأفريقي، رغم محسوبيتها عليه وعلى أديس أبابا، وذلك لرفضها مشاركة بعض الشخصيات في الإجتماعات، الأمر الذي رفضه الإتحاد، وتكمل القوى السياسية المحسوبة على القاهرة اجتماعاتها في أديس أبابا تحت مظلة الإتحاد الأفريقي بنجاح، لتنتهي الخطوة الأولى من الحراك، وكأن القوى المحسوبة على القاهرة تختار أديس أبابا، والعكس بدعم القوى المحسوبة على أديس أبابا لمنبر القاهرة.

محور الخلاف
كما ظلت التفاصيل التى رآها البعض “هامشية” هي محور الخلاف بين الكتلة الديمقراطية وتقدم، في التفاوض المباشر وادانة الدعم السريع ومشاركة المؤتمر الوطني في الحوار، ويختلف منبر القاهرة عن الاتحاد الأفريقي رغم الاتفاق على المجتمعين، في أن أجندة القاهرة كانت تدعو لكيفية إنهاء الحرب والقضية الإنسانية والتأسيس لمنبر سياسي، أما أجندة الإتحاد الأفريقي فدعت للتأسيس لحوار سوداني سوداني.

حراك سياسي
الخلاصة أنه رغم هذه الخلافات، إلا أن الحراك السياسي قد بدأ بالفعل، وبدت القاهرة فيه أكثر تقدما لجمع كل الفرقاء تحت سقف واحد لأول مرة بعد اندلاع الحرب في السودان، ومن المتوقع أن تشهد مصر اجتماعات تكميلية جديدة للوصول إلى نتائج متفق عليها بين الفرقاء خلال الأيام المقبلة، كما ينتظر اجتماع أخر للإتحاد الأفريقي قد يكون في نهايات الشهر الجاري لكتلة تقدم للخروج برؤية حول كيفية تأسيس الحوار السوداني السوداني، ليفرز هذا الحراك فصل المنابر التفاوضية، لتبقى المفاوضات العسكرية في جدة بين القوات المسلحة والدعم السريع والتي مازلت مجمدة، والحوار السياسي مابين القاهرة وأديس أبابا، والمفاوضات الانسانية في جنيف، على أن تصب نتائج اجتماعات مصر والاتحاد الأفريقي وسويسرا في جدة، وقد يكون هذا الفصل ايجابيا – رغم الخلافات في كل منبر – إلا أن وضع البيض كله في سلة واحدة كان يزيد من تعقيد المشهد برمته.

الجلوس المباشر
ويبقى الخلاف السياسي بين القوى السياسية في الجلوس المباشر، الذي ترفضه الكتلة الديمقراطية في الإجتماعات الرسمية وتقوم به بالفعل في الغرف المغلقة بعيدا عن الإعلام، في المقابل ترفض تقدم وجود بعض الشخصيات في اجتماعاتها مع الكتلة الديمقراطية، واعتراضها على وجود المؤتمر الوطني في أي نقاش، وعدم قبولها لإدانة الدعم السريع دون الجيش، فالى أي مدى تفرز هذه النقاشات حوارا حقيقيا حول القضايا الأساسية في الأزمة، وهل يحقق إختلاف الرؤى والانقسام داخل تقدم بالجلوس مع الفرقاء، وتخفيف لهجة الاقصاء الكامل التي اتبعتها فترة طويلة في اختراق الأزمة، بعد ظهور تيارين داخل تقدم أحدهما بقيادة حمدوك وعمر الدقير وبابكر فيصل لامانع لديه من ضرورة الحوار، وبين تيار بقيادة ياسر عرمان مازال في موقفه من الاقصاء، في مقابل تباين الآراء في الضفة الأخرى من الكتلة الديمقراطية، أحدهما مع الجلوس المباشر مع تقدم، والآخر رفضه هذا الجلوس وعدم الاعلان عنه حتى وان حدث بعيدا عن الأضواء، وظهر ذلك جليا بعد إعلان مبارك أردول اجتماعهم مع تقدم بعد اجتماعات أديس أبابا، ونفي نور الدائم طه هذا الأمر تماما، رغم أن مصادرنا من أديس أبابا أكدت حدوث هذا اللقاء بين خالد عمر وعبد العزيز عشر ومحمد وداعه ونور الدائم طه وأردول داخل الفندق الذي أقيمت فيه الاجتماعات، وتم النقاش حول مخرجات الاجتماعات، ولماذا رفضت تقدم المشاركة، رغم أن البيان الختامي تضمن عدم مشاركة المؤتمر الوطني -كما تريد تقدم- في الحوار، ورد خالد عمر بأن الخلاف كان مع الاتحاد الأفريقي.

لقاء عابر
من جانبه أوضح محمد وداعه القيادي بحزب البعث السوداني أن ماحدث بينهم وبين خالد عمر القيادي بتقدم مجرد لقاء عابر في نفس الفندق الذين يقيمون جميعا فيه، وأنه لم يكن لقاء مرتب له، وقال وداعه لـ ” المحقق” الذي رفضناه في القاهرة بعدم الجلوس المباشر مع تقدم، لم تقبله في أي مكان آخر، مضيفا أن ما أعلن حول هذا اللقاء يخص أردول ولا يخصنا، والكتلة الديمقراطية نفسها نفت ذلك.

الفرق بين الاجتماعين
وابان وداعه أن الفرق بين اجتماعات القاهرة وأديس أبابا أنه كانت هناك آلية واضحة منذ البداية في أديس أبابا خاصة بالمجموعة التي قبلت الدعوة، وقال إنه بعد الإفتتاح تم اختيار لجنة ركزت على مشاركة المؤتمر الوطني في الحوار، وأنها أخذت أكثر من جلسة في ذلك، مشيرا أن هذا الأمر لم يكن مطروحا في مبادرة القاهرة، وقال إن الاتحاد الأفريقي هو الذي طلب منا الإجابة على مشاركة المؤتمر الوطني، لكن مصر لم تطلب ذلك، وتابع لم نكتف بأجندة الإتحاد الأفريقي، وأدخلنا أجندتنا حول مكان الحوار السوداني وزمانه وقضاياه والمشاركون فيه، ودور المجتمع الدولي واتفقنا على تثبيت أن يكون هذا الدور مسهلا للحوار وليس متدخلا فيه، لافتا إلى أنه لم يذكر مشاركة المؤتمر الوطني صراحة، وقال لكن الوثيقة الدستورية حظرت الوطني وواجهاته، وإن هذا القانون سار المفعول حتى الآن، مضيفا ذكرنا أن أي شخص ارتكب جرائم حرب وانسانية وابادة جماعية وانتهاكات يحظر من الحوار، وقال يمكن للمؤتمر الوطني أن يشارك في مرحلة المؤتمر الدستوري، التي تناقش قضايا الدستور والإنتخابات وكيف يحكم السودان والدين والدولة، وتابع أن هذه كلها قضايا لم يعزل فيها أحد بموجب المواطنة، فهي ليست حقا سياسيا، ولا يستطيع أحد أن يعزل أحد فيها.

فرصة أكبر
وأكد وداعه أن القاهرة لديها فرصة أكبر، وأنها استطاعت جمع الفرقاء، ورغم التباينات إلا أن ماحدث بها ليس قليلا، وقال كما أن المجتمعين اتفقوا على دور القاهرة والجميع لبوا الدعوة، مضيفا تحدثنا مع الإتحاد الأفريقي بأن مكان الحوار هو السودان، وأنه إذا تعذر ذلك تكون القاهرة هي المكان البديل، وذلك لأن مصر لها مصلحة مباشرة وتتحمل نتائج الحرب من نزوح ولجوء وغيره من إفرازات الحرب، وتابع ليس لدينا مانع للجلوس مع تقدم بشكل مباشر، لكن بعد الوصول إلى الاتفاق على لجنة تحضيرية بين الطرفين، أما المرحلة الأولى من الصعب حدوث ذلك، مشددا على ضرورة استمرار الحوار السوداني لأنه لا يوجد بديل غيره.

زوايا إيجابية
ورأى وداعه أن هذا الحراك السياسي به زوايا ايجابية أهمها حصر دور المجتمع الدولي والاقليمي في تسهيل عملية الحوار، وقال بذلك وضعنا خط أحمر أمام التدخلات الدولية، كما ثبتنا القاهرة كمكان مناسب متفق عليه لهذا الحوار، وينبغي أن تستمر القاهرة فيه، مضيفا كما اتفقنا على أن يكون الحوار السوداني السوداني بعد وقف إطلاق النار، وأيضا طالبنا من تقدم بفك ارتباطها السياسي مع الدعم السريع، موضحا أن المجتمعين في أديس أبابا قدموا ورقة متماسكة حددت فيها الأمور بصورة دقيقة، وقال إن الورقة حوت كل الظروف والافتراضات والملابسات التي يمكن أن تكون حجر عثرة في طريق الحوار، مضيفا اتفقنا كذلك على أن تكون جدة معنية بوقف اطلاق النار والقضايا الفنية والإنسانية، أما مايعنينا كقوى سياسية هو الحوار السياسي، فهو حوار منفصل تماما عن المفاوضات العسكرية.

آلية ناقصة
من جانبه أكد الدكتور محمد زكريا الناطق الرسمي للكتلة الديمقراطية عدم جلوس الكتلة مع تقدم في أديس أبابا. وقال زكريا لـ ” المحقق” حرصنا على ذكر المبادرة المصرية في البيان الختامي في أديس أبابا، مضيفا أن القاهرة شهدت حضورا كثيفا للفرقاء والمجتمع الدولي على عكس اجتماعات الإتحاد الأفريقي التي قاطعتها تقدم، موضحا أن اجتماعات أديس أبابا لم تجعل من منها منبرا لتشكيل أي من الآليات على عكس القاهرة، وقال إن ألية أديس أبابا ناقصة، وتم نقاش القضايا الإجرائية الخاصة بالحوار السوداني، أما القاهرة فناقشت القضايا الإجرائية وقضايا الحوار نفسه، مضيفا نرى أن القاهرة يمكن أن تنتج مزيدا من اللقاءات المستقبلية، أما أديس أبابا فمن الصعوبة تحقيق ذلك.

أمر يخصها
ولفت ذكريا إلى أن رفض تقدم لمشاركة المؤتمر الوطني في الحوار أمر يخصها، وقال أما نحن نرى أنه لابد أن يكون الحوار شاملا، ولا يمكن استثناء إلا من ارتكب جرائم حرب نصت عليها المؤسسات الدولية، وأن الذي لم تقع عليه هذه الجرائم من حقه المشاركة، واستندنا في ذلك إلى الوثيقة الدستورية، مشيرا إلى رفضهم الجلوس المباشر مع تقدم لتوقيعهم إعلان مباشر مع الدعم السريع، مشددا على دعم الكتلة الديمقراطية للمبادرة المصرية، وعلى الدور المصري في الأزمة، وقال إن أهم انجاز للقاهرة هو التأكيد على وحدة الدولة السودانية ودعمها للمؤسسات السيادية، واتفاق الفرقاء على لجنة محل توافق من الجميع، مضيفا أن القاهرة تدعم الاتجاه الذي يسعى إليه الأطراف بتهيئة البيئة والمناخ وبناء الثقة وتذليل العقبات كميسريين، مؤكدا أن كل ذلك من أهم انجازات المبادرة المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى