تقارير

24 القرشي: مدينة الحجارة التي تحاصرها الأمطار

المحقق – محمد مصطفي المامون

قبل نحو أسبوع، اجتاحت مدينة 24 القرشي وماحولها أمطار غزيرة أغرقتها بالكامل، وتهدمت منازل في أحياء أبو الحسن والحي الأهلي والحي الجنوبي، و مايزال السكان والنازحون يعانون من تداعيات هذه الأمطار.

غياب السلطات

يقول سكان المنطقة إن غياب السلطات الحكومية المحلية، والفجوة ما بينها ووزارة الري وإدارة مشروع الجزيرة فاقمت الوضع بالكسور الكبيرة في المصارف التابعة للمشروع وانسداد مجاري تصريف المياه، وقدرت الخسائر الأولية حتي الآن بأكثر من مليون دولار، في تقديرات غير رسمية، وما تزال مياه الأمطار تحاصر “مدينة الحجار” من كل اتجاة والوضع مايزال كارثياً ومرشح للأسواء، حسب إفادات السكان الذين تحدثوا لموقع “المحقق” الإخباري.

المدينة التي كانت

حين يعيش صاحب الحظ السعيد من الناس، بين جداول مياه، وأشجار وارفة ومبان حجرية مبنية على الطراز القديم، ومشاغل ومصانع وورش ومتاجر ومشاتل ومدارس ومعاهد ومنابر ومناور ومساجد وميادين ومسارح ومخطط عمراني ومنابع مياه عذبة، وحين يتمتع بخدمات طبية وصحية وكهرباء متواصلة فإنه بالتأكيد قد بلغ مقام العيش في “24 القرشي”، وهكذا كانت المدينة!!

كتاب التخطيط

مدينة “القرشي” ليست مدينة كاملة الأوصاف ، كما وضعها كتاب التخطيط العمراني وحسب، وإنما هي أيضاً نسيج اجتماعي شكّل لوحةً نادرة، أثمرت إنساناً ناجحاً وسفيرا يحمل الخير والجمال والتوازن الاجتماعي.

ومًن حملته (الظروف) والمقادير أن يعيش بين يدي خيار من خيار لابد أنه رضع من ثدي حاضنة الخدمة المتكاملة، فهي مدينة (الورد) و (الود) و (الوردة) و(الأوراد) مرصعة بأسماء خدمت وبذلت وانتجت وخلدت ذكريات وبذور و(بروغ) وبروج (حامت) في الأجواء وعطرتها بقيم الخير والجمال.

التأسيس والتاريخ

تأسست المدينة في العام 1959 في عهد الرئيس إبراهيم عبود بتمويل من قرض كويتي، لتكون رئاسة لمشروع المناقل، وسميت ب 24 عبود في وقتها، غير أنه أطلق عليها لاحقاً في العام 1964 اسم 24 القرشي تيمناً بشهيد ثورة أكتوبر “القرشي” وكان قد جري تشييدها من الحجارة. لتصبح أو مدينة عمالية حجرية في السودان.

موجات النزوح

بعد استيلاء مليشيا الدعم السريع على عاصمة ولاية الجزيرة (ود مدني) استقبلت 24 القرشي موجات نزوح عاتية، واستضافت بيوت أهل المدينة، قبل ذلك وبعده، الآلاف من النازحين من الخرطوم والجزيرة وسنار، وقدمت أكثر من 250 شهيداً في مجزرة ود النورة ريفي المحلية

في انتظار التحرير

ما يزال سكان 24 القرشي وسكان ولاية الجزيرة عموماً في انتظار أن ينقشع عنهم كابوس مليشيا الدعم السريع والمتعاونين معها، وقد انخرط الكثيرون من أبنائها في المقاومة الشعبية، رداً للعدوان ودفاعاً عن أهلهم، أما السكان العاديون، مَن نزح منهم ومَن بقي، فهم بانتظار يوم الفرح الأكبر، يوم أن تعلن القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة والمستنفرون، أنه تمّ تطهير المدينة وأن الولاية قد أضحت خالية من التمرد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى