تقارير

أفريقيا تضع مسألة عدالة تمثيلها في مجلس الأمن على رأس أجندتها في “قمة المستقبل”

المحقق – عثمان صديق

قبيل انعقاد “قمة المستقبل” للأمم المتحدة المتزامنة مع الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، والمقرر لهما الشهر المقبل، يجئ تسليط الضوء على الطلب بعدالة تمثيل القارة الأفريقية في مجلس الأمن الدولي.

و من المنتظر أن تسفر “قمة المستقبل” عن رؤية شاملة جديدة للتعاون الدولي خلال هذا القرن، فالمسودة الأخيرة للقمة والتي تحمل عنوان “ميثاق المستقبل” تجعل من إصلاح مجلس الأمن أولوية لها وتَعِد بالتوصل إلى نتيجة “طموحة”، إلا أن صياغة محددة لذلك لم تعلن بعد.

ونادى رئيس سيراليون “يوليوس مادا” الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية للمجلس – عن شهر أغسطس – نادى بإعطاء الأولوية لقارته في أي تغيير هيكلي لمجلس الأمن ، وقد عقدت بلاده اجتماعاً مشهوداً بمجلس الأمن الأثنين 12 أغسطس وصفه موقع الأمم المتحدة الإخباري بأنه كان بمثابة “مناقشة رفيعة المستوى حول معالجة الظلم التاريخي وتعزيز التمثيل الفعال لأفريقيا في مجلس الأمن”، وركز فيه رئيس سيراليون بصورة واضحة على الطلب طويل الأمد الذي ظلت تنادي به الدول الأفريقية بهدف الحصول على المزيد من المقاعد في مجلس الأمن الدولي بما في ذلك مقعدين دائمين، ويحتمل أن يتمتعا بحق النقض، وأضاف أن إفريقيا لا يمكنها الانتظار أكثر من ذلك.

وجاء في كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في ذلك الاجتماع دعوته إلى إصلاح عاجل لمجلس الأمن، منتقداُ هيكله القديم ونقص التمثيل لأفريقيا، والذي قال إنه يقوض مصداقية الهيئة وشرعيتها العالمية.

وأورد موقع “أفريكا نيوز” تصريحات السيد يوليوس التي جاء فيها: “لقد انتهى وقت أنصاف التدابير والتقدم التدريجي. ويجب الاستماع إلى أفريقيا وتلبية مطالبها المتعلقة بالعدالة والإنصاف”، واصفاً قارة أفريقيا بأنها ضحية لا يمكن إنكارها لهيكل مجلس أمن غير متوازن وتمثيل غير منصف عفا عليه الزمن ، وأعرب عن تفاؤله في مؤتمر صحفي (الأثنين) الماضي :”نحن مقتنعون بأنها مسألة وقت، وسيجد حراس البوابة صعوبة في السماح لنا بالدخول، ولكن لدينا حجج حقيقية ومقنعة”.

وصرح وزير خارجية ناميبيا بيا موشيلينجا للمجلس بأن مسألة المقاعد الدائمة، على وجه الخصوص، تحتاج إلى معالجة عاجلة. وأمن رئيس الجمعية العامة دينيس فرانسيس على أن أفريقيا ممثلة بشكل ناقص للغاية في المجلس وأن الوضع الراهن خاطئ بكل بساطة.

ويشير موقع “المحقق” الإخباري إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يسمع فيها المجلس دعوات لتوسيع وإعادة توزيع عضويته، كما أن البلدان الأفريقية ليست الوحيدة التي تسعى إلى تمثيل أكبر. ورغم أنه من المتفق عليه عموماً أن المجلس لابد وأن يتغير، فقد تعثرت المناقشات بسبب الخلافات حول مدى توسيع المجلس، وأي الدول ينبغي أن تجد حظها فيه، وما هي السلطات التي ينبغي منحها. وقد طالب الاتحاد الأفريقي بمقعدين منتخبين إضافيين – ليصبح المجموع خمسة – ومقعدين دائمين لبلدان القارة.

جدير بالذكر أنه تم إنشاء مجلس الأمن عام 1945 في محاولة للحفاظ على السلام العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ويمكن لمجلس الأمن فرض عقوبات ونشر بعثات لحفظ السلام واعتماد قرارات ملزمة قانونا، على الرغم من تجاهلها في بعض الأحيان ويعكس تكوينه هيكل النفوذ في فترة ما بعد الحرب حيث كانت فيه معظم أفريقيا تحت الاستعمار الأوروبي، وتتمتع فيه خمس دول فقط بالعضوية الدائمة وحق النقض وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا. أما عشرة مقاعد أخرى – ستة في الأصل، حتى التوسعة عام 1965 – فقد تم تخصيص ثلاثة مقاعد لقارة أفريقيا وهي مقاعد تتناوب عليها الدول التي تنتخبها الجمعية العامة الموسعة حسب المنطقة ، ومدة ولايتها عامين، ولا تملك حق النقض.

وتعتبر أفريقيا أسرع قارات العالم نمواً سكانياً، إذ يبلغ عددهم 1.3 مليار نسمة. وتمثل دول القارة البالغ عددها 54 دولة 28% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتوجد خمس من عمليات حفظ السلام الحالية التابعة للأمم المتحدة والبالغ عددها 11 عملية في أفريقيا، وكذلك بها أربع من أكبر عشر دول مرسلة للقوات. لكن من المرجح أن يؤدي أي تحرك لإرضاء أفريقيا إلى توليد ضغوط من شأنها أن تدفع المنظمة الأممية إلى النظر في مقترحات دول أخرى.

أن قضية التمثيل العادل والمنصف للقارة الافريقية وغيرها من الأقاليم وربما الدول، طال التداول حولها في أروقة المنظمة الأممية، لكن برز جلياً أنه آن الأوان لضحايا النفوذ الغربي وهيمنته على المشهد الدولي أن يتضامنوا بحزم حتى لا تضيع من ايديهم الفرصة الثمينة التي يوفرها انعقاد “قمة المستقبل” فالمشكلة أضحت واضحة والحاجة ملحة لإيجاد الحلول.

إن القمة توفر فرصة حاسمة لإحراز تقدم بشأن هذه القضايا، والمساعدة في ضمان قدرة جميع البلدان على المشاركة بشكل هادف في هياكل الحوكمة العالمية على قدم المساواة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى