رأي

لهذا السبب صمدت الفاشر و المدرعات..

دكتور محمد صالح الشيخابي

بدون مقدمات.. لأنها وطنهم.. المدرعات مكان عملهم و أشلاق المدرعات مكان سكنهم و منشأ طفولتهم و فيها أمهاتهم و آباؤهم وبنتاهم و زوجاتهم و أطفالهم و أعراضهم..

(أشلاق) المدرعات الأرض و العرض و (أخلاق) المدرعات الرجولة و الفداء و الصبر..

كذلك فاشر السلطان و محمل الكعبة، لا ينظر لها أهلها على أنها مجرد مدينة بل هي عزهم و سؤددهم و تاريخهم..

فضلا عزيزي القارئ قبل الاسترسال في المقال طالع رواية مسيح دارفور لبركة ساكن لتعرف عمّ أتحدث في هذا المقال ..كما أقترح عليك مطالعة رواية (شوق الدرويش) للكاتب حمور زيادة فهي تتحدث عن نفس أفعال الجنجويد و لكن في فترة المهدية !!

في رواية مسيح دارفور رفض أحد أبطال الرواية المذكورة مغادرة القرية رغم اقتراب الجنجويد منها و رغم هجرة كل أهل القرية، و قال إن كان لا بد من الموت فسيموت في داره التي ورثها عن أجداده و لكن بعد أن يقتل عشرة من الجنجويد على الأقل!!

فقضي شهرا يقوم بتسميم الحراب و السهام و السكاكين .. الأسلحة البيضاء التي بحوزته بسم قاتل فتاك زعاف بحيث إذا نجا الجنجويدي من الطعنة لن ينجو من السم الرهيب القاتل .. و هكذا تركهم يدخلون داره و اختبأ في الأشجار حول الدار ثم انهالت السهام المسمومة على الجنجويد (من كل النواحي) و جن جنونهم و كلما بحثوا عن مصدر السهام في ناحية انهالت عليهم من ناحية أخرى إلى أن قتل تسعة منهم ثم سقط شهيداً..

(عبد الرحمانة) و هو إسم شائع في دارفور (إحدى أبطال الرواية) أيضا قررت – بعدما تم اغتصابها – قررت ألا تموت إلا بعد أن تقتل عشرة من الجنجويد و قد فعلت و قتلت إثنين قبل أن تنضم لمعسكرات المقاومة…

الآن ومنذ بداية الحرب لو أي واحد فينا تكفّل بقتل دعامي، أليس من الممكن أن تكون “أمورنا وضحت”؟؟

ستقول لي نحن مدنيين و عزل و هم مدربين و مسلحين.. نعم.. سآتي لهذه النقطة في نهاية المقال..

عند دخول قوات خليل لأم درمان عام 2008 يُقال أن المواطنين قاموا بتضليل سيارات الغزاة من مباني الإذاعة و التلفزيون و وصفوا لهم طريقاً يضعهم في مرمى نيران الجيش و قوات الأمن.. رغم ان قوات خليل شهد لها الكل بعدم التعرض للمواطن نهائياً.. ولكن لم يرحب الناس بهم و لا بطريقتهم لاستلام السلطة رغم أن بعض سكان أم درمان ينتمون لنفس المكونات القبيلة لحركة خليل و لكن الإنتماء لأرض أم درمان جعلهم يرفضون الغزاة و ضللوهم عن طريق الاذاعة و التفزيون لأن أهل أم درمان ينتمون لها .. مثل أهل الفاشر وأهل المدرعات..

إضافة لذلك فإن أهل الفاشر و دارفور لديهم رغبتهم في الثأر و الإنتقام لضحايا الجرائم و المجازر التي ارتكبها الدعامة..

الإنتماء للأرض و اقتناعك بألا بديل لأرضك إلا أرضك هو العامل الأول و الأساسي للصمود و صد الغزاة ..

و لكن هل يكفي هذا فقط ؟؟

بالطبع لا… لا بد من التسليح الجيد فوق العادة و التدريب المكثف فوق العادة كما تم تدريب أبطال الميل 40 في نهاية التسعينات حيث تم اختيارهم بعناية من قدامى المجاهدين الذين ذهبوا للعمليات مراراً بمعنى أنهم تلقوا التدريب الأساسي و خاضوا الحرب فعليا عدة مرات و تم تأخير الدفع بهم إلى خطوط القتال لمدة شهرين تم تدريبهم فيها تدريباً شاقاً مكثفاً و عنيفاً و قاسياً جداً على أيدي قوات الصاعقة و تم زيادة قدراتهم القتالية و تمارين التحمل بالإضافة للتدريب على كل الأسلحة بما فيها مضادات الدبابات و الطيران و غيرها ثم كانت النتائج المبهرة في الميل 40 والمعارك التي تلتها..

لا يكفي للنصر الإستنفار الكسول المتثائب الذي تقوم به بعض الولايات الآن.. ماذا يعني أن تستنفر في كل قرية 200 شاب و مراهق و تعلمهم (بيادة و صفا انتباه) و فك و تركيب السلاح و تخرجهم في احتفال بتهليل و تكبير ثم تأتي لتوزعهم على “الارتكازات في الزلط” كل عشرة اشخاص في خيمة!!

الحرب ليست نزهة و الدعامة قتلة محترفون.. لا بد من سيناريو الدبابين ومن التدريب المكثف و التسليح الثقيل و العددية الكبيرة..

ربنا قال و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة :

1- الإنتماء للأرض والإحساس بالوطن..

2- الرغبة في الثأر للأرض و للعرض و الشهداء..

3- التدريب المكثف العنيف القاسي..

4- التسليح الكامل و العدة و العتاد..

تلك عوامل النصر الأساسية من إعداد القوة التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى..

النقطة رقم (1) و (2) مسؤولية المواطن و النقاط (3) و (4) مسؤولية الدولة و قواتها المسلحة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى