رأي

جبهة داخلية موحدة خلف القوات المسلحة

دكتور محمد عثمان عوض الله

من أهم نتائج الامتحان الذي يتعرض له السودان حكومة و شعباً الآن، أنه وحد وجدان السودانيين الوطنيين كافة. و أنتج تحالفاً وطنياً صلباً برؤية موحدة.

هذا التحالف أو التيار الوطني اتحد أولاً ، ثم اتفق على التعريف الصحيح للمشكلة ثانياً، و رتبت أهدافه و أولوياته ثالثاً، وحدد وسائله رابعاً. إلا فئة قليلة شذت عن هذا الإجماع أسمت نفسها بنفسها: عملاء السفارات.

دعونا نبين في هذا المقال تفاصيل ذلك ونقدم الاثباتات والأدلة.

أولاً هل فعلا توحد السودانيون؟

1/ ألم يجتمع كبار من يُصنفون بأنهم قادة للفكر العلماني من أمثال بروف محمد جلال هاشم، وبرف عبد الله علي إبراهيم، و برف عشاري و الاستاذ الصحفي محمد محمد خير، والروائي العالمي عبد العزيز بركة ساكن، والاستاذ الجامعي الدكتور الواثق كمير، والقيادي الوطني الأستاذ محمد وداعة وغيرهم كثيرون، في طليعة هذا الصف الوطني المتحد؟

2/ ألم يقف كبار قادة التيارات الإسلامية الفكرية والسياسية المختلفة، مع هذا الصف الوطني المتحد بل وكانوا سباقين في الاستجابة لدعوة القائد العام للقوات المسلحة للاستنفار الشعبي؟

3/ ألم يقف قادة وشباب ثورة ديسمبر، وحملوا السلاح في الخطوط الأمامية جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة؟ وهل هنالك وقفة اقوى وأصلب وأكثر تجرداً ووطنية من الذين يقدمون أرواحهم طواعية؟

4/ حركات الكفاح المسلح التي يقف مقاتلوها الآن بعشرات الآلاف في خط الدفاع الأول عن الوطن في كل جبهات القتال الحقيقية، في الفاشر و مدني، و أم درمان وغيرها. تحت قيادة وإمرة و ضبط وتسليح وقانون القوات المسلحة.

5/ ألم يقف قادة الرأي العام و المثقفون وكل القطاع المهني بتخصصاته المختلفة، الصحفيون وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسون وموظفو القطاع العام والخاص، ألم يقفوا صفاً واحداً داعماُ بالإعلام الشعبي و بالحوار الوطني الداخلي وبالنصح والتحليل والتفسير وتقديم التوصيف الصحيح والسرديات الصحيحة في وجه الحملات الإعلامية المضللة المدفوعة الثمن على شراستها؟ وفي سبيل ذلك ابتكروا اعلام الكرامة بالصحف الورقية والإلكترونية والقنوات الفضائية والمقالات والحوارات والمداخلات والمنشورات ومنصات الإعلام الحديث بالواتساب والفيسبوك والتيك توك والتويتر وغيرها.

6/ ألم تقف التكتلات و الأحزاب السياسية، يمينها و يسارها، والقوى المدنية، موقفاً صلباً داعما للجيش في تحالف وطني عريض يضم الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، قوى الحراك الوطني، تنسيقية العودة إلى منصة التأسيس، تحالف سودان العدالة، تحالف الخط الوطني، المؤتمر الشعبي، الإدارة الاهلية، الطرق الصوفية، منظمات المجتمع المدني، اعلان مبادئ ثورة ديسمبر، لجان المقاومة، المجتمع المدني والقوى الشبابية.

7/ ألم يقف ملايين من أبناء الوطن من الرجال والنساء و رجال الأعمال والرأسمالية الوطنية وأبناء الجاليات السودانية بالخارج، ليقدموا الدعم اللوجستي بكل أنواعه إلى الجيش والمستنفربن في معركة الكرامة.

8/ حتى أن القبائل التي اتهمت بموالاة التمرد، واختطفت المليشيا اسمها، انتفضت عبر التنسيقيات ووقفت موقفاً وطنياً مشرفاُ تعرضوا خلاله للتهديد والاستهداف.

9/ حفظاً للكبار بحقوقهم و اعترافاً بجهدهم ومواقفهم: ألم تقف جميع التيارات الاتحادية المختلفة، برئاسة المرغني و القادة الاتحاديين الاخرين (استثناء العملاء الذين لا قواعد ولا وزن ولا ذكر لهم). ألم يقف حزب الأمة بتياراته المختلفة معظم أهل البيت الكبير والقاعدة الرياضة من الأنصار في امتداد كل ولايات السودان: مبارك، الأمير عبدالرحمن، الدكتور الصادق الهادي، وغيرهم، أما قادة حزب الأمة على رأسهم نواب الرئيس فقد انحازوا إلى الصف الوطني (عدا العملاء المسترزقين).

10/ الوقفة الصلبة والقوية التي وقفتها الجاليات السودانية في مختلف دول العالم خاصة في أوروبا، كانت إضافة وطنية نوعية مهمة. قطعت الطريق أمام العملاء ومنعتهم من اختطاف الموقف الوطني والمتاجرة به لدى الحكومات الأوروبية والغربية. واكدت أن الإجماع الوطني لا يشمل أبناء الوطن بالداخل فحسب، وإنما حتى بالخارج، وأن الاعتراض على المليشيا والعملاء ليس بسبب الدوافع السياسية وانما هو موقف وطني وأخلاقي وقانوني وحد وجدان كل أبناء الوطن بالداخل والخارج. خاصة ملاحقتهم للعملاء من قادة تقدم و حشودهم الكبيرة واحتجاجاتهم أمام السفارة الإماراتية.

متى اجتمعت وتوحدت الإرادة الوطنية بمثل ما اجتمعت عليه الان؟

ثانيا تعريف المشكلة؟

توحد كل فئات الشعب أعلاه على التوصيف الصحيح بأن:

1/ ما يتعرض له السودان هو عبارة عن غزو أجنبي تموله الإمارات، و تحميه أمريكا وبريطانيا، و تشترك فيه أكثر من ثمانية دول بالمرتزقة، وتشارك فيه تشاد بمطاراتها وحدودها لتهريب السلاح والمرتزقة إلى المليشا.

2/ أن الحرب تشنها المليشيا بجناحيها العسكري بقيادة ال دقلو، والسياسي بقيادة قحت/تقدم، تمردوا على الدولة للاستيلاء على السلطة، ثم حولوها حرباً على الشعب نفسه وارتكبوا ضده أبشع وكل أنواع الجرائم.

3/ أن الشرعية الان لمؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والحكومة المدنية المهنية التي تدير العمل في دولاب الدولة.

4/ التمرد والمجرمون لا قبائل لهم وأن وحدة الجبهة الداخلية ووحدة النسيج الاجتماعي تتطلب أن يقبل السودانيون بعضهم بعضاً وأن تنفض القبائل التي سرقت المليشيا اسمها، تنفض يدها من المليشيا وتستنكر ما تفعله وتدعو أبناءها الى العودة منها إلى حضن الوطن.

ثالثاً: تحديد أهداف وترتيب أولويات البرنامج الوطني

أجمع كل الطيف الاجتماعي والسياسي والفكري والثقافي أعلاه على الأهداف والأولويات الآتية:

1/ تنفيذ اتفاق جدة وخروج المليشيا من منازل المواطنين، كأولوية أولى لا تسبقها أولوية.

2/ ينحصر التفاوض الآن في القضايا الإنسانية وفي كيفية تنفيذ مخرجات جدة وتحديد آلياته.

3/ لا تفاوض في القضايا السياسية في ظل استمرار الحرب وجرائم المليشيا ضد المواطنين.

4/ لا وجود عسكري ولا سياسي للمليشيا في مستقبل الحياة السياسية والعسكرية في السودان.

5/ تقديم كل من أجرم في حق الوطن والمواطنين من أفراد المليشيا ومن ساعدهم وساندهم من قادة قحت/تقدم إلى المحاكمة.

6/ قيام حوار سوداني داخلي لا يستثني أحدا إلا من تمت إدانته قضائيا.

7/ مرتكزات البرنامج الوطني الكلية: (بذل الدعم بكل انواعه للقوات المسلحة واعتبارها رأس الرمح في ضمان التصدي لكل ما يهدد وجود الوطن. إفشال المشروع الخارجي ومعاقبة عملائه من الداخل على كل الانتهاكات التي ارتكبوها، التصدي للعدوان الدولي وتحميل الامارات مسؤولية النتائج، جمع الصف الوطني دون إقصاء إلا بالقانون لبلورة رؤية وطنية شاملة لكل الإشكالات، … الخ.)

رابعا الآليات ووسائل التنفيذ:
توحد الطيف الوطني أعلاه على آليات التنفيذ التالية:

1/ فترة انتقالية قصيرة تعقبها انتخابات.

2/ حكومة وحدة وطنية غير حزبية.

3/. الجيش يمثل السيادة الوطنية الضامن لتنفيذ اتفاق القوى الوطنية خلال الفترة الانتقالية إلى قيام الانتخابات.

المشروع الخارجي الذي تموله الإمارات وتنفذه المليشيا وتقدم
من أهم ملامح وحدة الجبهة الداخلية، أن جميع مكوناتها الموصوفة أعلاه، متفقين على التوصيف الصحيح للمشروع الخارجي بالتفاصيل الآتية:

1/ التخطيط والأهداف الاستراتيجية: أمريكية صهيونية.

2/ التمويل تقدمه دولة الإمارات.

3/ التنفيذ: تقوم به مليشيا الدعم السريع و قحت/تقدم.

4/ أهم ملامح هذا المشروع أنه ينزع الشرعية من الحكومة، يساوي بين الجيش الوطني والمليشيا.

5/ يغطي على جرائم المليشيا و يسميها انتصارات عسكرية.

6/ يقف ضد المقاومة الشعبية

7/ يدعو الجيش إلى الاستسلام للمليشيا.

8/ يدعو إلى فرض حظر طيران على السودان

9/ يدعو الأمم المتحدة للتدخل العسكري بسلاح أقوى من بندقية الجيش.

10/ يدعو لأن تكون قحت/تقدم هي الممثل الوحيد للمكونات المدنية السودانية.

11/ يعترف بعمالته للدول، ويأخذ منها الأموال، وتقيم كثير من قيادته وعوائلهم فيها، و من ضمن تصريحاته: (نثق في حكمة القيادة الأماراتية. ندعو الحكومة للتعامل بديبلوماسية مع الإمارات حتى تحافظ على علاقتها بها. التدخل الاماراتي الخشن في السودان شيء طبيعي ومعمول به وفق الأعراف الدولية).

وبعد:
هذه ليست خواطر، وليست أمنيات. وليست معلومات متناثرة أجمعها بحكم تخصصي الأكاديمي. إنما واقع عايشته و وجدته متجسداً صنعته وظلت تصنعه القوى السياسية والمدنية والتي التقيتها وسمعت منها و جادلتها خلال يومين من تواجدي في بورتسودان. من المؤكد الآن:

1/ أن حشداً من الاجتماع الوطني غير المسبوق قد تشكل.

2/ وأن رؤية وطنية عبر برنامج وطني شامل قد تم التوافق عليها.

3/ وأن نقلة جديدة وبناءاً جديداً وانطلاقة جديدة قد بدأت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى