ملفات

“المحقق” ينشر بيان السودان في اجتماع مجلس الأمن الخاص باعتماد قرار عقوبات دارفور، والذي قدمه المندوب الدائم ،السفير الحارث إدريس الحارث في11 سبتمبر 2024

شكراً السيد الرئيس، وأود أن أبدأ بتهنئتكم على رئاسة مجلس الأمن خلال الشهر الحالي، ونؤكد استعدادنا للعمل معكم في كل ما من شأنه الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. كما أخص بالشكر جمهورية سيراليون على رئاستها الفاعلة والناجحة لمجلس الأمن خلال الشهر الماضي.

السيد/ الرئيس،،،

بعد فشل محاولاتها الانقلابية الدموية في أبريل 2023، ظلت مليشيات الدعم السريع المتفلتة تشن حرب تدمير شامل وواسع النطاق  للدولة وبناها التحتية والمرافق والأعيان المدنية والمستشفيات ودور الإيواء إضافة إلى الفظائع والانتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في الخرطوم وأم درمان ودارفور وولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار وكردفان مما أدى لتدهور الأوضاع الإنسانية التي عملت المليشيا عمداً لتحويل الفجوة الغذائية إلى مجاعة لتعطي دوائر ناقمة على حكومة السودان أرضية للتحرك ضدها. ولقد شهدت أوتشا بوفرة المواد الغذائية بالسودان ولكن الانقطاع الذي أحدثته عراقيل المليشيا المتمردة أمام انسياب الإغاثة وهطول الأمطار الغزيرة التي تأثرت بها 8 ولايات بجانب انهيار سد أربعات في شرقي السودان كان من الأسباب التي أثرت على نقل الإغاثة الإنسانية.
*حماية المدنيين:*
إن حماية المدنيين تتطلب تحركاً وإمدادات للقوات النظامية بالأخص قوة حفظ الأمن وحماية المدنيين وأن عدم إعادة توازن القوى في دارفور لمصلحة القوات المسلحة والقوى النظامية فإن ذلك سيؤدي إلى التأثير السلبي على جهود الحكومة لحماية المدنيين تحت ظل حصار مليشيا الدعم السريع للفاشر وعدم تنفيذ رفع الحصار وفق مطلوبات قرار مجلس الأمن رقم 2736 وتحت ظل استمرار تزويد المليشيا بالسلاح والتموين من قبل الدولة الراعية للمليشيا وخرقها لقرار حظر السلاح بموجب القرار 1591 . وأن تلك الوضعية الأمنية الرخوة تحد من قدرة الدولة على مكافحة تهريب البشر والتهجير الديمغرافي في الساحل إلى السودان بوصفه أحد أبعاد حرب العدوان الراهنة. وأنه لا توجد خلافات ولا قتال الآن بين القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلحة في دارفور التي أصبحت جزءاً من الحكومة الحالية وأصبح المهدد الأمني لدارفور وحماية المدنيين هي مليشيات الدعم السريع التي ظلت بنحو مستمر منذ مايو الماضي في قصف المدن والمرافق الصحية والبني التحتية في دارفور بشكل يومي مستخدمة حتى الأسلحة المحرمة دولياً . إن مصدر التهديد الوحيد لحماية المدنيين هو المليشيات المتواجدة في دارفور.

منجزات في مجال حماية المدنيين قبل الحرب:
شرعت حكومة السودان قبيل الحرب في انتهاج برنامج بناء سلام تضمن التالي:
1-تعزيز الوئام والسلام الاجتماعي والتعايش السلمي في إقليم دارفور وإجراء المصالحات القبلية وتفعيل صلاحيات الإدارة الأهلية.
2-إنشاء المفوضية القومية للسلام وإنشاء وحدة حماية المدنيين.
3-وضع خطة حماية المدنيين المتكاملة التي رفعت إلى مجلس الأمن في أبريل 2020 .
4-معالجة التفلتات الأمنية ووضع برامج العدالة الانتقالية وحل النزاعات بالطرق السلمية.
5-تفعيل قانون المراعي والمراحيل والنُزُل للحد من الاشتباكات والاحتكاكات المتكررة بين المزارعين والرعاة وتحديد إجراءات ضبط المسارات.
6-السعي لمعالجة اختلالات البيئة الناجمة عن التغير المناخي.
7-وضع خطة وطنية لجمع السلاح والسيارات غير المقننة وتم إبادة أحجام كبيرة من الأسلحة بحضور دبلوماسي وأممي.
8-سعي الدولة لدمج قوات حركات دارفور في القوات المسلحة السودانية وفقاً لاتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر 2020 ، ولكن إحجام المانحين والمجتمع الدولي عن الوفاء بتعهداتهم عرقل تلك العملية وتم إنشاء مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.
9-تيسير وصول منظمات الإغاثة إلى المناطق التي تسيطر عليها حركتي عبد الواحد محمد نور في دارفور وعبد العزيز الحلو في جنوب كردفان.
10-تدريب الشرطة في مجال مكافحة العنف الجنسي.
11-تأمين معسكرات النازحين وقرى العودة الطوعية.
12-رفع قدرات منسوبي القوات النظامية ونشر الدفعة الثانية من سيارات ومركبات حفظ الأمن.
-وعلى الصعيد الإنساني أصدرت حكومة السودان قرارات بفتح 9 معابر داخلية ومعابر حدودية ومع دول الجوار وفتحت مؤخراً ولأجل معلوم معبر أدري الذي استغلته المليشيا للتزود بالسلاح والوقود مما يعزز من قدراتها الهجومية على المدنيين وهو عمل منظم وممنهج تدعمه دول لم تكف أبداً عن تعزيز ورفع قدرات المليشيا القتالية مستفيدة من عجز المجلس عن إدانتها بشكل صريح أو الضغط عليها لوقف إمدادات السلاح والمؤن والذخائر لعناصر المليشيا التي تحولت إلى مجموعة إرهابية تمارس التعالي العرقي على بقية المكونات الأهلية والأصلية في إقليم دارفور. وفي هذا الصدد كان المجلس يطالب حكومة السودان بإنفاذ اتفاق جوبا للسلام بحذافيره، ولكنه أغفل عن ذكر دولة الإمارات التي تنتهك القرار 1591 وكذلك اتفاق جوبا بوصفها عضواً في آلية المراقبة والتقييم المنبثقة عن الآلية المختصة بتنفيذ الاتفاق وبوصفها أيضاً إضافة إلى تشاد من الضامنين الثلاثة للاتفاق.

الحرب والمتغيرات في إقليم دارفور: لماذا نطالب بإلغاء قرار العقوبات 1591؟

إن الأدلة الدامغة والبينات المادية من حرب العدوان في السودان والدمار والخراب الذي أحدثته والعدد الهائل من المشردين والنازحين من ديارهم واللاجئين بالخارج الذين لم تتم كفالة حقوقهم بموجب القانون الدولي، كل ذلك بفعل دولة الإمارات التي تؤجج الحرب وتدعم المليشيات التي ارتكبت جريمة إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور.

1/ كتب جون برندرغاست وانتوني ليك في مجلة Foreign Affairs بتاريخ 31 يوليو 2024، في مقال بعنوان (حرب الإمارات السرية في السودان)، كيف يمكن للضغط الدولي أن يوقف أعمال العنف والإبادة الجماعية، (ومع ذلك فإن اللاعب الخارجي الذي يتحمل المسؤولية الأكبر عن المجاعة والتطهير العرقي هو دولة الإمارات العربية المتحدة) وبينما ترتكب قوات الدعم السريع هجمات إبادة جماعية على المدنيين في دارفور ومناطق أخرى، تقوم أبوظبي بتسليم الأسلحة إلى المليشيات).

2/ تمكن الإمارات من التصرف دون عقاب لأن احتياطياتها النفطية وأهميتها الإستراتيجية كثقل موازي لإيران.

3/ للدور الكبير الذي تلعبه دولة الإمارات في تأجيج الأزمة في السودان فمن الضروري قيام الجهات الخارجية بإجبار القيادة الإماراتية على تغيير المسار، وإن رفضت تفرض عليها عقوبات وتمارس عليها ضغوطات كافية حتى تقطع دولة الإمارات صلتها بمليشيا الدعم السريع .

4/ إن الإمارات تستفيد من استمرار الحرب مالياً وذلك في التنفع من تهريب الذهب وتجارته غير المشروعة وهو ما أكدته
The London Bullion Market
Financial task Force Action
اللتان تكافحان غسيل الأموال والذهب غير المشروع.

5/ إن دولة الإمارات تستفيد من تجارة الذهب المرتبطة بالصراع وهو محرك رئيس لحرب العدوان في السودان. وأن السودان يدفع ثمن العقوبات المفروضة عليه منذ عام 2004 لصالح شركات تهريب الذهب. ولذلك نطالب باتخاذ إجراءات عقابية صارمة ضد الذين يخربون الاقتصاد السوداني والأفريقي حيث فرضت الولايات المتحدة في يونيو الماضي عقوبات على سبع شركات تتجر في الذهب المهرب من السودان ومقرها الإمارات لانتهاكها العقوبات.

6/ إننا نطالب بمراجعة تصدير الأسلحة إلى الإمارات وقد استخدمت مليشيا الدعم السريع أسلحة وصواريخ متطورة مثل التاو وجافلين وهنا ندعم توجه السيدة سارة جيكوبس النائبة عن الحزب الديمقراطي في ولاية كاليفورنيا وعضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب التي قدمت مشروع قانون في مايو 2024 لحظر مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دولة الإمارات والتي تجد طريقها إلى مليشيا الدعم السريع في دارفور. ويؤكدان أيضاً أن الإمارات العربية المتحدة متورطة بشدة مع قوات الدعم السريع وتتحمل مسؤولية ثقيلة عن الأزمة.
7/ أوردت صحيفة الكرامة السودانية الصادرة في يوم الأحد 7 سبتمبر الجاري، أن السفينة USULOY حملت شحنات وإمدادات لمليشيا الدعم السريع إلى دوالا ومنها إلى تشاد ثم السودان. وشهدت الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في حركة الشحنات البحرية القادمة من الإمارات إلى ميناء دوالا بدولة الكميرون ما بين شهري يوليو وأغسطس 2024، وعلى وجه الحصر أن الشحنات البحرية الإماراتية اشتملت على 112 حاوية تحمل الذخيرة و 22 مدفع عيار 120 ملم و 33 قذائف صاروخية وعدد كبير من المدرعات والسيارات القتالية طراز العربة تويوتا لاندكروزر من طراز  BJ وصناديق من النترات الصناعية التي تدخل في صناعة المتفجرات والقنابل اليدوية، وأن الحاويات حملت شعار الهلال الأحمر بغرض التمويه. ويشارك في تهريب الشحنات إلى مليشيا الدعم السريع أفراد من بعض القبائل المتداخلة بين السودان وتشاد ممن يطلق عليهم في السودان الحواضن الاجتماعية للمليشيا. وأن الضغوط التي مارسها مجلس الأمن والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمنظمات الدولية الأخرى على السودان لفتح معبر أدري ساهمت في استغلال المليشيا لهذا المعبر لأغراضها العسكرية وبالأحرى أن توجه هذه الضغوط على اللاعب الرئيس الراعي للحرب.
-اعتبار مليشيا الدعم السريع مجموعة إرهابية ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم ضد الدولة.
-مسؤولية الإمارات بموجب القانون الدولي عن أية خسائر أو أضرار لحقت بالبنية التحتية والبيئة والممتلكات ونهب الموارد الطبيعية والذهب نتيجة دعمها لمليشيا الدعم السريع بالسلاح والإمدادات.
-إعادة المليشيا لكافة المنهوبات والمقتنيات والذهب المنهوب من البيوت والبنوك والسيارات والأمتعة المسروقة أو دفع تعويض مالي مجزي لها.
-زيارة لجنة الصليب الأحمر الدولي لأماكن الاحتجاز والمعتقلات التي أنشأتها المليشيا والوقوف على المحتجزين، وهم آلاف.
-في الثاني من يونيو 2023 اقتحمت المليشيا متحف السودان القومي وبثت عناصر لها فيديو يعبثون فيه بالمومياوات القديمة المحنطة وتوثيق منظمة التراث من أجل السلام Heritage for Peace ووضعت قناصة على أسطح المتحف لاستخدامه للأعمال العسكرية.
-التحذير من أن الأسلحة التي تسربت إلى المليشيا تتضمن متفجرات التي تستهدف بها المدنيين.
-إدانة أخذ الرهائن والاختطاف والإفراج الفوري عنهم وهذا مصنف من أعمال الإرهاب تحت (الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن ).

*العقبات أمام عملية السلام:*
1- عدم توقف الراعي الإقليمي للمليشيا عن تزويدها بالسلاح والمؤن والمعدات والسيارات القتالية مما مكن المليشيا منذ مايو حتى الآن من شن أكثر من مائة هجمة بالصواريخ والدرونات بتدمير  المستشفيات في دارفور ولم يسلم منها حتى معسكر زمزم. كنا نتوقع أن تلتزم المليشيا بما وقعته في منبر جدة في مايو 2023 من تعهدات والتزام بالقانون الدولي الإنساني ووقف استهداف المدنيين والقطاعات الهشة كالأطفال والفتيات والنساء والاعيان والمرافق المدنية والبني التحتية مع تفاقم جرائم العنف الجنساني وتجنيد الأطفال.

2- إن قرار العقوبات يستهدف فقط القوات المسلحة في تدابير الجزاءات المتعلقة بحظر السلاح. ولقد أوضحنا لمجلسكم الموقر في عديد المرات أن هذا الحظر هو أحد أسباب تردي الأوضاع الأمنية في دارفور منذ عام 2004 لأن المجتمع الدولي يعمل بتمسكه بذلك الحظر على إضعاف ميزان القوة الصلبة وتوازن القوى العسكرية في الإقليم الذي أصبح أيضاً مستهدفاً من قبل المجموعات المسلحة الأجنبية.

3- وأن تهديد الاستقرار في دارفور الإقليم الذي يذخر بالموارد الطبيعية والمعدنية والذهب واليورانيوم يعني تمكين المليشيات على السيطرة عليه.

4- كنا نتوقع أن يتم النص صراحة على وضع عقوبات ضد مليشيا الدعم السريع وراعيها الإقليمي ضمن مراقبة الالتزام بشهادة المستخدم النهائي للسلاح وذلك باضافتهم ضمن قائمة الأفراد والكيانات المنطبقة عليهم شروط الإدراج لأغراض العقوبات والتحقيق في مصادر تسليح المليشيا وحلفائها الأغراب والحجر على تلك المصادر مع الإحاطة بوسائل التمويل وشبكاته. وفي هذا الإطار نشيد بمبادرة حامل القلم الولايات المتحدة بإدراج اثنين من كبار قيادات مليشيا الدعم السريع ضمن الأفراد المستهدفين بالعقوبات والذي وجد ترحيباً من قطاعات الشعب السوداني الذي جعلت منه المليشيات الضحية الأوفر حظاً بالعذابات والتهجير والتشريد والإزاحة.

5- إن التحدي الجديد هو احتمال تواجد مستعمرات أجانب استيطانية داخل الإقليم وهو الأمر الملحوظ من سياسة المليشيا العدوانية المتوحشة التي تجاوزت فظاعات داعش وبوكو حرام.

6- عدم التزام المليشيا بحماية المدنيين تحت ظل حصارها المفروض على الفاشر وأن المليشيا ضربت بمطلوبات القرار 2736 عرض الحائط تحت استمرار تزويدها بالسلاح والتموين وانتهاكها للقرار  1591 أسوة بانتهاك راعيها الإقليمي لقرار عقوبات دارفور وأن تلك الوضعية الأمنية الرخوة وغير المواتية تحد من قدرة الدولة على مكافحة تهريب الأسلحة والعناصر البشرية المهجرة بإغراء السكن المجاني في ديار ومساكن السودانيين الذين تقاسمتهم لوعات النزوح الداخلي ومرارات اللجوء إلى دول الجوار ويواجه ظروف قاسية تحتاج إلى اهتمام من المنظمات المختصة للأمم المتحدة.
إن المهدد الأمني الوحيد في دارفور هو العنف المدفوع بمنهجية الإرهاب العرقي المتعالي والذي شرعت مليشيا الدعم السريع في تفاقمه مستخدمة أسلحة محرمة دولياً.

7- فإذا كانت جرائم الحرب التي ارتكبتها المليشيا في العام 2004 بدافع القمع السياسي فإن جرائم الحرب الجديدة كانت بدافع الكراهية العرقية والتعالي الإثنوغراطي.

8- تضارب المبادرات وكثرتها لم تسد مسداً لقد التزم السودان بمقررات منبر جدة لأنها نالت موافقة الحكومة وقوات الدعم السريع في أول الحرب، فما الداعي إلى نقضها وإنشاء منبر جديد يخلط القاتل بالمقتول والظالم بالمظلوم ويهدف إلى إنشاء صك براءة للراعي الإقليمي وغسله بالماء الطهور والذي لو غسلت الدماء التي تلطخت بها أياديه بما البحر ومن بعده سبعة أبحر لما غسلت من الدنس والرجس. ولذلك يشكل غياب خطة إستراتيجية محكمة للسلام تخاطب شواغل السودان المتعلقة بصنع السلام، والضغط على أطراف العدوان ثقباً أسوداً في الطريق الأمثل نحو السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى