إنقلاب جوبا

راشد عبد الرحيم
ترددت شائعة قوية في اليومين الماضيين عن وقوع إنقلاب في جنوب السودان، و الذي حدث هو أن الرئيس سلفاكير أجري تغييرات كبيرة في مواقع قيادية و إستراتيجية أبعد بموجبها مؤيدي و أنصار رياك مشار .
التغييرات أبعدت نائب الرئيس الأطول بقاء في منصبه جيمس واني إيقا و أتت برجل الأعمال و صهر الرئيس سلفا كير بنيامين بول ميل و هو شخصية متحكمة و يسيطر علي أموال أسرة و أقرباء سلفا.
التعديلات جاءت بإملاءات خارجية واضحة و يتردد أنه قد دخلت عبرها قوات يوغندية وصلت بإدعاء حماية السلطة القائمة.
بدأت التحركات الجنوبية بإقالة شخصيات معروفة بالتقارب مع السودان و على رأسها المستشار الأمني توت قلواك الذي عين سفيراً .
تطورت الأوضاع بمقتل قائد الجيش بمدينة الناصر ديفيد مجوك داك .
جنوب السودان ليس بالدولة التي يمكن أن يتغير فيها الحكم بإجراءات سلمية برلمانية و لا بإنقلاب عسكري و تغيير الحكم فيها يعني نشوب صراعات عسكرية و السلاح متوفر و النفوس مشحونة و مهيأة دائما.
تتوزع القوي العسكرية القوية في جنوب السودان بين الدينكا و النوير كقوتين رئيسيتين إضافة إلي الشلك و فصائل إستوائية تتوزع علي القبائل .
ينحصر الصراع المستمر علي السلطة بين الدينكا و النوير و لن يستقر الجنوب إلا إذا تم التوصل إلي صيغة لتبادل السلطة بفترات زمنية متفق عليها أو أن يتم التوصل لقسمة مستمرة مستدامة بين القبيلتين .
في ظل وجود الرئيس سلفا كير و نائبه رياك مشار يتعذر الوصول لمثل هذا الإتفاق إذ يعتقد الدكتور رياك أنه الأحق بالحكم لأنه الأكثر تأهيلاً و تعليماً من غريمه بينما يصعب علي الدينكا القبول بحاكم من النوير .
ينقسم الجنوب بين هذين المحورين مع وجود قوات مقاتلة بأعداد كبيرة لدي كل طرف .
ما يؤكد أن الصراع منحصر بين القبيلتين أن الشخصيات الكبري التي ظهرت علي المسرح من الشلك مثل الدكتور لام أكول و فاقان أموم لم تستمر و غابت عن ساحة الصراع .
الجيش الأبيض (سمي بذلك لأن أفراده يطلون أجسادهم باللون الأبيض) المكون من شباب من النوير الأقوياء الشرسين المتفلتين يصعب معه التوصل لإتفاق بين الطرفين المتنازعين .
تتوزع فصائل متعددة من قبيلة الدينكا في مناطق كبيرة من الجنوب و يوسع من دائرة حركتها كونها الأكبر في الدولة و توجد في قسميها أعالي النيل و بحر الغزال و معها النوير بأعداد أقل بينما تخلو الإستوائية و هي القسم الكبير الثالث في البلاد لقبائلها فقط دون الغريمين .
الجنوب دولة يصعب تحقيق الإستقرار فيها و التدخلات الخارجية الأخيرة سواء من يوغندا أو من دولة عربية ستزيد من التوتر و توقع البلاد في أتون صراعات حربية ماحقة و لن يجني منها مشعلوها الطامعون غير ضياع أموالهم .