رأي

الدبلوماسية الشعبية المُقاوِمة (2-2)

د. أحمد عبد الباقي

الدبلوماسية الشعبية السودانية ومقاومة جرائم مليشيا الدعم السريع

لعل البعض وشخصي أحدهم قرأ وشاهد وسمع بعض الشكوى من أن العالم نسي حرب السودان، ولكن دعني أخبركم بأن العالم -خاصة الغربي وأمريكا- الذي تدعي مؤسساته الرسمية حماية حقوق الإنسان والديمقراطية والإنسانية لا يأبه كثيرا إلا بما يحقق مصالحه القومية ولا يعنيه كثيرا ما يدور في السودان إلا بالقدر الذي يحقق مصالحه من منظور “براغماتي” ‫(تغليب المصلحة والمنفعة دون النظر لأي أمور أخرى سواء دينية أو عقلية أو أخلاقية أو حتى نفسية)، وربما لمنظمات العون الإنساني والعمل الطوعي والمجتمع المدني دور في إبراز حرب السودان إلى حيز الاهتمام العالمي ولكن جهودها لا تخلو أيضا من تأثيرات -وبدرجات مختلفة- السياسية الخارجية البرغماتية للدولة المانحة. ‬‬‬‬‬‬‬

وفي ظل تأثر السياسية الرسمية للدول بعوامل تحقيق مصالحها القومية وكذلك وسائل الإعلام الرسمية والخاصة التي هي الأخرى تتأثر بسياسة وموجهات التحرير، فإنه ليس من المتوقع أن تطرق تلك الدول والجهات علي الحرب في السودان بصورة كبيرة ومستمرة (بالرغْم بعض الجهود المتواضعة)، لذا إن كان الأمر كذلك فهنالك سانحة للاستفادة من الدبلوماسية الشعبية المُقاومة لمخاطبة شعوب العالم خاصة الدول الغربية وأمريكا وحتى دول المحيط الإقليمي، لقد شاهدنا كيف أن حرب غزة (على الرغْم من عدالتها) حُظيت بالاهتمام الرأي العالمي بسبب التأثير الشعبي الذي أحرج الحكومات الرسمية التي تعاملت بغلظة وفظاظة فضحت أكاذيبها وازدواجية معايرها مع احتجاجات الشعوب وطلاب الجامعات ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم الظالم علي غزة، وتأسيا بذلك فإننا نحتاج لتعظيم مخاطبة شعوب العالم بعدالة الحرب ضد مليشيا الدعم السريع وفضح داعميها من الرباعية وأذنابها من القوي السياسية السودانية.

لتسليط الضوء علي عدوان المليشيا على السودان فإني أري بأنه يمكن الاعتماد على الدبلوماسية الشعبية وتطويعها للقوة الناعمة لفضح جرائم التمرد الذي خرق وما زال يخرق بصورة فاضحة القانون الإنساني الدُّوَليّ والقانون الدُّوَليّ وقانون حقوق الإنسان، يجب الطرق بشدة على ذلك وإسماع صوت الشعب السوداني لشعوب العالم وحكوماته، لابد من السعي للتأثير على الرأي العام الخارجي بمحاصرة التمرد وأهدافه الموجهة ضد الشعب ودولته، وفي هذا الصدد يمكن أن تطوع الجاليات السودانية في دول المهجر وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة أغراض المقاومة ضد حرب مليشيا الدعم السريع إذ لم يعد شرطاً أن يمتلك الإنسان ميزانيةً ضخمة ليكون قادراً على التأثير في الرأي العام، أو أن يكون صاحب ثقل سياسي، فقط ما يحتاجه الإنسان المجتهد هو أن يكون صاحب فكرة وأن يناضل من أجلها حتى تنتشر وتملأ الآفاق وهل هنالك أجل وأعظم من فكرة حماية الوطن وفضح جرائم التمرد ضد الشعب السوداني.

حري بالمتعلمين والمثقفين السودانيين خاصة الإعلاميين في دول المهجر (وقد فعل بعضهم) أن يضطلعوا بدور المقاومة الناعمة ضد التمرد بالمشاركة في البرامج التلفزيونية، المنتديات العامة والندوات والسمنارات أو تنظيمها في مراكز الجامعات ومراكز الفكر والبحوث واستخدام الترجمة للغات العالم الحية لفضح مخازي مليشيا الدعم السريع ونشر ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف السيارة والمجلات والدوريات التقليدية في مكان إقامتهم، علاوة علي التواصل مع المنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني علي المستويين الإقليمي والعالمي، ولا ننسي أن للمهرجانات الثقافية التي تمجد ثَبات الشعب السوداني وقواته المسلحة وتكشف زيف شعارات التمرد وفضح جرائمه البشعة دورا محوريا في وضع ظلامات حرب السودان إلى واجهة الاهتمام العالمي والإقليمي لإيقاظ الشعوب الحية وتبصير الرأي العام العالمي بمخازي وانتهاكات مليشيا الدعم السريع.

سادتي بدلا عن مهرجانات الغناء المائعة ليتنا نتخذ الملاحم الشعبية التي تصحبها معارض مصورة تكشف حجم انتهاكات التمرد للأعيان المدنية وخرقه للقانون الدُّوَليّ والقانون الإنساني وانتهاكه لحقوق الإنسان. وعلي الدولة في السودان أن تهتم هي الأخرى بالدبلوماسية الشعبية ودعمها لتسليط الضوء علي حرب التمرد وتنوير الرأي العام العالمي بآثار الحرب وتوصيل صوت الشعب السوداني لتصبح الدبلوماسية الشعبية بذلك صنوا للمقاومة الشعبية الداخلية بشتى أنواعها خاصة تلك التي تساند الجيش وتقاتل معه في خندق واحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى