رأي

الديمقراطية التوافقية.. الطريق للاستقرار السياسي

السر السيد

 

ضمن سلسلة قراءة من أجل التغيير، التي تصدرها المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً – وحدة الفكر الديمقراطي- ويشرف عليها ويحررها الأستاذ شمس الدين ضو البيت، صدر كتيب الديمقراطية التوافقية… الطريق للاستقرار السياسي لمؤلفه بروفسور الطيب زين العابدين..الكتيب يقع في عدد 46 صفحة من القطع المتوسط، ويجئ ضمن كتيبات أخرى أصدرتها المجموعة، معبراً عن الفكرة التي يقوم عليها المشروع والتي تتلخص في المساهمة في إيصال منظومة فكرية بديلة إلى عامة الناس، تحل محل المنظومة الحالية، التي عجزت مكوناتها عن مجابهة التحديات المستجدة، والتعامل مع التطورات الحادثة، وعن إيجاد حلول للإشكالات المجتمعية.

يبدأ الكتيب بجملة مفتاحية صادمة هي ” ظل السودان منذ الاستقلال يبحث ولنحو ستين عاماً عن نظام سياسي مستقر دون جدوى ” وبعدها يغوص بعمق في قراءة هذه المسيرة الطويلة للبرهنة على ما حملته تلك الجملة المفتاحية الصادمة مقدماً مقترحه بتبني الديمقراطية التوافقية في المدى المتوسط في السودان ما بين (عشرين إلى ثلاثين سنة) وذلك لضمان استمرار الديمقراطية واستقرارها لمدة مناسبة يعتاد فيها الناس على قبول التداول السلمي للسلطة..

يصل البروف إلى نقده لمسيرة أنظمة الحكم في السودان وإلى مقترحه ذاك عبر مقاربته سبعة عناوين رئيسة شاملة المقدمة والخاتمة وستة عناوين جانبية، أما الرئيسة فهي:السودان والبحث عن الاستقرار السياسي “عنوان المقدمة”، مشكلات النظام الديمقراطي في السودان، ما هي الديمقراطية التوافقية؟ الديمقراطية التوافقية والإسلام، لماذا الديمقراطية التوافقية في السودان، التدابير القانونية لتطبيق الديمقراطية التوافقية وأخيراً الخاتمة. وأما الجانبية والتي تتفرع أصلاً من العنوان، التدابير القانونية لتطبيق الديمقراطية التوافقية فهي: هيكل الحكم، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، الخدمة المدنية، القوات النظامية… يرى الكتيب في مجمله أن الأنظمة العسكرية التي حكمت السودان لأربعة عقود شكلت السبب الأساس لعدم استقرار السودان وتقدمه لأن من سماتها كما جاء في الكتيب أنها تبدأ عهدها بتعطيل الدستور وحكم القانون وتنتهي بالانتهاكات الجسيمة الشاملة لحقوق الإنسان كافة كما يشير الكتيب إلى أنها جميعا انتهجت العمل العسكري حلا لمشكلة الجنوب لينفصل أخيراً في عهد الإنقاذ.

وفى نقده للأنظمة الديمقراطية التي حكمت السودان وتحديد أسباب انهيارها المتكرر يعدد الكتيب أسبابا كثيرة لعل أهمها طبيعة تكوين الأحزاب السودانية وثقافتها السياسية التي جعلتها ضعيفة الالتزام بالنهج الديمقراطي داخل أجهزتها الحزبية، وبقناعتها في حرية النشاط السياسي للأحزاب المنافسة لها، هذا إضافة للعامل الخارجي الاقليمى والدولي ودوره في تشجيع ودعم الانقلابات العسكرية، أما في ما يتعلق بالديمقراطية التوافقية فالكتيب وللبرهنة على مناسبتها للواقع السوداني ولو مرحلياُ فبعد تعريفها، وتأكيد انسجامها مع تعاليم الإسلام، يحدد ركائزها المتمثلة في، تحالف حكومي عريض تمثل فيه كل المجموعات ذات الوزن المقدر في البرلمان، توزيع نسبى واسع يستوعب مختلف المجموعات السياسية والاجتماعية عند توزيع مقاعد البرلمان ومناصب الخدمة المدنية، الاستقلال المناطقي عبر نظام فيدرالي أو نحوه، حق النقض للأقليات في القرارات الإدارية والسياسية الكبيرة التي تهمها.

الكتيب محتشد بالتفاصيل التي تبين اختلاف الديمقراطية التوافقية عن الديمقراطية التقليدية وتبين كذلك مناسبتيها للمجتمع السوداني بتعدديته العرقية والثقافية والدينية، وتجربته الطويلة في النزاعات بين هذه المجموعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى