السباق الأمريكي – الصيني في شرق أفريقيا .. تشكيل مشهد اقتصادي جديد
شرق أفريقيا – المحقق – خاص
في الوقت الذي تستثمر الصين مليار دولار أمريكي في مشروع سكة حديد تنزانيا – زامبيا (تازارا)، أعلنت الحكومة الأميركية، عن استعدادها لتوسيع مشروع السكة الحديد بممر (لوبيتو) الممتد من أنغولا إلى زامبيا عابرًا الكونغو الديمقراطية، ليصل الممر إلى المحيط الهندي عبر تنزانيا.
وجاء الإعلان الأمريكي على خلفية تطورات كثيرة مرتبطة بسعي الصناعات الأميركية إلى المعادن الاستراتيجية والحيوية في أفريقيا، مثل: الكوبالت، والليثيوم، والنحاس، والألمنيوم، والمنغنيز، والتي تعدّ ضرورية للصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، بينما يعتبر خط السكة ااحديد الصين (تنزانيا- زامبيا) ممراً رئيسياً يربط بين الميناء الرئيسي في دار السلام وحزام النحاس في زامبيا، وترى بكين أن هذا الخط ضروري لتسهيل صادرات المعادن من زامبيا وأنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وبحسب مراقبين في الشأن الأفريقي فإن أهمية ممر لوبيتو تكمن في التدافع الأميركي والأوروبي والصيني في إنتاج سلسلة بطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من مشاريع الطاقة، وفي سياق الإعلان الأميركي، يرتبط الممر بإمكانات دول المعادن الحيوية والمواد الكيميائية المشاركة فيه، ومواقع الدول المشاطئة للبحر.
من التطورات الجديدة بشأن ممر لوبيتو ما أعلنته الولايات المتحدة من مشروع التوسعة، والذي يُتوقَّع اكتماله بحلول عام 2029. وبحسب تقارير أمريكية، سيركز على تمديد الممر إلى تنزانيا للوصول إلى المحيط الهندي من جانب، وإعادة بناء خط سكة حديد بنغيلا الذي استُخدِم إبان الحقبة الاستعمارية لتصدير المواد والمعادن من جانب آخر، ومشروع التوسعة هذا سيكون بتعاون بين الحكومة الأميركية مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الأفريقية وحكومات أنغولا والكونغو الديمقراطية وزامبيا، وبتمويل قدره 250 مليون دولار أميركي، من مؤسسة التمويل الإنمائي الدولية الأميركية.
تنافس عالمي على سوق المعادن الأفريقية
الإعلان الأمريكي بشأن ممر (لوبيتو) وانضمام تنزانيا رسمياً إلى المشروع، يعتبر رداً على خطط الصين بشأن خط سكة حديد ( تازارا)، كما أنه يعتبر خطوة مضادة جيوسياسية في سباقهم لمواجهة بكين من خلال ربط حزام النحاس بالمحيط الأطلسي و المحيط الهندي عبر ميناء دار السلام.
يقول أستاذ علوم سياسية وإدارة عامة بجامعة دار السلام – فضل حجب اسمه – إن هذا التحول يعكس قوة التنافس العالمي للسيطرة على سوق المعادن الأفريقية؛ وتأمين المعادن الاستراتيجية التي تحتاجها لتشغيل أنظمة الأسلحة المتطورة، وتكنولوجيا الطاقة المستدامة، وأضاف: في سياق ممر لوبيتو؛ فإن مناطق التعدين بالكونغو الديمقراطية وزامبيا كانت تسيطر عليها شركات صينية وأوروبية، مما يعني أن الإدارة الامريكية بحاجة إلى استراتيجية جديدة لخوض المنافسة، متمثلة في مواجهة الصين بطريقة غير مباشرة، والتعاون مع الاتحاد الأوروبي والشركات الأوروبية.
مما لا شك فيه أن مشروعي (تازارا – ممر لوبيتو) ستعملان على تشكيل المشهد الاقتصادي في أنجولا وزامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتنزانيا من خلال تعزيز التجارة، يبقى التساؤل المهم هل ستستفيد الدول الافريقية الغنية بالموارد المعدنية والدول المشاطئة من هذا التنافس المحموم لتحقيق مصالحها التنموية؟، هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.