رأي

الفرية الوافدة ووحدة القيم

د. حسن عيسى الطالب

اختلاق فرية ما يُسمى ويطلق عليه “الكيزان” هذه الأيام، والدعوة لكراهيتهم وإبادتهم من الوجود، والتشهير الممنهج بهم على رؤوس الأشهاد، دون السعي لتقديم من يتهم منهم بمخالفة القانون، أو الإساءة لأي من القيم الفاضلة الموروثة لدينا إلى المحاكم، والإكتفاء فقط بالطعن اللاعن على المنابر الافتراضية، هي من أدبيات الكراهية الوافدة لبلادنا عبر الحدود، والمستوردة من فضاءات الشتات البعيد. إذ تندرج ضمن مخطط الفوضى الخلاقة creative chaos وبرامجها المعدة بحرفية علمية، ومنهجية بحثية، لتدمير البنية الأخلاقية والاجتماعية للنسيج القومي في الدول المستهدفة، وذلك في جوانبها المتعلقة بإغتيال الشخصية الوطنية العامة، المؤثرة وذات الكارزمية التقليدية. ويتم ذلك عبر مسلسل متعدد الحلقات البنائية والمراحلية، ويتسنى عبره الانتقال لآفاق تالية، يستهدف التشكيك في كافة المسلمات الاعتقادية والأخلاقية والاجتماعية والتقليدية الموروثة، والمتعارف عليها بالعموم، عبر التعايش الأبوي، والوفاق العفوي، ثم الغوص عبرها لتتفيه وتحقير كل المعتقدات، مهما كان مصدرها، بدءا بطلاب المدارس القرآنية، وأئمة المساجد، وشيوخ الطرق الصوفية، وشيوخ القبائل، وقادة الأحزاب السياسيةالتي لا تندرج رؤاها فى خدمة المخطط.
وهذه المخططات والمنهجيات تطورت عبر الزمن، بحيث أصبحت تدرس حاليا في كبريات المدارس وأكاديميات الاستخبارات العالمية، ومراكز البحوث، ومؤسسات الحرب المعنوية، ومعامل منتجات الحرب الباردة، مثل معمل بحوث إغتيال الشخصية وسياسات التشهير – CARP
فأصبحت صناعة رائجة، ومهنة متخصصة، لها أنبياؤها وقسسها ودهاقنتها وممولوها، من أمثال الفرنسي ليفي ستروس والممول الأمريكي الشهير جورج سوروس وغيرهم.
ففي مجتمع السودان المعاصر والتقليدي الموروث أبا عن جد، يتعايش الكيزان وأنصار السنة والأنصار والصوفية، والجمهوري والشيوعي، والهلالابي والمريخابي، كأخوان في البيت الواحد، وأحيانا يكون كل هؤلاء أبناء للأب الواحد والجد الواحد، وأبناء عمومة وأصهار وأنساب، والشواهد على ذلك واضحة لكل سوداني، ولد ونشأ في السودان.
هذه الكراهية اللفظية الشائعة، والتراشق بالألقاب المكروهة، في بعض الأسافير وبعض قنوات التواصل الاجتماعي، وغير المسبوقة في تاريخنا الاجتماعي والسياسي، غالبا ما تندرج ضمن مسلسل التآمر المعد لتدمير السودان الإجتماعي، عبر بذر الكراهية، واستشراء الحقد والضغائن.
وعليه فيجب على كل آدمن admin ومدير قروب شطبها فورا، وبدون أي تردد، واستنادا على قوانين قبول المشاركة في منصات التواصل الاجتماعي، وامتثالا لمبادئ الحوكمة المتعارف عليها دوليا، وبعدمه فيمكن أن يتعرض الموقع للمساءلة القانونية، وحتى شطب القروب من المنصات الحاملة مثل X وواتساب وفيسبوك. وهذه من ضمن ما يوقع عليه كل مشترك في المنصة بالقبول بعبارة: I Agree ” أوافق”. إذ يكفي فقط أن يتقدم أي مشارك أو متضرر، بشكوى تتضمن إثبات الكراهية أو التنابز أو الدعوة للعنف والإرهاب، أو سب الأديان، أو كراهية اليهود antisemitism أو تأييد النازية، وحتى إنكار حدوث أو الاحتفاء بالإبادة اليهودية holocaust
علينا كسودانيين أن نحترم قيمنا ومثلنا وموروثاتنا الفاضلة أولا، وقبل كل شيء، فهذا هو التميز الأساسي، والسمة الفارقة لنا كأمة على مصاف الشعوب والأمم على وجه الأرض، فهي التي تميزنا عن الآخرين، ولئلا نكون أبواقا ننعق بما لا نعقل، لنقل وترديد سوءات غيرنا من المبتلين بهذه الآفات، ولكي لا نجعل من بلدنا ساحة لمعارك الكراهية والتباغض والأحقاد التاريخية المزمنة الموروثة والسارية بينهم، من تلقاء قتل الأب لبنيه، والزوج لزوجه وأخيه.
السودان أفضل من كل ذلك، ويجب أن يظل الأفضل، بيد أنه يتعين علينا حماية أخلاقه، ومثله وقيمه وموروثاته الفاضلة، مثلما يحمي أبناؤه المخلصين البررة اليوم ترابه وأعراضه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى