تقارير

بين جاكرتا وبكين: الزعماء الأفارقة يلاحقون فرص الاستثمار والتنمية

المحقق – عثمان صديق

يبدو أن شهر سبتمبر هذا هو شهر السعد بالنسبة للقارة الأفريقية، إذ استضافت فيه اندونيسيا خلال الأيام الثلاثة الأولى منه ممثلين من 29 دولة أفريقية بمنتجع “بالي” للمشاركة في منتدى البرلمان الإندونيسي الأفريقي 2024م – والذي بدأ في العام 2018 – بحضور استثنائي شاركت فيه (47) دولة افريقية، ويهدف المنتدى إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الدول الأفريقية.

وبحسب “وكالة الاناضول” عمدت اندونيسيا إلى إبرام صفقات تجارية بقيمة 3.5 مليار دولار من هذا المنتدى والذي جاء تحت عنوان “صياغة الشراكة البرلمانية الإندونيسية الأفريقية من أجل التنمية مع التركيز على تعميق التعاون ومعالجة التحديات العالمية المشتركة”

وقد تزايد اهتمام إندونيسيا بأفريقيا عندما تولى الرئيس جوكو ويدودو منصبه في عام 2014، حيث جعل التركيز الرئيسي في سياسته ينصب على الاقتصاد، وقد سعت جاكرتا أن توظف التاريخ وإرث العلاقات مع أفريقيا والذي يعود إلى مؤتمر باندونغ حيث جرى تأسيس مجموعة دول عدم الانحياز.

وتعود العلاقات بين إندونيسيا والقارة الأفريقية إلى عام 1955 على الأقل، عندما استضاف الرئيس الإندونيسي :سوكارنو” المؤتمر الآسيوي الأفريقي في مدينة باندونغ لتأسيس كتلة عد الانحياز، وحينها كانت معظم الدول الأفريقية الممثلة في المؤتمر حديثة الاستقلال. وشارك في مؤتمر باندونق الزعيم إسماعيل الأزهري على الرغم من كون السودان وقتها لم يكمل خطوات استقلاله.

وكانت الحكومة الإندونيسية قد قالت إنه تم توقيع صفقات بقيمة 600 مليون دولار تقريباً خلال قمة إندونيسيا وأفريقيا الافتتاحية في عام 2018، واستهدف الإندونيسيون هذا العام، مضاعفة هذا المبلغ عدة أضعاف طمعاً في تعزيز الروابط الاقتصادية مع الدول الأفريقية.

وفي مؤتمر سبتمبر الجاري كانت هناك بعض مذكرات التفاهم الملموسة وخطابات النوايا، مثل توقيع صناعة الطائرات الإندونيسية صفقات مع العديد من البلدان وتوقيع شركات النفط أيضاً على صفقات، وتشمل الإعلانات الصادرة عن القمة اتفاقية بين شركة إنرجي ميجا برسادا الإندونيسية ومجموعة جوما أفريقيا بشأن مشروع غاز في جنوب أفريقيا قد تصل قيمته إلى 900 مليون دولار، والذي يهدف إلى زيادة إمدادات الغاز إلى جنوب أفريقيا وموزمبيق، مع موافقة الشركتين أيضاً على تطوير محطة طاقة غازية جديدة.

إن مثل هذه الصفقات الجذابة تولد الكثير من الاهتمام، ورغم أن إبرام الصفقات في هذه القمة يمنح إندونيسيا فرصًا لتوسيع أسواق التصدير الخاصة بها، فإن البلاد تتطلع أيضاً إلى تأمين صفقات الاستيراد مع الدول الأفريقية لتعزيز إمدادات الليثيوم حيث تتمتع البلاد بصناعة مزدهرة للنيكل مما يجعله في حاجة مستمرة إلى الليثيوم كمكون رئيسي آخر لتجميع وإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.

ويرى الخبراء أن أفريقيا تعد شريكاً مثالياً نظراً لثروتها من المعادن الحيوية، والتي تسعى إندونيسيا إلى الوصول إليها ، كما يخلق التصنيع السريع في إندونيسيا طلباً متزايداً على السلع الأفريقية، ويفتح لها فرصة للتنويع بعيداً عن الشركاء التجاريين التقليديين بما في ذلك الولايات المتحدة والصين. ومع استمرار التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، فإن أفريقيا قد تكون وسيلة لإندونيسيا لتجنب الانحياز إلى الصين أو الولايات المتحدة.

ويختتم القادة الأفارقة اسبوعهم الأول من سبتمبر بحزمة من الصفقات الثنائية والاقليمية على هامش منتدى التعاون (الصين – أفريقيا FOCAC) ، حيث سعت فيه كل دولة لاستكمال ما جاءت به من ملفات مشاريع التنمية التطوير للقطاعات المختلفة، واسهمت اللقاءات الثنائية للرئيس الصيني شي جين بينغ مع كل زعيم أفريقي على حدة لتأكيد الاهتمام وتشجيعاً للمؤسسات ورجال الأعمال الصينيين لإبرام أكبر قدر ممكن من الصفقات مع مجموعة الخبراء والمختصين الذين الذين جاءوا بمعية رؤساء دولهم أو وفدها الرسمي.

هذا الاقبال على الاتجاه شرقاً يؤكد بجلاء اطمئنان القادة والشعوب الأفريقية لتلك العلاقات والتعاون المثمر لشركاء التنمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى