تقارير

تراجع عزلة حكومات تحالف دول الساحل مع اقتراب موعد انسحابها من (إكواس)

المحقق – عثمان صيق

لقد كان التهديد بالتدخل العسكري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) في أغسطس 2023م ضد النيجر بمثابة نقطة تحول بالنسبة لدول الساحل، التي تعتقد أن (إكواس) تأتمر بأمر باريس.

وفي إطار الدفاع عن نموذج جديد للعلاقات الدولية، يقوم على السيادة، أدارت كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر ظهرها للقوة الاستعمارية الفرنسية السابقة، واقتربت من شركاء آخرين مثل روسيا وتركيا والصين.

وقد أعلنت الدول الثلاث والتي تحكمها أنظمة عسكرية مناوئة لفرنسا، في يناير 2024 رغبتها في الخروج من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) التي تضم 15 دولة و إنشاء كونفدرالية “تحالف دول الساحل”، وسوف يدخل هذا القرار بالرحيل حيز التنفيذ في 29 يناير الجاري. ومضت الدول الثلاث أبعد من ذلك بالشروع في تكوين قوة دفاع مشتركة والتفكير في عملة موحدة.

حاولت مجموعة إكواس التصدي للنزعة الانفصالية، فاتفق الجيمع على مهلة عام للتراجع والوساطة قبل إعلان الانفصال بشكل رسمي، ولكن لم تنجح تل الجهود ، ومع ذلك فإن الانسحاب الفعلي في 29 يناير لا يبدو بالضرورة أنه سيعزل دول الساحل الثلاث في المنطقة.

مؤشرات المرونة والتقارب

وفي الآونة الأخيرة، وبعد مرور 18 شهرًا، بدأت العديد من بلدان (إكواس) الساحلية في التواصل مع دول التحالف الثلاث بما يوحي بأنها قد تبنت موقفا أقل عدائية تجاه منطقة الساحل والصحراء، وخاصة توغو، التي لعبت لسنوات دور الوسيط في الأزمات السياسية المختلفة في المنطقة. ففي يوم 16 الجاري، أكد وزير خارجية توغو روبرت دوسي أن بلاده يمكن أن تنضم إلى تحالف دول الساحل ، معتقداً أن الشعب يؤيد ذلك.

ويبدو أن رئيس جمهورية غانا جون دراماني ماهاما، الذي انتخب الشهر الماضي، يريد أيضاً تغيير موقف بلاده، خاصة حينما شهد الكابتن إبراهيم تراوري، رئيس المجلس العسكري في بوركينا فاسو مراسم التنصيب الرئاسية في أكرا كأول رحلة له إلى أفريقيا خارج أقليم التحالف، كما استقبل السيد ماهاما يوم الخميس الماضي، رئيس الوزراء المالي عبد الله مايغا. وقال فلاديمير أنتوي دانسو، الخبير الغاني في العلاقات الدولية، إن الزيارة “تشير إلى أن أكرا تعتبر أنه من المهم سد الفجوة والحفاظ على الحوار على الرغم من الاستقطاب الحالي”.

ومن الجانب السنغالي، سمح انتخاب باسيرو ديوماي فايي أيضًا بالتقارب مع تحالف دول الساحل. وفي مايو ، زار مالي وبوركينا فاسو، لكن جهود الوساطة التي بذلها لإقناع دول الساحل بالبقاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا باءت بالفشل.

المهددات الأمنية مازالت ماثلة

و تواجه دول الساحل الجماعات الجهادية منذ أكثر من عشر سنوات، أما شمال بعض البلدان الساحلية فلم يسلم من الهجمات. فجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهي واجهة تنظيم القاعدة في المنطقة، لا تخفي رغبتها في التوسع باتجاه غانا وتوغو وبنين على وجه الخصوص. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قُتل 28 جنديًا في شمال بنين بالقرب من حدود النيجر وبوركينا فاسو، في واحدة من أكثر الاشتباكات دموية في تاريخ البلاد. ويرى بعض المراقبين أن توغو وبنين هما الأكثر تضرراً بعد دول التحالف الثلاث.

النفاذ إلى البحر أمر جوهري

ويثير انفصال منطقة الساحل الأفريقي عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أيضا تساؤلات اقتصادية، لأن دول التحالف الثلاث غير ساحلية، وبالتالي يتعين عليها الحفاظ على إمكانية الوصول إلى البحر، وهو أمر بالغ الأهمية لإمداداتها. فهي تستنفد موارد كبيرة في العبور عبر توغو ، ولكن خيار كوت ديفوار، القوة الاقتصادية الكبرى في المنطقة، أيضا صعب فالأخيرة تحافظ على علاقات متوترة مع دول التحالف، التي تنتقد كوت ديفوار بسبب قربها السياسي من فرنسا.

وعليه فلا مناص من مرور تجارة هذه المجموعة عبر توغو. وإذا كانت هناك حصرية مع توغو، فهناك مزايا قوية في الحفاظ على الروابط بين الطرفين وتطويرها من أجل المصلحة المشتركة، فقوافل النيجر تضطر إلى سلوك طرق التفافية محفوفة بالمخاطر عبر المناطق التي ينشط فيها الجهاديون للوصول إلى نيامي، وهي المناطق التي تكون هدفا للهجمات بانتظام. فطريق توغو طويل للغاية، وهو ما يؤثر على أسعار المنتجات استيرادا وتصديرا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى