تقارير

ترحيب الإمارات بالمبادرة التركية.. قبول أم رفض قبل أن تبدأ؟

القاهرة- المحقق- صباح موسى
بعد أكثر من أسبوعين، أعلنت الإمارات ترحيبها بالمبادرة التركية بينها وبين السودان، في وقت رحب به السودان مباشرة عقب الاتصال الهاتفي بين الرئيسين البرهان وأردوغان بأي دور تركي قد يساعد في إيقاف الحرب بالبلاد.
ترحيب مبدئي
وأعربت الإمارات، السبت، عن ترحيبها بالجهود الدبلوماسية لجمهورية تركيا الصديقة لإيجاد حل للأزمة الراهنة في السودان، والتي تمثل أيضا أولوية لدى دولة الإمارات، مشيرة إلى أن هذه الجهود تعكس التزام تركيا العميق بدعم السلام والاستقرار في المنطقة، والمساهمة في تعزيز العلاقات بين الدول، وأن دولة الإمارات على أتم الاستعداد للتعاون والتنسيق مع الجهود التركية وكافة الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع في السودان وإيجاد حل شامل للأزمة.
موقف الإمارات
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها، (السبت)، على موقف الإمارات الواضح والراسخ تجاه الأزمة، وذكر البيان أنّ تركيز الإمارات الأساسي انصبّ ولا يزال على الوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووقف الاقتتال الداخلي الذي يجري في السودان بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في أسرع وقت، وعلى معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية من خلال تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للشعب السوداني، وأشارت الوزارة في بيانها أن الإمارات تعمل مع كافة الأطراف المعنية والشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل سلمي للصراع سعياً لوقف التصعيد وإطلاق النار، وبدء الحوار السوداني – السوداني الذي يضم جميع المكونات السياسية وأطراف النزاع ليحقق للشعب السوداني تطلعاته في التنمية والأمن والازدهار، مشددة على أهمية احترام أطراف النزاع التزاماتهم وفق إعلان جدة ووفق آليات منصة “متحالفون لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان – ALPS “.
تجاهل صارخ
ورأت الوزارة في بيانها إلى أن غياب القوات المسلحة السودانية عن محادثات السلام الأخيرة التي شاركت فيها دولة الإمارات، إلى جانب عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية عبر منصة “ALPS” في جنيف، يعد تجاهلاً صارخاً لمعاناة الشعب السوداني الشقيق، وعدم الرغبة في التعاون والانخراط في محادثات السلام لإنهاء الأزمة وتحقيق السلام الدائم، كما شددت على أهمية الحوار والتفاوض كسبيل وحيد لإنهاء الصراع وتأمين عملية سياسية وإجماع وطني نحو حكومة بقيادة مدنية، داعية كافة الأطراف المعنية للعودة إلى طاولة الحوار والمشاركة الفعالة في جهود إحلال السلام في السودان.
التفاف على المبادرة
ويبدو واضحا من هذا البيان المتأخر أن الإمارات رحبت بالجهود التركية في هذا الصدد، إلا أنه جاء في طيات البيان مايؤكد موقفها من القوات المسلحة السودانية، والتي اعتبرتها -وفق ماجاء في البيان- تجاهلت صراخ الشعب السوداني بسبب عدم مشاركتها في مفاوضات جنيف، كما يبدو من البيان أيضا ثبات الإمارات على موقفها في مساندة الدعم السريع، حيث ذكرته قبل القوات المسلحة في بيانها، كما فسر البيان المبادرة التركية وكأنها لحل الأزمة السودانية بين القوات المسلحة والدعم السريع، رغم أن مافهم من المبادرة أنها لحل الخلاف بين السودان والإمارات، ما أوضح أن الإمارات لا تريد أن تعترف بأنها طرفا في النزاع السوداني يستوجب حله أولا قبل الدخول في أي مفاوضات معنية بالأزمة. فإلى أي مدى يعتبر هذا البيان ترحيبا بالمبادرة التركية، وإلى أي مدى يمكن قراءته على أنه إفشال لها قبل أن تبدأ؟
رد سالب
من جانبه اعتبر القيادي بحزب البعث السوداني محمد وداعه أن تأخر الإمارات في ردها على المبادرة التركية يمثل رفضا لهذه المبادرة. وقال وداعة لـ (المحقق)، إن العالم كله كان يعتقد أن الإمارات ستمسك بهذه الفرصة وتسارع بالترحيب بها، إلا أن ردها كان سالبا، ويعبر عن تعالي الإمارات واصرارها على العدوان على الشعب السوداني، ورأى أن تركيا حاولت أن تساعد الإمارات في هذه المبادرة، وقبلها حاولت بريطانيا، لافتا انحياز الإمارات الواضح للمليشيا في بيانها، وقال إن هذا طبيعي لأن الإمارات هي الراعي لهذه المليشيا وأنها تنفذ مشروعها، وتابع أن الإمارات بدت معادية للجيش في البيان، موضحا أن المبادرة التركية هي مبادرة بين البلدين، وأن البيان بهذه الصيغة يؤكد تهرب الإمارات من المسؤولية، مؤكدا أن الإمارات لن تذهب في أي طريق للحل في السودان، وأن أجندتها هي اسقاط الدولة السودانية، ومحاولة السيطرة على خيرات الشعب السوداني، معربا عن اعتقاده أن المشكلة بين السودان والإمارات ستحل بالوسائل القانونية عن طريق محكمة العدل الدولية وأنها لن تحل عن طريق التفاوض، وقال إن الإمارات ساهمت في قتل وتشريد الشعب السوداني وتدمير بنيته التحتية، وإنها مدت المليشيا الإرهابية بالسلاح والعتاد، واستخدمت مرتزقة من دول أخرى، وهناك أدلة تؤكد ماقامت به الإمارات في السودان.
غير دبلوماسي
ورأى وداعة أن الإمارات بهذا البيان رفضت المبادرة التركية، معتبرا أن البيان الإماراتي تصريح غير مسؤول وغير دبلوماسي، وأنه أغلق الباب على أي تفاوض، وقال إن الشعب السوداني لم يكن يرجو من الإمارات كثيرا، وإنه يعي تماما مشروعها الإحتلالي والاستيطاني في السودان، لافتا إلى أن هذا المشروع يحطم الآن بفعل إرادة السودانيين وصبرهم، وتقدم قواتهم المسلحة وتستمر حياتهم الطبيعية رغم هذه الحرب، مشيرا إلى ترحيب البرهان بالمبادرة التركية، وإلى إشادة وزير الخارجية السوداني بالعلاقات مع الإمارات، وقال من الطبيعي أن يضع الوزير شروطا للتفاوض مع الإمارات التي ساهمت في تشريد الشعب السوداني وقتله، مشيرا في هذا الصدد إلى طلب الحكومة السورية الحالية تعويضات من إيران التي ساهمت في تدمير سوريا، وقال لا يعيب السودان أنه طالب بتعويضات من الإمارات، ولكننا نتوقع الشر دائما من الإمارات لأن هذه طبيعتها.
استباق الرفض
في المقابل رأى رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني أن أردوغان حصل على الضوء الأخضر من الإمارات قبل إعلان مبادرته. وقال ميرغني لـ(المحقق) يبدو أن البرهان تردد في القبول بالمبادرة، معتبرا أن البيان الإماراتي جاء استباقا لأي رفض قد يأتي من السودان، مشيرا إلى أن البيان أراد أن يقول أن السودان سبق وأن رفض جنيف وأنه يرفض أي تسوية سلمية لحل الأزمة، معربا عن إعتقاده بأن ترحيب وزير الخارجية السوداني بالمبادرة في تصريحاته، لكن تظل الكلمة الأخيرة عند البرهان، مستشعرا أن الإمارات حاولت استباق أي رفض من جانب السودان، وأنها حاولت ربط ذلك برفضه للمفاوضات السابقة.
إذعان وإملاءات
وبحسب رئيس تحرير صحيفة التيار فإن الرأي الأرجح في بورتسودان حول المبادرة التركية سيكون تجاهلها، وقال يجب أن يكون هناك طرح آخر من جانب الحكومة بعد رفضها لمبادرات الحل بالبلاد، ورأى أن الموقف السليم هو أن تكون هذه المبادرة للعلاقات الثنائية بين البلدين، وأن يكون طلب الحكومة في غرف التفاوض بضرورة تعامل الإمارات مع الحكومة السودانية واعترافها بالقوات المسلحة كقوة شرعية بالبلاد، لكن أن يعلن ذلك بشروط مسبقة، يضع الطرف الآخر في احراج وأنه أخطأ، مضيفا المنطق أن ندخل التفاوض أولا، ومن داخل التفاوض نناقش العلاقات الثنائية باستعادة السفيرين، وتطبيع العلاقات، وذلك لدعم موقف الجيش في سبيل انهاء الحرب، لكن التعامل بشروط مسبقة يعتبر إملاءات على الطرف الآخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى