حرب السودان قد تفرخ إرهابيين يغرقون أوروبا بمقاتلين ذوي دربة و تمرس

المحقق- محمد عثمان آدم
دأبت مجلة بولتيكو الأمريكية المتخصصة في شؤون الأمن القومي الأمريكي، مؤخراً على الطرق على خطورة الوضع في السودان، والتحذير من أنه قد يفضي إلى توسيع الفوضى، ليس في القطر فقط بل والمنطقة التي تحيط به من الشرق الأفريقي، وآثار ذلك على أوروبا المحاددة للشرق الاوسط، لكنها هذه المرة أضافت أن الوضع في السودان، حال الفشل في احتوائه، قد يصبح بؤرة لتوليد حركات إسلامية متشددة وإيلاد عناصر ذات دربة و خبرة على القتال من مثل ما حدث في ليبيا ومن ثمّ “يصعب الفتق على الراتق” هناك والسودان ليس ببعيد أو هكذا تريد المجلة أن تحذر إدارة ترمب الجديدة !!
إذ نشرت المجلة مساء الاربعاء – فجر الخميس مقالاً على موقعها المفتوح والمتاح للقراء، تحت عنوان “نقطة ضعف إدارة ترامب في أفريقيا” بإمضاء كل من ، روبي غرامر وإريك بازيل-إيميل، حذرا فيه من أن منطقة شرق أفريقيا تعاني حاليا من أزماتٍ وسيولة أمنية مدمرة تُنذر بالتحول إلى كارثة إقليمية شاملة، والغرب منشغلٌ عنها للغاية، وذلك استنادا إلى تحذيرات من محللين ودبلوماسيين أمريكين مهتمين بشؤون المنطقة؛ ذلك أن حجم الصراعات المتداخلة وعدم الاستقرار – وكثيرٌ منها مترابط – صار أمراً مُذهلاً. فقد أفقست الحرب الأهلية في السودان، المستمرة منذ عامين، واحدةً من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وافرخت اتهاماتٍ بالإبادة الجماعية.
و حذر الكاتبان، استناداً إلى قرءات أمنية و إلى تطورات الأوضاع و تمددها ميدانياً من أن الحرب قد تمتد إلى كل من دولتي تشاد وجنوب السودان المجاورتين، بينما يبدو جنوب السودان على شفا حرب أهلية. ثم طفق الكاتبان يرسمان لوحة تراجيدية مأساوية قاتمة على مآلات الأوضاع، و أشارا إلى أن الصومال يواجه حالةً مزمنةً من عدم الاستقرار، وهجماتٍ إرهابية، وتهديدًا جديدًا بالمجاعة. أما إثيوبيا، التي لا تزال تتعافى و التي خرجت لتوها من حرب إقليمية أسمتها تمردا لكنها في التوصيف المحايد حربٍ أهليةٍ وحشيةٍ في منطقة تيغراي الشمالية، والتي ربما أودت بحياة ما يصل إلى 600 ألف إنسان جلهم من المدنيين ، فتواجه وفقاً للكاتبين موجاتٍ جديدةً من الصراع الداخلي وتصاعد التوترات مع إريتريا المجاورة، والتي قد تتفاقم لتتحول إلى حربٍ أخرى.
و نقلت المجلة عن “دبلوماسي كبير من شرق إفريقيا” قوله “أخشى أن فترة من الظلام تخيم على منطقتنا بأكملها بينما العالم يراقب” – غير مبال.
وتقول المجلة إن بعض المحللين والدبلوماسيين الأمريكيين في المنطقة يقولون بأن واشنطن غائبة عن اتخاذ فعل ملموس فيها، إذ قال آلان بوسويل من مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية: “كانت الولايات المتحدة في كثير من الأحيان الجهة الخارجية الوحيدة التي يمكنها التدخل ومحاولة تهدئة النزاعات بين الدول هنا”. “أما حالياً فلا يوجد أي فعل من تلقاء واشنطن “.
ويشير الكاتبان بأن المسؤولين الأمريكيين في الإدارة الحالية يقرون بأن بوسويل قد يكون على حق. فقد قال دبلوماسي أمريكي مختص في القضايا الأفريقية، عندما سُئل عن تعليقات بوسويل: “أتمنى لو أستطيع أن أقول إنه كان مخطئًا”. “لهذه الإدارة أولويات رئيسية أخرى، وهذا أمر مفهوم، لكننا سنفعل ما في وسعنا لمنع المنطقة من الاشتعال في هذه الأثناء”.
ومثل غيره، فقد طلب الدبلوماسي عدم الكشف عن هويته حين الاجابة مناقشة والتعبير عن آراء على الملأ حول هذه الأزمات.
إلا أن المجلة تقول إن وزارة الخارجية الأمريكية قد ردت على هذا الوصف. بأنه ” هراء؛ في كل أزمة، نشارك على أعلى المستويات، من واشنطن ومن خلال سفرائنا والقائمين بالأعمال”، كما جاء في بيان.
إن إدارة الرئيس دونالد ترامب – المنهكة بالفعل في جهود التوسط لإنهاء الحرب في أوكرانيا والصراع بين إسرائيل وحماس – لم تُرشّح بعد أشخاصًا لعدة وظائف رئيسة رفيعة المستوى في السياسة الأفريقية. ويشمل ذلك مديرًا دائمًا كبيرًا لشؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي أو مساعدًا لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية.
وقد يتغير هذا الوضع قريبًا إذ من المقرر أن يُعيّن ترامب عقيدًا في القوات الجوية يتمتع بخبرة عميقة في الشؤون الأفريقية، وهو جان فيليب بيلتييه، لشغل أعلى منصب في مجلس الأمن القومي، وفقًا لمصدر مطلع على الأمر في الادارة الامريكية الترامبية. وقال مساعدان في مجلس الشيوخ إنه قد يُعلن رسميًا عن اختيار الرئيس لدبلوماسي سابق مخضرم في الشؤون الأفريقية، وهو جيه بيتر فام، لشغل أعلى منصب في وزارة الخارجية في الأسابيع المقبلة يتولى الشئوون الافريقية، و لكن مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض رفض التعليق على التعيينات المحتملة في هذه المناصب.
وتمضي المجلة للقول أن الأزمات الماثلة مقارنة بمثيلاها في الماضي تُنذر بكارثة. اذ يُجري العديد من المحللين والمسؤولين مقارنات بين الحرب في السودان اليوم وانهيار ليبيا خلال حربها الأهلية عام 2011.
و يقول كاتبا المقال إن الحرب الأهلية الليبية قد أغرقت شمال أفريقيا ب”الأسلحة والمقاتلين المتمرسين الذين ساعدوا في تسليح وإشعال التمردات الإسلامية في منطقة الساحل الإفريقي. وقد أدى ذلك إلى عقدٍ مُكلف من حملات مكافحة الإرهاب الأمريكية والأوروبية الفاشلة، وأجج أزمة لاجئين جديدة كبرى في جنوب أوروبا.”
و تقول المجلة إنه قد يكون للحرب الأهلية في السودان تأثيرٌ مماثل. “إذ تتحول الحرب بسرعة إلى بؤرةٍ للتنافس الجيوسياسي، حيث تُحوّل الجهات الفاعلة الخارجية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية وإيران وروسيا، الأسلحة والأموال إلى الأطراف المتنافسة في الصراع.”
واختتم الكاتبان المقال بالاستشهاد بالسيدة خلود خير، المحللة السياسية السودانية ورئيسة مركز كونفلوانس (المقرن) الاستشاري للأبحاث: “ستُغذي كل هذه الصراعات بعضها البعض وتُفاقم بعضها البعض”.