دلالات انعقاد المؤتمر الاقتصادي أثناء الحرب

دكتور هيثم محمد فتحي
تسعي الحكومة للبحث عن مخرج من الأزمة الاقتصادية بعدما كبدت الحرب الاقتصاد السوداني خسائر فادحة، فمن خلال عقد مؤتمر إقتصادي يمكن أن تكون هناك فرص أن يسهم مثل هذا المؤتمر في النهوض باقتصاد السودان.
فمنذ اندلاع الحرب شهد السودان تدهوراً في مستويات التنمية، وضعفاً في القدرات الإنمائية، ونقصاً في الموارد المحلية، واختلالاً حاداً في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد، وتراجعاً في معدلات الاستثمار، وهروباً لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، الأمر الذي ترتب عليه توقف العملية التنموية وزيادة الاعتماد على الواردات. ومن خلال تلك النتائج يعتبر أن أسرع الحلول للاقتصاد السوداني في ظل الحرب إما أن يحصل على دعم خارجي منتظم من الدول الصديقة أو الشقيقة أو المنظمات الدولية المختصة بالتمويل ، أو أن يعتمد على المناطق الآمنة بتطوير خطط الإنتاج ومحاصرة الحرب في نطاق ضيق جداً.
ويتضح من تنظيم الحكومة للمؤتمر الاقتصادي أنها استهدفت معالجة الخلل الذي شاب الاقتصاد والإنتاجية والسياسات المالية والنقدية، كنتاج حرب مستمرة منذ
أبريل 2023 في مناطق متعددة في البلاد وفي اكثر مناطق البلاد انتاجاً ، لذلك فإن الحكومة تريد البحث عن بدائل، والاقتصاد يقوم على البدائل إذا فقدت البنود المالية التي كانت سارية قبل الحرب، لذلك وزارة المالية تبحث عن القطاعات التي يمكنها أن توفر الإيرادات المالية للإنفاق على الأجور والكهرباء والخدمات العامة، وصيانة الطرق والصحة والتعليم .
من الضروري أنَّ يعمل المؤتمر على وضع خطط لكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن في ظل الظروف الراهنة؛ و على الحكومة أن تعمد إلى التعامل مع هذا الوضع من خلال حزمة من الإجراءات والسياسات التي يمكن أن تكون من توصيات المؤتمر ، والتي تمثل في جزء منها ردة فعل للتعامل مع الأحداث الحالية، و وضع مجموعة من السيناريوهات التي يتم تغييرها باستمرار نتيجة للتطورات والمستجدات السياسية والأمنية الراهنة.
السودان عمل على رفع النفقات في قطاع الدفاع والتسليح، وبالتالي سوف يكون جزء كبير من تلك الأموال مخصص وموجهة نحو النفقات العسكرية والواقع الأمني مما يعمل علي ترشيد النفقات في القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى توجيه جزء من الميزانية نحو القطاعات الأمنية الداخلية مثل تجهيز الملاجئ والطواري الصحية والثغرات الأمنية والفجوات الغذائية بمعني توفير الحاجات الغذائية والصحية الأساسية للشعب خلال فترة الحرب الحالية من خلال مخزون احتياطي استراتيجي قوي.
فالاقتصاد السوداني يعاني الآن من اختلال الموازنة العامة للدولة بالنقص الكبير في الإيرادات وزيادة حجم الإنفاق العام مما أدى إلى ارتفاع عجز الموازنة، وحدوث اختلال كبير في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، والذي تزامن مع العديد من الاختلالات الهيكلية في إدارة الدولة وضعف الحوكمة.
في تقديري المؤتمر يعتبر محاولة جادة لإعادة بناء السودان و مؤسساته وبنيته التحتية، والسعي لوضع خطط للتعافي الاقتصادي لمقابلة هذه الظروف الاستثنائية.