رأي

روسيا قد دنا وفاقها

راشد عبد الرحيم

آن لنا في السودان أن نعدل الشعار الذي ساد عند بعضنا في مرحلة سابقة والذي يقول إن (أمريكا روسيا قد دنا عذابها) ..

نعدله ليصف الوضع الراهن ليكون (روسيا قد دنا وفاقها)

بموقفها في مجلس الأمن الدولي؛ فقد وضعت روسيا السودان في مرحلة جديدة سترفع عنه عصا القرارات الدولية الجائرة.

الفيتو الروسي كان حقاً لمصلحة السودان و لكنه أيضاً يحقق مصالح أفريقية و مصالح روسية.

أعلن المندوب الروسي عقب تصويته برفض مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن، أن السودان هو الذي يملك حق طلب القوات الدولية و أن حكومته هي التي تملك الشرعية و هي المعترف بها في المؤسسات الدولية كما له الحق في تحديد طرق وصول الدعم الإنساني و حماية البلاد من استخدام المعابر لنقل الأسلحة.

الفيتو مكسب أفريقي كما هو مكسب سوداني ، فقد قالها المندوب الروسي واضحة ( أؤكد لكم أن بلدي لن تتردد في إستخدام حق النقض لمنع مثل هذه السيناريوهات التي قد تكون لها عواقب وخيمة علي أشقائنا الأفارقة).

القرار ليس لأجل السودان و أفريقيا فقط بل هو مصلحة روسية في المقام الأول فقد قرر الغرب قبل أيام السماح لأوكرانيا إستخدام أسلحة طويلة المدى في حربها ضد روسيا.

جاء الرد من الرئيس بوتن أمس بأن بلاده ستستخدم الأسلحة البالستية في حال تعرضها لخطر .

الموقف الروسي في مجلس الأمن له أبعاد اكبر من التحديات الآنية المرتبطة بالأحداث فقد أشار نائب مندوب موسكو في المجلس إلي البعد الإستعماري خلف القرار فقد قال في خطابه (شكراً لزميلي البريطاني علي خطابه الإستعماري الذي يثبت أن بلاده لا زالت تمارس وصاية ما بعد الإستعمار ليس علي السودان وحده بل على كل الدول الأفريقية).

الموقف الروسي في مجلس الأمن رسم ملامح مرحلة دولية جديدة لن يكون الغرب هو المتسيد فيها على المنظومة الدولية .

رسم الفيتو مرحلة جديدة للسودان يضع فيها عن كاهله عبء حمل تعديات المجتمع الدولي عليه لوحده، فقد بات اليوم يتمتع بظهير قوي.

الفيتو ليس وليد لحظة و ليس لدولة في حجم روسيا أن تحدد مواقفها بناء علي المواقف الطارئة إنما هو تأسيس لنقلة تم التخطيط لها و إنفاذها عبر ترتيبات كان فيها التنسيق مع روسيا علي أعلى المستويات و إن تفاجأ مندوب السودان في الأمم المتحدة بيد المندوب الروسي و هي تعترض علي المسودة البريطانية فإن رئيس السودان لم يتفاجأ.

المرحلة التي أسس لها الفيتو الروسي تحتاج منا إلي كثير من التغييرات في سياستنا الخارجية و علي رأسها أن نتعامل بحكمة مع الموقف الروسي و ندرك من ذلك أننا أمام واجب أن نؤسس لعلاقة جديدة نسهم معها في بناء و تنمية علاقتها بأفريقيا، و السودان يملك قدرات واسعة في هذا الجانب و قد سبق أن أسهم الرئيس البشير في تأسيس علاقتها ببعض الدول الافريقية.

العلاقة الجديدة تحتاج أن يكون فيها ساحلنا في البحر الأحمر هو طريقنا سوياً إلى أفريقيا.

السودان كان له الدور الأكبر في إنشاء الإيغاد و هو من اقترح و ساهم بالقدر الأكبر في تنصيب السيد موسى فكي علي قمة الإتحاد الأفريقي، و قدرات السودان و علاقاته بخير و وجوده في القارة متسع فهو وجود سياسي و ثقافي و رياضي و حضاري و إقتصادي و علينا أن ندرك حجمنا و قوتنا و ننطلق بها من جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى