تقارير

في ظل التدهور المستمر للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.. كيف يعيش السودانيون العاديون في مصر؟

المحقق – نازك شمام

صُدم السودانيون المقيمون و اللاجئون بجمهورية مصر العربية من التدهور المستمر في قيمة عملتهم الوطنية (الجنيه السوداني) أمام العملات الأجنبية، وفي مقدمتها الدولار وبقية العملات، الأمر الذي أثر بشكل بالغ على قدرتهم الشرائية والوفاء بالحد الأدنى من متطلبات حياتهم المعيشية، ولا سيما الأسر السودانية التي لا يزال رب الأسرة فيها، يعمل في السودان ويقوم بتحويل مبالغ ثابتة لأسرته بمصر بغرض المصروفات اليومية.

وبحسب الإحصائيات التي تصدرها الحكومة المصرية فإن عدد السودانيين الذين يعيشون في مصر وصل إلى نحو 5 مليون سوداني، يعيش أغلبهم منذ سنوات، منهم ما يقارب نصف المليون وصلوا بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، سجل بعضهم لدى المفوضية السامية للاجئين بينما لم يسجل آخرون.

وقالت المفوضية السامية للاجئين إنها تستقبل نحو 3 آلاف طلب لجوء يومياُ، مما رفع عدد السودانيين المسجلين لدى المفوضية 5 أضعاف عمّا كان عليه سابقاً، ليبلغ اليوم 300 ألف. ويمثل هذا الرقم 52 في المائة من مجمل عدد اللاجئين المسجلين في مصر لدى المفوضية في أبريل الماضي.

وتتوقع المفوضية «ازدياد الطلب على التسجيل بشكل مستمر في الأشهر المقبلة بسبب الوضع المضطرب في السودان، مع عدم وجود آفاق فورية لسلام مستدام في الأفق»، مقدرةً عدد السودانيين الذي ينتظرون التسجيل بنحو ربع مليون شخص آخر.

وبحسب تداولات الأسواق الموازية للعملات في السودان (الأربعاء)، فإن سعر بيع الدولار وصل إلى 2600 جنيه سوداني فيما ارتفعت قيمة الجنيه المصري إلى 54 جنيهاً سودانياً.

تقول المواطنة السودانية إيمان إبراهيم، التي تقطن منطقة فيصل بمحافظة الجيزة “نحن الآن في ورطة حقيقية سببها تدهور الجنيه السوداني مما ساهم في رفع أسعار الجنيه المصري وأضعف قدرتنا على الشراء”.

وأضافت في حديثها لمحررة موقع “المحقق” الإخباري و”سودان هورايزون”: لجأنا إلى مصر بعد الحرب وفقاً لمقدرتنا المالية المتواضعة والتي كانت تمكننا من العيش فيها”، وتابعت “الآن أضحى الوضع الاقتصادي من الصعوبة بمكان حيث لا تكفي التحويلات التي تأتي من السودان لتلبية الاحتياجات الأساسية”.

بدوره أكد المواطن ياسر إبراهيم، وهو صاحب مخبز بأحد ضواحي القاهرة تأثرهم بانخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام العملات على الرغم من امتلاكه لمشروع يدر عليه بعض الإيرادات.

وقال للمحررة : “في البدء كنت أعتمد على بعض المساعدات التي كانت تأتينا من الأقرباء في دول المهجر والاغتراب، ولكني نفذت مشروعاً لإنتاج الخبز السوداني بغرض الاعتماد على الذات”.

ونوه إلى أن الأرباح التي يدرها مشروعه قليلة مقارنة بمنصرفاته لافتاً إلى ارتفاع أسعار الإيجارات.

وشكت فوزية علي عثمان من ارتفاع أسعار المعيشة في مصر تزامناً مع انخفاض قيمة الجنيه السوداني مقابل الجنيه المصري، ونوهت في حديثها مع محررة “سودان هورايزون” أنه عندما بدأت الحرب قبل خمسة عشرة شهراً كان الجنيه المصري يساوي 13 جنيهاً سودانياً، والآن تجاوز الخمسين جنيهاً.

وكشفت أنه كان بالإمكان الحصول على خمسة ألف جنيه مصري مقابل مائة ألف جنيه سوداني، في حين أنك الآن تحتاج إلى 263 ألف جنيه سوداني لتحصل على ذات المبلغ.

وأشارت إلى صعوبة الأوضاع المعيشية التي يعيش فيها السودانيون في مصر في ظل ارتفاع أسعار ايجارات الشقق وارتفاع أسعار السلع.

وفي مايو الماضي قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني، د. جبريل إبراهيم إنه من الطبيعي انهيار سعر الجنيه السوداني أمام الدولار.
وأوضح جبريل أنه في أي حرب، يرتفع الطلب على الدولار لأنه لا يوجد إيرادات، مضيفا: “بقدر المحاولات التي نبذلها لإيقاف هذا الانهيار، طالما هناك طلب عال على الدولار سواء كان استيراد السلع الاستراتيجية أو الضرورية أو مدخلات الحرب من الطبيعي جداً أن العملة تتآكل، وحدث ذلك مع كل الشعوب التي واجهت حروباً وأنها واجهت مثل هذه المشكلة”.

ومنتصف أبريل الماضي، قال مدير المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدرديري إن السودان خسر 25% من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة واحدة من الحرب.
وأشار الدرديري وقتها، إلى أن الدول لا تخسر 25 % من الناتج خلال سنة واحدة إلا إذا كان الوضع فيها مدمراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى