كلمة البرهان في القمة العربية

عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
في ظل المعركة المصيرية التي يخوضها السودان اليوم، جاء خطاب رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال القمة العربية الطارئة بالقاهرة، ليؤكد موقف الدولة الحاسم تجاه الحرب الدائرة في البلاد. حيث قال البرهان بوضوح:
“كما أننا مستعدون لتنفيذ وقف فوري للعمليات العسكرية متى ما انسحبت هذه المليشيا المتمردة من المناطق التي تحتلها، ورفعت الحصار عن الفاشر وبقية مدن دارفور، وتجمهرت في مناطق محددة توطئةً لتجريدها من السلاح ومعالجة أمرها عسكريًا.”
هذا التصريح يضع النقاط على الحروف، ويؤكد أن أي حديث عن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يكون مجرد اتفاق سياسي يُمنح لمليشيا إرهابية مكافأة على جرائمها، بل لا بد أن يكون مقرونًا بانسحابها من المدن التي احتلتها، ورفعها للحصار عن المواطنين، وتسليم سلاحها ليتم التعامل معها عسكريًا وفق ما تقتضيه سيادة الدولة وأمنها.
إن ما يواجهه السودان ليس مجرد نزاع مسلح، بل هو عدوان ممنهج تمارسه مليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية، التي ارتكبت جرائم يندى لها الجبين من قتل وتشريد واغتصاب ونهب، في محاولة لإذلال السودانيين وكسر إرادتهم. وقد طالت قياداتها عقوبات دولية نتيجة لهذه الانتهاكات الجسيمة، لكن ما خفي أعظم، فهناك جرائم لم تُكشف بعد، وعلى رأسها الاعتقالات القسرية التي ما زال الآلاف من السودانيين يرزحون تحتها، يتعرضون للتعذيب والمعاملة المهينة في سجون هذه العصابة المارقة.
لسنا دعاة حرب، لكننا لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا العدوان الغاشم. لقد نهانا الإسلام عن تمني الحرب، كما قال النبي ﷺ: «يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا» (رواه البخاري ومسلم). لكن حين تُفرض علينا الحرب، فإن الوقوف مع الجيش ومساندته واجب وطني وأخلاقي، لأنه الحصن الأخير الذي يحمي السودان من الوقوع في قبضة المليشيات الإجرامية.
إن موقف السودان واضح كما أوضحه البرهان: لا وقف للقتال إلا بعد إنهاء احتلال المليشيا للمدن، ورفعها للحصار عن المواطنين، وتسليم سلاحها. فهذه ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي معركة وجود وكرامة، يخوضها السودان ليعيد الأمن والاستقرار، ويقطع الطريق أمام حكم العصابات. والموقف هنا ليس محل مساومة أو تفاوض، بل هو التزام تجاه الشعب والتاريخ.