هل تنجح المساعي في تدخل ترامب لاطلاق سراح رئيس النيجر المخلوع؟

القاهرة – المحقق – صباح موسى
في محاولة منها للاستفادة من الزخم الذي رافق عودة ترامب للبيت الأبيض، وسعيه لحل الأزمات حول العالم، تعول أسرة الرئيس النيجري السابق محمد بازوم المحتجز منذ أكثر من عام ونصف على تدخل الرئيس الأمريكي للإفراج عنه.
جذب الانتباه
ويأمل أنصار بازوم الذين سبق أن أطلقوا حملات للمطالبة بإطلاق سراحه، في أن تنجح جهودهم لجذب انتباه ترامب، فيما تسارع عائلة الرئيس المخلوع، الخطوات من أجل حث ترامب للتدخل في القضية بمساعدة نشطاء أميركيين مهتمين بالشأن الإفريقي، في وقت وقع فيه أكثر من ألف سياسي وناشط حقوقي من نحو 70 دولة على عريضة تطالب بالإفراج عن بازوم، كما بعث رؤساء دول وحكومات حاليون وسابقون بأفريقيا وخارجها رسائل للسلطات النيجرية تطالب بالإفراج عن الرئيس النيجري المخلوع.
تعليق المساعدات
وكانت الولايات المتحدة قد دعت مرارا للإفراج عن بازوم بعد الإطاحة به في يوليو 2023، وطالبت إدارة الرئيس الأميركي السابق، بايدن، آنذاك بالإفراج الفوري عن الرئيس وزوجته، والحفاظ على الديمقراطية التي اكتسبتها النيجر بشق الأنفس، كما أدانت انقلاب الجنرال عبد الرحمن تشياني على حكم بازوم، واتخذت قراراً بتعليق معظم المساعدات، وسحبت أهلية النيجر للحصول على مزايا الإعفاء من الرسوم الجمركية.
انقسام الخبراء
وينقسم الخبراء حول امكانية نجاح مسعى أسرة بازوم في الإفراج عنه، فهناك من يرى أن استغلال ملفات مهمة بيد الإدارة الأميركية، تسعى السلطات الجديدة في النيجر في حلها والتخلص نهائيا منها، كالاعتراف الرسمي بسلطة العسكريين، خاصة أن هناك توصيات سابقة من إدارة ترامب في الولاية الأولى تدعو إلى التعاون مع قادة الانقلابات العسكرية بأفريقيا بدل تجنبهم وتركهم لروسيا. في المقابل يرى بعض آخر أن ترامب لا يولي هذه الدول أهمية، وأن لديه ملفات أخرى أهم.. فإلى أي مدى يمكن أن يتدخل الرئيس الأمريكي للإفراج عن بازوم، وماهي الملفات التي يملكها للضغط على المجلس العسكري الحاكم بالنيجر؟
الحارس للديمقراطية
رئيس جامعة المغلي الأهلية الدولية بالنيجر الدكتور عبد المهيمن محمد الأمين يرى من جانبه أن ترامب لديه من الملفات العالمية الساخنة والكبيرة والتي قد لا تجعله يشغل نفسه بقضية محاولة الإفراج عن بازوم. وقال الأمين لـ “المحقق” يمكن أن يفعل ترامب ذلك في إطار أن أمريكا تنظر لنفسها بأنها الجهة والحارس الوحيد الأمين والصادق في نظرها الذي يحمي الديمقراطية والحكم الرشيد في العالم، مضيفاً ربما في هذا الإطار يتدخل ترامب ويحاول أن تكون هنالك بالنيجر ديمقراطية وفق المعايير الغربية، وتابع: ربما يستخدم ترامب في هذه الحالة ما لديه من أوراق قوية للضغط على المجلس العسكري بالبلاد.
لا تنازل
وأوضح الخبير النيجري أن هناك ملاحظة بأن المجلس العسكري بالنيجر مصمم على المضي قدماً للتحرر من كل مايتسبب في ضعف السيادة الوطنية، والتخلص من الهيمنة الغربية، مؤكدا أن هذا اتجاه قوي للغاية، وقال نلاحظ أن المجلس العسكري لا يتنازل ولا يتراجع عن مواقفه، ومن الصعوبة القبول بتنازلات في قضية بازوم التي يعتبرها المجلس قضية وطنية ستحل من منظور وطني وليس بالفرض من الخارج، مشيراً إلى شخصية ترامب الغريبة والتي تخالف كل التكهنات والتنبؤات، وقال ربما يفاجئ ترامب العالم بتدخله في هذه القضية بشكل قوي، وقال في هذه الحالة سيحاول ترامب أن يستخدم الضغط الاقتصادي وأن يستخدم الدعم والمساعدات وربما يقدم عروضاً ومغريات، لافتاً إلى أن المجلس العسكري حتى لو وافق على إطلاق سراح بازوم لابد وأن يحصل على ضمانات قوية، وقال إنه على رأس هذه الضمانات أنهم يتأكدون أن بازوم لا يمكن أبداً عودته للحياة السياسية من جديد، أو القيام بما يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار بالبلاد، ورأى في النهاية أن بازوم سيخرج في اطار القوانين والمصالحات الداخلية.
لم تتضح
من جهته أوضح الكاتب الصحفي الموريتاني المتخصص في غرب إفريقيا محفوظ ولد السالك أنه لم تتضح بعد ملامح رؤية ترامب في ولايته الرئاسية الثانية تجاه القارة الأفريقية، وما إذا كانت ستختلف عنها خلال ولايته الأولى، التي لم يعر فيها أفريقيا كبير اهتمام. وقال ولد السالك لـ “المحقق” حتى الآن، اتخذ ترامب 3 خطوات تعنى بها بعض بلدان إفريقيا، إحداها تجميده المساعدة الخارجية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهذا الأمر في الواقع ينعكس على أكثر من 100 دولة عبر العالم، وأفريقيا تشكل فقط جزءا من ذلك، مضيفاً أما الخطوة الثانية، فهي وقف ترامب للمساعدات المالية الأمريكية لجنوب إفريقيا، على خلفية قانون ملكية الأراضي، وأيضا ملاحقة البلاد للاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، وتابع الخطوة الثالثة، هي إعلانه شن ضربات جوية على عدد من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الصومال، وبالتالي نحن نتحدث عن حالات معزولة، تتضمن الإيجابي والسلبي.
الضغط بصفقة
وأوضح الكاتب الصحفي الموريتاني أن النيجر دولة غنية باليورانيوم الذي يدخل في العديد من الصناعات، وأن هذا بالطبع يهم الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تضغط على المجلس العسكري الحاكم قي نيامي من أجل صفقة تتيح لها الاستفادة من ذلك، وقال إن النيجر في عهد الحكام العسكريين الحاليين طردت القوات الأمريكية من أراضيها، وأرغمتها على مغادرة قاعدتيها 101 و201، والأخيرة هي عبارة عن قاعدة للطائرات بدون طيار بوسط النيجر، وتم بناؤها بتكلفة 100 مليون دولار، وبالتالي هذا قد يجعل الولايات المتحدة بالمنطق الترامبي تضغط على نيامي من عدة بوابات من أجل ضمان الاستفادة من اليورانيوم، ولم يستبعد أن يشكل مطلب إطلاق سراح بازوم ورقة ضغط لدى واشنطن، تضاف للورقة المتعلقة بكون هؤلاء العسكريين وصلوا السلطة عبر انقلاب عسكري، وليس عبر مسار انتخابي ديمقراطي، وقال لكن المنطق الأهم بالنسبة لترامب هو “أمريكا أولا” ما فيه استفادة اقتصادية وتجارية لها لن يتردد فيه، وما ليس كذلك قد لا يقدم عليه.
مصالح أمريكا
بدوره يرى العضو المؤسس في حزب التجديد الديمقراطي الجمهوري بالنيجر عمر الأنصاري أن تدخل ترامب في ملف الرئيس المعزول محمد بازوم لتحريره، يتوقف على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية بالنيجر والساحل عموماً، وقال الأنصاري لـ “المحقق” إذا رأى ترامب أن تحرير بازوم والدفاع عن القيم والمبادئ الديمقراطية بالساحل سيخدم مصالح أمريكا لن يتردد في الضغط عن المجلس العسكري لتحرير بازوم وجميع معتقلي الرأي والسياسة، مضيفاً بالنسبة للضغوطات التي يمكن أن تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على النظام العسكري بنيامي بعدة وسائل حسب رغبتها في استعادة الوضع الدستوري بالنيجر، وعلى رأس ذلك التقارب مع روسيا في الملف الأوكراني للتخلي عن الأنظمة الانقلابية بالساحل، وتابع من الضغوطات أيضا التهديد بقطع المساعدات وفرض العقوبات، وقطع العلاقات الثنائية بين البلدين.
دعم المتمردين
وبحسب المعارض النيجري ربما يتطور الأمر إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية للمتمردين على النظام والمطالبين بتحرير بازوم واستعادة الوضع الدستوري بالبلاد، وقال إن الوضع لا يخص عائلة بازوم بقدر ما يخص جميع النيجريين خاصة الديمقراطيين منهم، وكذلك جميع النشطاء الأفارقة وجميع الديمقراطيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، مشيرا إلى توقيعه على عريضة نشطاء أمريكيين في الإعلام وحقوق الإنسان لتحرير بازوم، وقال أنا معارض لحزب بازوم قبل توليه الحكم وليس لشخصه، وأعارض حزبه منذ عهد الرئيس السابق له محمدو إسوفو لفساده ولتزويره المكرر للانتخابات، مضيفا عندي من التناقض والسخرية من المبادئ الأساسية للديمقراطية أن أعارض تزوير الانتخابات، ثم أدعم الانقلاب العسكري، وهما وجهان لعملة واحدة.