وزير الخارجية مع الإعلاميين…. حديث الشفافية والدبلوماسية

بورتسودان – المحقق – طلال إسماعيل
في النادي العالمي على كورنيش بورتسودان الرئيسي شرقي السودان، طرح وزير الخارجية السوداني الدكتور علي يوسف، على الاعلاميين والصحفيين في جلسة اجتماعية لا تخلو من رسائل دبلوماسية، تطورات الأوضاع في البلاد التي تترقب انتصارا حاسما للجيش على مليشيا الدعم السريع في العاصمة الخرطوم.
تكلم الوزير بكل صراحة، ما بين حديث للنشر وآخر طي الكتمان، بدا الوزير منشرح الصدر وهو يقول: “علي يوسف أحمد الشريف، لست غريباً على مجتمع الصحفيين والإعلاميين ، لقد عملت مديراً عاما لوكالة السودان للأنباء لمدة عامين.”
وتابع وزير الخارجية: “كانت فترة عملي في سونا ثرة جدا وجميلة جدا، الفكرة طرحها لي وزير الثقافة والإعلام آنذاك غازي صلاح الدين عندما انتهت مهمتي كسفير للسودان في الصين.”
وأشار إلى أن غازي صلاح الدين كان يريد وقتها أن يخصخص وكالة سونا وأن لا تكون تابعة للحكومة، ويسرد وزير الخارجية ذكرياته التاريخية قائلا : “اكتشفت أنه من المستحيل أن تكون وكالة أنباء خاصة.”
ما بين الاعلامي والدبلوماسي
تلك أولى علاقته مع الاعلاميين، ويتابع وزير الخارجية قول : “استمرت علاقتي مع الإعلاميين، فالدبلوماسي والإعلامي وجهان لعملة واحدة، والإعلامي قريب من صفة الدبلوماسي، أغلب التقارير التي يقوم بإعدادها الدبلوماسيون تعتمد على قصص وروايات وحكايات يعدها الصحفيون.”
سيرته الذاتية
ويقدم الوزير سيرته الذاتية بالقول : “ولدت في الخرطوم في مطبعة التمدن في شارع الحرية بالخرطوم، ثم درست في مدرسة الكتاب في الأبيض ثم المرحلة الثانوية في مدرسة المؤتمر وتخرجت من كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم، ونلت دبلوم عالي في كلية الاقتصاد، قبل أن أخضع لامتحان للتقديم في وزارة الخارجية.”
40 عاما من الخبرة
ويضيف الوزير : “استمريت في العمل بوزارة الخارجية من سكرتير ثالث وحتى وزير مفوض ثم سفيرا في المجموعة الأولى لمدة 40 عاما.”
وزاد : “قدر الله أن أعود عقب 10 سنوات لوزارة الخارجية، لم أعود للخارجية إلا بقناعة ويقين قوي.”
مجهودات الوزير سابقاً
يعتز وزير الخارجية بعمله خلال الفترة الماضية في تحقيق الكثير من الانجازات بفريق عمل لخدمة مصالح السودان، ويقول: “حين يقولوا مصفاة الخرطوم حرقوها انتو ما متخيلين مدى العذاب والألم الذي يحيط بنا جراء المجهود الذي قمنا به لكي تنشأ مصفاة الخرطوم، هذا كلام مؤلم وصعب جدا، ولكي نتكلم بأريحية انا ما جيت وزارة الخارجية عشان أكون وزير ولا أقبض بالدولار أنا سعيد جداً عشان أخدم بلدي.”
هنا خنقت العبرة الوزير الذي لم يستطع أن يكمل عباراته، فسكت لبرهة من الزمن قبل أن تتولى المنصة التي أدارها الزملاء مصعب محمود وعاصم البلال وسمية سيد ومحمد عثمان الرضي في فتح باب الفرص للأسئلة من قبل الإعلاميين.
قال وزير الخارجية بأن وزارة الخارجية كانت في وضع مأساوي خلال الفترة الماضية، ولذلك بعد تقلدي منصب الوزير كان لابد أن أبدأ بالبيت الداخلي لإصلاحه وتنظيمه”.
وأردف :”عشت عمري كله في الوزارة وهم زملائي، وبالنسبة لي من يدخل الخارجية هو زميل أو أخ أو أخت ولا أنظر إلى لونه السياسي، أهم حاجة يكون دخل الخارجية بالطرق المشروعة.”
الترقيات
وكشف وزير الخارجية عن مشروع ترتيب البيت الداخلي في الوزارة، وتابع : “في القاهرة عقدت لقاءا مطولا مع مجموعة من السفراء منذ اليوم الثاني للتكليف، وتناقشنا حول أنه لابد من الاهتمام بترقيات الدبلوماسيين، هنالك من ظل طوال 10 سنوات أو اكثر في وظيفة واحدة.”
وأشار إلى أنه ترقى من سكرتير ثالث إلى مستشار خلال عهد الرئيس السوداني الاسبق جعفر نميري خلال 6 سنوات، موضحا بأن “موضوع الترقيات مسألة مهمة جدا، ونقل الشخص المناسب في المكان المناسب، ترتيب البيت الداخلي بصورة مهنية وليس فيها انحياز ولا واسطات.”
وأكد بأنه تلقى من اللجان المشتركة تقريراً حول ترقيات الدبلوماسيين من سكرتير ثالث حتى وزير مفوض بعد أن دخلوا في منافسة شريفة جدا، موضحا بأن الترقيات لم تكن ترف ولم تكلف الدولة أي حاجة، وهي عبارة عن إنصاف، مضيفا بالقول:” واجهتنا في التنقلات مشكلة الحرب والظروف الحالية ورؤيتي بأن الدبلوماسية هى الذراع الثاني لحرب الكرامة بعد الذراع العسكري.”
المؤامرات
وتناول وزير الخارجية بالشرح المؤمرات الخارجية التي يتعرض لها السودان، وقال: “السودان من أكبر مشاكله التدخل الخارجي لأن السودان به ثروات غير عادية، والمؤامرات نحن ندفع في ثمنها لأنها تستهدف موارد السودان.”
وحول عمل وزارة الخارجية، قال الوزير : “عندما بدأت عملي كنت مستهدف دول الجوار لأنها أولوية، ودول الجوار من المهم جدا أن يحصل معها عمل كبير ، البداية بمحاولات جادة مع دول الجوار ونجحنا نجاح منقطع النظير مع مصر التي تلعب دور إيجابي كبير جداً مع قضايا السودان.”
وأشار إلى أن الأذى يأتي للسودان من خليفة حفتر في شرق ليبيا ، وتابع : “رغم أننا بدأنا اتصالات معهم
لأنشاء قنصلية في الكفرة، و لدينا علاقة كويسة مع غرب ليبيا في طرابلس .”
ورأى وزير الخارجية السوداني بأن أغلب دول جوار السودان تعيش في ظروف اقتصادية صعبة جدا، وأن دولة الإمارات لديهم إمكانيات مالية بعد أن دخلوا في تحدي كبير حول السودان، وتابع الوزير:”
لذلك يدفعون رشاوي كبيرة جدا وقد رصدت مبالغ كبيرة جدا دفعت من قبل الإمارات للرئيس التشادي محمد كاكا، ولو تذكرون جولة وزير الدولة بالخارجية الإماراتية لعدد من الدول الأفريقية، قدم لتلك الدول رشاوي كبيرة جدا.”
مبادرات الصلح مع الامارات
وحول المبادرات التي تقدمت بها مصر وتركيا بالاضافة إلى المبادرة الشعبية للصلح بين السودان والإمارات، قال وزير الخارجية السوداني :”دولة الإمارات قامت على أكتاف السودانيين، وهنالك 3 محاولات لم تؤدي لتسوية الأزمة معها، من ضمنها المبادرة المصرية والتركية ومبادرة شعبية لسودانيين نهضوا بدولة الإمارات،حتى هذه اللحظة ليس هنالك جديد حول المبادرة التركية لإصلاح العلاقات مع دولة الإمارات،
ليس لدينا حوار مباشر ولا مفاوضات مع دولة الإمارات وهنالك محاولات وساطة مصرية وتركية، والقاهرة طرحت حوار غير مباشر بين السودان والإمارات”.
وتابع :” قدمنا شكوى ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية وهذا يعني تلقائياً موت المبادرات.”
وأكد بأنه من مصلحة السودان أن يتعاون مع الصين و روسيا و إيران و الهند وأي دولة لا تتدخل في شؤونه وتحترم سيادته.
وزاد بالقول : “روسيا اتخذت موقفاً قوياً وقراراً تاريخياً باستخدام الفيتو، هذا موقف عظيم جدا وذهبت إليهم في موسكو لأقول لهم “شكراً روسيا”
علاقات متميزة مع مصر وإريتريا والسعودية
وأكد وزير الخارجية السوداني وجود علاقات متميزة جدا مع دول مصر والسعودية واريتريا، وقال علاقتنا مع إريتريا ممتازة جدا وهي تقف معنا، أما مصر فقد لعبت دوراً إيجابياً كبيراً جدا مع السودان وأما السعودية فهي دولة مهمة جدا لنا وموقفها قوي جدا ضد تشكيل حكومة للمليشيا.”
وحول علاقات السودان واثيوبيا، قال وزير الخارجية : “رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد لديه علاقات جيدة مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ولدينا اتصالات مع وزارة الخارجية .”
وبخصوص الخطوات التصعيدية ضد كينيا بسبب موقفها الداعم لمليشيا الدعم السريع، قال أن هنالك لجنة سودانية لديها قرار بحظر مرور الطيران الكيني فوق الأجواء السودانية من المتوقع صدوره خلال يومين.