رأي

قراءة في جولة البرهان في غرب أفريقيا

مهند عوض محمود

في تناغم واضح بين الجهود العسكرية والسياسية، قام الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بزيارة إلى دول في غرب أفريقيا اعتباراً من الحادي عشر من يناير الجاري ، تزامناً مع الانتصارات الميدانية التي حققها الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى في مدينة ود مدني ومدن وقرى أخرى بولاية الجزيرة.

هذا التزامن لم يكن محض صدفة، بل يعكس استراتيجية القيادة السودانية الرامية إلى تعزيز الشرعية السياسية والدبلوماسية دولياً وإقليمياً بالتوازي مع تحقيق انتصارات ميدانية داخلياً، لتوجيه رسالة واضحة عن قدرة جيش وحكومة السودان على استعادة الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات داخلياً وخارجياً.

شملت الجولة التي قادها البرهان دول مالي ، غينيا بيساو، سيراليون، والسنغال، وكان يرافقه عدد من المسؤولين بالدولة.

حملت هذه الجولة أبعاداً استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة السودان الإقليمية والدولية وسط تحديات أبرزها الصراع مع المليشيا المتمردة التي تسعى لزعزعة أمن البلاد وعزلها عن محيطها الإقليمي.

أظهرت الزيارة بُعداً دبلوماسياً بارزاً، حيث ركزت على تقوية العلاقات الثنائية مع دول غرب أفريقيا، والتي تواجه تحديات مشتركة مع السودان، خاصة فيما يتعلق بالتهديدات الأمنية والجماعات المسلحة ؛ وقد جاءت هذه الخطوة في توقيت حساس، إذ تسعى المليشيا المتمردة إلى تجنيد عناصر من خارج السودان، مستهدفةً دولاً تعاني من هشاشة أمنية ؛ وبالتالي بات تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع تلك الدول ضرورياً لقطع الطريق أمام محاولات التمرد لتوسيع نفوذه أو تجنيد المرتزقة.

الزيارة لم تقتصر على تعزيز العلاقات السياسية، بل شملت أيضاً نقاشات معمقة حول قضايا الأمن والاستقرار الإقليمي ؛ حيث أكد البرهان خلال لقاءاته أن الجيش السوداني يمثل الضامن الأساسي لوحدة البلاد واستقرارها، في حين أن المليشيا المتمردة لا تعدو كونها مجموعة خارجة عن القانون تعمل لتحقيق أجنداتها الخاصة على حساب الشعب السوداني.

هذه الرسالة حظيت بتقدير ودعم قادة الدول التي زارها، مما يعكس تنامياً في الإدراك الإقليمي بأهمية دعم السودان في مواجهة هذه التحديات.

إضافة إلى ذلك، شكلت الجولة فرصة لإعادة تأكيد حضور السودان في الاتحاد الأفريقي، في ظل مساعيه لاستعادة عضويته المعلقة بسبب الأوضاع الداخلية.

نجاح هذه الجهود سيعزز مكانة السودان إقليمياً ودولياً، ويدعم الجيش السوداني في معركته ضد التمرد، مما يقوض أي محاولات لإضفاء شرعية دولية على المليشيا المتمردة أو توفير دعم خارجي لها.

أظهرت هذه الجولة قدرة قيادة الدولة على الجمع بين العمل العسكري والدبلوماسية الذكية، حيث تهدف هذه الجهود إلى بناء شبكة دعم إقليمية تسهم في تقويض محاولات المتمردين سواء عبر منع تجنيد المرتزقة أو كسب الدعم السياسي لتعزيز شرعية الجيش كقوة وحيدة مسؤولة عن أمن السودان ووحدته.

لم تقتصر جهود البرهان والجيش السوداني على الجوانب العسكرية، بل امتدت لتشمل البعد الإنساني، حيث أكد البرهان أهمية التعاون الإقليمي لمعالجة الأزمات الإنسانية الناتجة عن التمرد، وسعى للحصول على دعم لتخفيف معاناة الشعب السوداني ؛ هذا النهج الإنساني يعكس حرص القيادة السودانية على وضع مصلحة الشعب في صدارة الأولويات، في مقابل سعي المليشيا لتحقيق مصالحها ومصالح داعميها علي جثث الشعب السوداني.

ختاماً، يمكن القول إن زيارة البرهان إلى غرب أفريقيا تمثل خطوة مهمة في إحباط مخططات المليشيا المتمردة، وتعزيز الأمن والاستقرار في السودان، وتؤكد أن السودان بجيشه وشعبه قادر على تجاوز هذه المحنة والانطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى