أخبارسياسية

تقرير جديد لـ “يونسيف” يستعرض “مستقبل الطفولة في عالم متغيّر”

نيويورك – المحقق
“ستساهم الاتجاهات الديموغرافية اليوم في تشكيل أنماط السكان في المستقبل. وسيحدد الكربون المبثوث حالياً و بغزارة على غلافنا الجوي معالم مناخ المستقبل. وستؤثر التقانات التي نطورها ونتحكم بها اليوم على طرق تعلم الأجيال المقبلة وعملها وتواصلها وأيضاً على عافية الأطفال لسنوات طويلة”، ذلك ما خلص إليه تقرير أممي صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” نهاية الأسبوع.

و يتناول التقرير ثلاث قوى عالمية قوية وطويلة الأمد (أو اتجاهات كبرى) يقول إنها ستترك أثراً عميقاً على حياة الأطفال من الآن حتى عام 2050، وهي: التغييرات السكانية، وأزمات المناخ والبيئة، والتقانات الرائدة.

ويتناول التقرير الصادر تحت عنوان: “حالة أطفال العالم لعام 2024: مستقبل الطفولة في عالم متغيّر”، توقعات حول الكيفية التي ستؤثر فيها ثلاث عناصر عالمية رئيسية على حياة الأطفال بحلول عام 2050 وبعدئذ. وتوفّر هذه العناصر الكبرى وهي التحول الديمغرافي، والأزمات المناخية والبيئية، والتقانات الرائدة ، مؤشرات رئيسية حول التحديات والفرص التي قد تواجه الأطفال في المستقبل.

وتقول المديرة التنفيذية لليونيسف، السيدة كاثرين راسل، “يواجه الأطفال عدداً كبيراً من الأزمات، من مثال الصدمات المناخية إلى الأخطار على شبكة الإنترنت، ومن المتوقع أن تشتدّ هذه الأزمات والأخطار في السنوات المقبلة. وتُظهر التوقعات الواردة في هذا التقرير بأنَّ القرارات التي يتخذها قادة العالم اليوم – أو يخفقون في اتخاذها – ستحدِّد طبيعة العالم الذي سيرثه أطفالنا. وتتطلب إقامة مستقبل أفضل في عام 2050 أكثر من مجرد التخيّل: إذ تتطلب العمل. وقد أصبح التقدّم المحرز خلال عقود، مهدداً لحياة الأطفال وخاصة الفتيات منهم.”

وتمثل أزمة المناخ تحدياً وأزمة رهيبة حالياً، إذ كان عام 2023 هو العام الأكثر سخونة في السجلات. ووفقاً للتقرير، فمن المتوقع أن تصبح الأزمات المناخية والبيئية في العقد 2050–2059 أكثر اتساعاً، وسيزداد عدد الأطفال المعرضين لموجات الحَرّ الشديد بمقدار ثمانية أضعاف، كما سيزداد عدد الأطفال المعرضين للفيضانات النهرية الشديدة بثلاثة أضعاف، وسيزداد عدد الأطفال المعرضين لخطر حرائق الغابات الشديدة بمقدار الضعفين، وذلك بالمقارنة مع العقد الأول من هذا القرن.

وسيكون تأثير هذه المخاطر المناخية على الأطفال حسب العمر والوضع الصحي، والظرف الاجتماعي والاقتصادي، وقدرة الأطفال في الاستفادة من الموارد. فمثلاً، تتوفر فرصة أفضل للنجاة من الصدمات المناخية للطفل الذي يتمكن من الحصول على مأوى ليصبح قادراً على تحمل الظروف المناخية، والتكييف والرعاية الصحية، والتعليم، والمياه النظيفة، بالمقارنة مع الطفل الذي لا تتاح له هذه الإمكانيات.

ويؤكد التقرير على الحاجة الملحة للقيام بإجراءات بيئية تهدف لحماية جميع الأطفال وللحدّ من الأخطار التي يواجهونها.

ومن المتوقع أن يسكن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومنطقة جنوب آسيا أكبر عدد من الأطفال في العقد الذي يبدأ بعام 2050، كما تشير التوقعات إلى ازدياد معدلات السكان طويلي الاعمار، إذ من المتوقع أن يتناقص عدد الأطفال في جميع مناطق العالم. وبينما ستظل نسبة الأطفال من مجموع السكان عالية في أفريقيا، ستنخفض إلى أقل من 40 بالمئة، ما يمثل تراجعاً عن نسبة الـ 50 بالمئة التي سجلتها القارة في العقد الذي بدأ بعام 2000. وستنخفض النسبة إلى أقل من 17 بالمئة في شرق آسيا وأوروبا الغربية ، حيث شكّل الأطفال نسبة 29 بالمئة و20 بالمئة، على التوالي، في العقد الذي بدأ بعام 2000.

وفي الوقت نفسه، يقرّ التقرير بأنَّ التقانات الرائدة – كالذكاء الاصطناعي -تنطوي على جوانب إيجابية وعلى مخاطر للأطفال، فهم بدأوا فعلاً بالتعامل مع الذكاء الاصطناعي المُدمج في التطبيقات الرقمية، والدُمى، وبرامج المساعدة الافتراضية، والألعاب الرقمية، وبرامج الحاسوب التعليمية. بيد أنَّ الفجوة الرقمية تظل كبيرة. ففي عام 2024، كان أكثر من 95 بالمئة من السكان في البلدان المرتفعة الدخل على اتصال بالإنترنت، بالمقارنة مع حوالي 26 بالمئة من السكان في البلدان المنخفضة الدخل.

ويشير التقرير إلى أنَّ نسبة كبيرة من الشباب في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل يواجهون صعوبة في الحصول على المهارات الرقمية، وسيؤثر ذلك على قدرتهم في استخدام الأدوات الرقمية استخداماً فعالاً ومسؤولاً في التعلّم وفي أماكن العمل. وغالباً ما ترتبط هذه العوائق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية، والجندر، والخصائص اللغوية، وإمكانية الحصول على تلك المهارات.

إلا أن التقرير يحوي بعض الأخبار الجيدة. فمن المتوقع أن يزداد العمر المتوقع عند الولادة، ومن المتوقع أيضاً أن تستمر المكتسبات التي تحققت على امتداد السنوات الـ 100 الماضية في إمكانية الأطفال في الحصول على التعليم، ومن المتوقع أن يكون زهاء 96 بالمئة من الأطفال في العالم حاصلين على التعليم الابتدائي على الأقل في العقد الذي يبدأ بعام 2050، مرتفعاً عن نسبة 80 بالمئة المسجلة في العقد الذي بدأ بعام 2000.

وبالمثل، ومع تخصيص المزيد من الاستثمار في التعليم والصحة العامة وفرض إجراءات حماية بيئية أكثر حزماً، يفيد التقرير بأنَّ النتائج للأطفال سوف تتحسن كثيراً. فمثلاً، ستضيق الفجوة بين الجنسين في الحصول على التعليم، وسيتقلص التعرّض للأخطار البيئية.

يؤكد تقرير “حالة أطفال العالم لعام 2024” على أهمية وضع حقوق الأطفال في مركز الاهتمام في جميع الاستراتيجيات والسياسات والأنشطة، حسبما تُحدِّد اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة. ويدعو التقرير إلى التصدي للتحديات والاستفادة من الفرص التي تنشأ عن التوجهات الثلاثة الكبرى المذكورة، وذلك من خلال الاستثمار في التعليم والخدمات وفي مدن مستدامة قادرة على التحمل من أجل الأطفال وتوسيع الهياكل الأساسية والتقنيات والخدمات الأساسية وأنظمة الدعم الاجتماعي القادرة على تحمل الظروف المناخية وتوفير الربط بالإنترنت والتصميمات التقنية الآمنة لجميع الأطفال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى