رأي

ترامب والرسوم الجمركية: هل تعيد أمريكا عظمتها أم تثير أزمات اقتصادية عالمية؟ (2-5)

أمريكا/ كندا والمكسيك

دكتور عبده داؤود

قبل الانتقال إلى الحلقة الثانية من العلاقات بين الولايات المتحدة وجارتيها، كندا والمكسيك، وتأثير الرسوم الجمركية عليهما، نشكر القراء الذين تواصلوا معنا، سواء لتشجيعنا على الكتابة أو لتصحيح الخطأ المطبعي الذي ورد في الخلط بين الدين العام الأمريكي وعجز الموازنة العامة. للتوضيح، يُقدر عجز الموازنة الأمريكية بحوالي 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يبلغ الدين العام نحو 33 تريليون دولار وفقًا لأحدث البيانات.

وعوداً لموضوع حلقة اليوم ، نقول إن العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة وكندا ظلت مستقرة ولم تشهد توترات تاريخية تُذكر. الدولتان تشتركان في أطول حدود دولية غير محمية، وتربطهما اتفاقيات تجارية قوية، مثل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA)، التي تم تحديثها إلى اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) في عام 2020.

على الصعيد السياسي، تظل الدولتان حليفتين مقربتين، حيث تتعاونان في مجالات الدفاع والأمن، بما في ذلك قيادة دفاع الفضاء الجوي لأمريكا الشمالية (NORAD).

أما العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك، فتُعد من بين الأكثر تعقيدًا في العالم. المكسيك هي ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، حيث يتم تبادل مليارات الدولارات سنويًا في مجالات مثل الزراعة وصناعة السيارات. إن اتفاقية التجارة الحرة (NAFTA)، التي تم تحديثها إلى (USMCA)، عززت التعاون التجاري بين البلدين. ومع ذلك، فإن التحديات السياسية تظل قائمة، مثل الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة. إن الجدار الحدودي بين البلدين، و الذي يتكون من حواجز مادية وتقنيات مراقبة، يعكس هذه التحديات. ففي ولاية ترامب الأولى تم بناء سور بطول 930 كيلومترًا، بينما يبلغ طول الحدود الإجمالية بين البلدين حوالي 3,145 كيلومترًا.

العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك تتسم بالتداخل الاقتصادي والسياسي، لكنها تختلف في طبيعتها. فبينما تتسم العلاقة مع كندا بالتعاون والاستقرار، فإن العلاقة مع المكسيك أكثر تعقيدًا، حيث تشمل التعاون التجاري عبر اتفاقية (USMCA)، لكنها تواجه تحديات مثل الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.

ترامب، في حملته الانتخابية الأخيرة، دعا إلى ضم كندا كولاية 51 للولايات المتحدة وفرض رسوم جمركية عليها. يبدو أن فكرة الضم كانت مجرد سقف تفاوضي، بينما الهدف الحقيقي هو تحقيق تبعية إقتصادية كاملة للولايات المتحدة. أما بالنسبة للمكسيك، فإن الأهداف الرئيسية للحملة كانت وقف الهجرة غير الشرعية ومكافحة المخدرات. ربما أراد ترامب أن يوضح للعالم أن هذا هو أسلوب أمريكا مع جيرانها.

بالنظر إلى الميزان التجاري، بلغت صادرات كندا إلى الولايات المتحدة في عام 2024 حوالي 482 مليار دولار، بينما استوردت كندا ما يقرب من 441 مليار دولار، مما يشير إلى عجز تجاري يبلغ حوالي 41 مليار دولار، أي أقل من 10٪. أما مع المكسيك، فقد بلغت صادرات الولايات المتحدة حوالي 323.1 مليار دولار، بينما استوردت بضائع بقيمة 475.6 مليار دولار، بعجز يقارب 30٪. هذا العجز ليس مبررًا كافيًا لكل هذه الضجة، لكن ترامب يبدو أنه أراد استخدام الاقتصاد لخدمة أهداف سياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى