2024 ..احداث وظلال

لأول مرة في تاريخ السودان، جاءت أحداث العام 2024م،، إما راضخة للواقع الذي خلفته الحرب، أو متأثرة، بفعلها وتداعياتها وما ألحقته بالناس والوطن من أذى، منذ اندلاعها في منتصف أبريل من العام الماضي.
العام2024م، شهد امتداداً للحرب هذه المدبرة المدمرة، من أول أيامه وحتى يومنا هذا.. فجاءت أبرز أحداثه، متأثرة بتداعياتها، ولم تسلم ، من ويلاتها، وهي ستبلغ بنهاية العام 2024م ، شهرها العشرين. حتى الأمور والأنشطة والبرامج العادية غير البارزة.
أما سلسلة الأحداث البارزة المتلاحقة التي شهدتها الساحة السودانية خلال العام 2024 فقد كان أبرزها استمرار الصراع المسلح بين الجيش السوداني، ومليشيا الدعم السريع المتمردة، للعام الثاني على التوالي منذ أن أشعله آل دقلو ، منتصف أبريل من العام الماضي.
العمليات العسكرية المتواصلة عمقت الأزمة الإنسانية. ما أدى إلى نزوح نحو إثني عشر مليون شخص داخلياً،، وأكثر من مليون آخرين لجأوا إلى دول مجاورة. فيما تقدر الأمم المتحدة حسب بعض تقاريرها ، عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بنحو (25) مليون شخص وسط تحذيرات من حدوث (مجاعة) وهو الأمر الذي ظلت تنفيه مراراً السلطات السودانية. مستدلة بتقرير وزارة الزراعة حول إنتاج هذا العام من المحاصيل الغذائية، وأكده (كرم الله عباس الشيخ) رئيس إتحاد مزارعي القضارف، والسودان الأسبق، الذي رأس وفد مزارعي القضارف عندما زار بورسودان مؤخراً والتقى رئيس مجلس السيادة، و طمأن أهل السودان أن القضارف زرعت عشرة مليون فدان هذا الموسم، رغم تأثيرات الحرب على الكثير من مناطق الإنتاج التي امتدت إليها الحرب. وعكف الرجل ومرافقوه، على طرح الصعوبات التي تواجه حصاد الإنتاج الوفير هذا العام، بشفافيته المعهودة مع كل الجهات ذات الصلة.
في الأول من يناير من العام 2024 الذي يصادف العيد الوطني للسودان (الذكرى التاسعة والستين للاستقلال) ، اختفت هذا العام لأول مرة منذ العام (1957م) مظاهر الإحتفال بالعيد الوطني، للسودان.الذي كان يشهد فعاليات سياسية وثقافية وعروضا عسكرية ورياضية وفنية.. لكنه اقتصر في احتفال العام 2024 فقط على كلمة مسجلة قصيرة، وجهها رئيس مجلس السيادة من مقر إقامته، عبر الإذاعة والتلفزيون الرسميين.
وفي الثاني عشر من مارس 2024م. شهد العام على الصعيد العسكري، تمكن الجيش السوداني من إستعادة السيطرة على مباني الإذاعة والتلفزيون الحكوميين وأجزاء واسعة من أحياء مدينة أم درمان القديمة، وهو بمثابة أكبر تقدم للجيش في ذلك الوقت منذ بدء الحرب في البلاد.
وفي دارفور بلغ الصراع المسلح ذروته في مدينة الفاشر غربي البلاد، حيث بدأ حصارها في 14 مايو 2024م ما أدى إلى مقتل 700 شخص على الأقل ونزوح الآلاف وسط ظروف إنسانية قاسية.
في الحادي عشر من مايو 2024م، أكمل اتفاق جدة بين وفد قيادة الجيش السوداني، ووفد الدعم السريع برعاية الوساطة الأمريكية السعودية، عاماً كاملاً دون التوصل إلى اتفاق أو توافق على تنزيل بنوده التي يصر عليها الجيش السوداني ويتجاهلها الدعم السريع.
أما شهر يوليو من العام2024.م فقد شهد أحداثاً متصاعدة بدأت منذ يومه الأول بتدمير جزئي لجسر الحلفايا الرابط بين مدينتي بحري وأم درمان، فيما شهد شهر يوليو أيضا إقتالا عنيفاً في غرب سنار جنوبي الخرطوم أفضى إلى سيطرة مليشيا الدعم السريع على منطقة جبل موية ومدينة سنجة التي تمكن الجيش من استعادتها لاحقا بعد نحو خمسة أشهر.
لكن الحدث الأبرز كان في مطلع أغسطس من العام 2024م حينما إستهدفت طائرة مسيرة تابعة لمليشيا الدعم السريع، رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في منطقة جبيت ما أوقع عدداً من الشهداء والجرحى. ونجا بفضل الله رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش من المحاولة.
من جهة ثانية كان شهر اغسطس من العام 2024.م بامتياز شهراً للسيول والفيضانات التي أدت إلى نزوح أكثر من 36 ألف فرد، بينما دُمّر نحو 18 ألف مبنى في( 15) ولاية.
وفى السابع والعشرين من أغسطس ذاته أدى انهيار سد أربعات الذي يقع شرق البلاد إلى مقتل العشرات من سكان القرى التي جرفتها المياه.
وفي أكتوبر 2024 م شنت قوات الدعم السريع، هجمات واسعة على أكثر من (30) قرية في شرق الجزيرة أودت بحياة أكثر من (300) شخص وإرتكاب سلسلة من الانتهاكات بحق المدنيين لم تتوقف رغم الإدانات الدولية المتكررة.
ورياضياً وفي أغرب تطور في تاريخ الرياضة السودانية، اتفق مسؤلو الرياضة في السودان، وموريتانيا على إلحاق فريقي الهلال والمريخ السودانيين بالدوري الموريتاني الممتاز ، وفي التاسع عشر من شهر اكتوبر من العام 2024م، لعب قطبا قمة الكرة السودانية الهلال والمريخ،أول مباراة لهما بهذه الوضعية كسبها الهلال بهدفين دون مقابل.
أما الحدث الميداني الأبرز الذي شهده شهر ديسمبر من العام 2024م،، فهو إعلان الجيش السوداني والقوات المشتركة في بيان صدر عن الناطق باسم القوات المشتركة، سيطرة الجيش السوداني والقوات المشتركة على منطقة وادي هور، بشمال دارفور وتدمير المواقع والارتكازات والثكنات والاليات والسيارات والمباني التي أنشأتها المليشيا بالمنطقة، واتلاف المهابط والمطارات المحيطة بها، بما فيها القاعدة العسكرية الرئيسة لمليشيا الدعم السريع في منطقة “الزرق” واستلام عشرات السيارات والآليات والأسلحة والذخائر وتكبيد المليشا خسائر فادحة في الأرواح والاجساد. ما يعد ضربة قوية موجعة لمليشيا الدعم السريع تلقتها في خواتيم العام 2024م.
أما الحدث الأسواء في العام 2024م, فهو حرمان المليشيا الإرهابية وداعمها محمد دبي حاكم دولة شاد ، طلاب السودان في مواقع سيطرة المليشيا، واللاجئين منهم في الأراضي الشادية حقهم المشروع في الجلوس لامتحان الشهادة الثانوية، في أسوأ درجات الانتهاك، وأقسى نماذج الكيد.. إلا أن عبور الطالبة السودانية شمس الحافظ مشوار التحدي المحفوف بالمخاطر، من أبشي حتى الدامر،، وجلوسها للامتحان،،كان الدرس الوطني الأبلغ والأنسب، أن يقدم في وجه وقاحة الجنجويد، وقجرية الأرعن محمد دبي.
إقتصادياً فاقمت الحرب من الأزمة المعيشية في السودان، حيث ارتفعت معدلات التضخم والفقر، وشهد العام 2024 تعثرا في دفع رواتب العاملين ومستحقات المعاشين بسبب فقدان الحكومة للكثير من إيراداتها بسبب الحرب،، لكنها أقدمت في ديسمبر من العام ذاته، على تغيير العملة لدواع أمنية واقتصادية.
لقد دفع السودانيون ثمناً باهظاً للحرب في العام 2024 حيث بلغ عدد الضحايا في آخر إحصائيات سجلت، أكثر من (150) ألفاً والمئات من الجرحى،فيما يرزح الناجون منهم تحت وطأة النزوح واللجوء ومايترب عليها من مصاعب ومتاعب ومعاناة.
وكل عام وانتم والوطن بألف خير.