تقارير

بعد مشاركة السودان في اجتماعات الربيع بواشنطن.. مخاوف توقف التمويل الدولي 

المحقق – نازك شمام
للمرة الثانية على التوالي يضع وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني د. جبريل إبراهيم، أجندة اقتصاده المأزوم بفعل الحرب على طاولة  اجتماعات الربيع  لصندوق النقد الدولي (IMF) ومجموعة البنك الدولي (WB) للعام 2025، والتي عُقدت بالعاصمة الأمريكية واشنطن خلال الفترة من 21 إلى 27 أبريل الجاري.
جبريل الذي ترأس وفده بلاده الى واشنطن لطرح العقبات التي  تواجه بلاده بعد الحرب من توقف تمويلات المؤسسات التمويلية في ظل الظروف الراهنة والتي يحتاج السودان فيها لوقوف المجتمع الدولي وتدفق المساعدات الإنسانية للمتأثرين بالصراع الدائر بين الجيش السودني ومليشيا الدعم السريع.
تطورات اقتصادية في الأفق
وقدّم الوزير السوداني خلال لقائه مع المدير التنفيذي للمجموعة الأفريقية الثالثة بصندوق النقد الدولي رجيس انصنداي على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن – إحاطة شاملة حول المستجدات الاقتصادية في السودان، مستعرضاً التطورات الإيجابية التي بدأت تلوح في الأفق، في ظل الحرب. مشيراً  إلى التعافي التدريجي لأداء الاقتصاد الوطني، حيث شهدت الفترة الأخيرة تحسناً ملحوظاً في الأنشطة التجارية، مصحوباً باستقرار مستمر في سعر صرف العملة الوطنية، ما يعكس بوادر استقرار اقتصادي نسبي.
وتوقع جبريل أن يشهد مطلع العام المقبل تحولاً اقتصادياً نوعياً، نتيجة للعودة المتزايدة للمواطنين إلى مناطقهم المحررة، واستئناف الحركة التجارية والأنشطة الإنتاجية. مبيناً أن الإنتاج الزراعي خلال فترة الحرب تجاوز مستويات الإنتاج التي تم تحقيقها في سنوات السلم السابقة، وهو ما يُفنّد الشائعات المتداولة بشأن احتمال حدوث مجاعة، مؤكداً على أن السودان بدأ في الانتقال من مرحلة الإغاثة الطارئة إلى مرحلة التنمية المستدامة.
وبحث اللقاء التحديات التنموية المشتركة التي تواجه الدول الأفريقية، وسبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تفعيل العمل الجماعي في إطار المجموعة الأفريقية الأولى. وناقش الجانبان أهمية دور المجموعة في التأثير على قرارات الإدارة العليا لصندوق النقد الدولي، لضمان توجيه الدعم اللازم للدول الأفريقية، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الزراعة، والتعليم، والرعاية الصحية، فضلاً عن برامج بناء القدرات، وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية، وإشراك الشباب الأفريقي في المؤسسات المالية الدولية لتمكينهم من الإسهام الفعّال في تطوير البنى التحتية المالية في بلدانهم مبدياً رغبة السودان في الاستفادة من الخبرات الفنية المتراكمة للصندوق  لتعزيز قدرات المؤسسات المالية الوطنية، بما فيها وزارة المالية، وبنك السودان المركزي، والجهاز المركزي للإحصاء، وديوان الضرائب.
وأكد المدير التنفيذي التزامه الشخصي بدعم البلاد في المحافل الدولية، معلناً عزمه على زيارة السودان في أقرب فرصة ممكنة، تعبيراً عن التضامن مع الشعب السوداني، وتأكيداً على استمرار التعاون الوثيق بين الجانبين، معرباً عن تطلعه لعودة الأمن والاستقرار إلى السودان.
 استفادة السودان من مبادرة M300
وفي لقائه مع المدير التنفيذي للمجموعة الأفريقية الأولى في البنك زارو وينديلان استعرض جبريل التحسن الواضح في أداء الاقتصاد واستقرار سعر الصرف  وعودة الأنشطة التجارية والنشاط الاقتصادي الذي بدأ ينتظم المناطق المستقرة أمنياً، مشيداً بصمود الشعب السوداني، وإصراره على استعادة الحياة الاقتصادية، بما يعزز الآمال في التعافي من آثار الحرب وتحقيق استقرار ونمو مستدامين في المستقبل القريب.
وتطرّق اللقاء إلى رؤية السودان ضمن مبادرة “M300″، التي تهدف إلى إيصال خدمات الكهرباء إلى 300 مليون مواطن أفريقي بحلول عام 2030. وأوضح الوزير أن السودان يرى في هذه المبادرة فرصة استراتيجية لتعزيز اعتماده على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، لما تتميز به من استدامة واستقرار، فضلاً عن انخفاض تكلفتها التشغيلية على المدى الطويل، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى جاهدة إلى تعزيز البنية التحتية للطاقة لتلبية الطلب المتزايد بطريقة مسؤولة بيئياً واقتصادياً.
 وناقش الجانبان إمكانية مساهمة البنك الدولي في دعم جهود الحكومة السودانية في تقييم الأضرار الناجمة عن الحرب، سيما المتعلقة بالجوانب الإنسانية والبيئية. وتضمّنت النقاشات مقترحات حول آليات إزالة الجثامين بشكل إنساني ولائق، والتخلص الآمن من مخلفات الحرب، بما في ذلك الأجسام غير المنفجرة، التي تشكّل خطراً على حياة المدنيين وإعاقة لجهود إعادة الإعمار.
 قضايا الطاقة والكهرباء
وعلى خلفية العقبات التي تواجه قطاع الطاقة في السودان، كشف عن التحديات التي يواجهها السودان، لا سيما في قطاع الطاقة الذي تعرّض لأضرار جسيمة نتيجة التدمير الممنهج الذي طال بنيته التحتية بسبب اعتداءات المليشيات، وأكد الوزير أن السودان من الدول التي تحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة في قطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن ذلك يعد شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. كما سلّط الضوء على مبادرة البنك الدولي “M300″، التي أُطلقت خلال مؤتمر تنزانيا في العام الماضي، والتي تهدف إلى إيصال الكهرباء إلى 300 مليون شخص حول العالم بحلول عام 2030، معتبراً إياها خطوة استراتيجية في مسار دعم التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة الشعوب في الدول النامية.
وأوضح أن المبادرة تسعى إلى معالجة تحديات نقص الطاقة، خاصة في الدول الهشة والمتأثرة بالنزاعات، من خلال تشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المستدامة، وتعزيز الاعتماد على الحلول اللامركزية مثل الطاقة الشمسية والتقنيات المتجددة منخفضة التكلفة، مطالباً بإدراج السودان ضمن الدول المستفيدة من هذه المبادرة، بالنظر إلى انخفاض معدلات التغطية الكهربائية، لا سيما في المناطق الريفية والحدودية ومناطق النزوح، مؤكداً أن توسيع خدمات الكهرباء يُعد من الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. كما جدّد التزام الحكومة السودانية التام بـتعزيز البنية التحتية لقطاع الطاقة، وتطوير بيئة الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، بما يتماشى مع رؤية M300 وأهداف التنمية المستدامة 2030.
قلق توقف التمويل الدولي
وفي لقائه مع المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، إيمي بوب – طرح الوزير السوداني ابرز القضايا الإنسانية والاقتصادية الملحّة التي تواجه السودان في المرحلة الراهنة وتناول الاجتماع عدداً من الملفات الحيوية، على رأسها تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان، وسبل تسهيل العودة الطوعية والآمنة للنازحين، بالإضافة إلى جهود الحكومة المستمرة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي، في ظل التحديات المتفاقمة التي تشهدها البلاد.
وأكد إبراهيم خلال اللقاء التزام الحكومة الكامل بدعم المجتمعات النازحة وضمان عودتها الكريمة لمواطنها، مشدداً على أهمية الشراكة مع المنظمات الدولية، وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة، في تنفيذ البرامج الإنسانية والتنموية. كما ناقش الجانبان الترتيبات الفنية واللوجستية المتعلقة بعودة الحكومة إلى ممارسة مهامها من العاصمة الخرطوم، باعتبارها خطوة محورية نحو تعزيز الوحدة الوطنية والفعالية الإدارية وناقش الاجتماع  التداعيات المحتملة لخفض المساعدات الأمريكية إلى السودان، حيث أعرب الجانبان عن بالغ القلق إزاء الانعكاسات السلبية المحتملة على البرامج الإنسانية واستقرار الاقتصاد الوطني. ودعا الوزير إلى ضرورة استمرار الدعم الدولي، مؤكداً أن السودان يمر بمرحلة انتقالية دقيقة تتطلب تضامناً دولياً واسعاً لتفادي تفاقم الأوضاع الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى