ليلة النصر في القصر … هل يعلن البرهان رئيس الوزراء من الخرطوم؟

بورتسودان – المحقق – طلال إسماعيل
“ليلة النصر في القصر”، هكذا برز عنوان تقدم الجيش السوداني نحو السيطرة الكاملة على القصر الرئاسي وسط العاصمة السودانية في الخرطوم، بعد حصار فرضته القوات لأكثر من أسبوع، مما يشكل تطوراً عسكريا مهما يلقي بظلاله على عزم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الإعلان عن رئيس وزراء مدني لحكومة كفاءات مستقلة.
معركة استرداد القصر الرئاسي التي شهدتها ليلة العشرين من شهر رمضان في العشر الأواخر، تربط بين رمزية بدء الحرب في ليلة الخامس والعشرين من شهر رمضان في العام 2023، لتقترب الحرب من استكمال العامين، وانهيار محاولات مليشيا الدعم السريع وحلفائها بإعلان حكومة موازية بعد التوقيع على ميثاق نيروبي.
الحوار السوداني – السوداني
في الثامن من شهر فبراير الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مع قوى سياسية و مجتمعية في بورتسودان، كانت قد أجرت مشاورات بينها على مدى أسابيع، وأكد البرهان أن مشاوراته تهدف إلى رسم خريطة طريق للحوار السوداني، وإحلال السلام والتوافق السياسي، ولفت إلى أن “الباب ما زال مفتوحاً أمام كل شخص يقف موقفاً وطنياً وينحاز للصف الوطني”.
وتابع في تصريحات وقتها : “توصيات هذه المشاورات ستؤخذ بعين الاعتبار لاستكمال مسيرة الفترة الانتقالية”.
تشكيل حكومة جديدة
وأعلن البرهان أن الفترة القادمة ستشهد تشكيل حكومة جديدة لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، ويمكن تسميتها “حكومة تصريف أعمال” أو “حكومة حرب”. وستكون هذه الحكومة مكونة من كفاءات وطنية مستقلة تعمل على إنجاز المهام العسكرية المتبقية، بما في ذلك تطهير السودان من المتمردين.
ووفق مصادر متعددة فقد شملت رؤية القوى السياسية والمجتمعية التي سُلمت للبرهان ، مرحلتين لما بعد الحرب، أولى تأسيسية لاستكمال المهام العسكرية واستعادة الاستقرار والسلام، وأخرى انتقالية للتحضير للانتخابات وتبلغ مدتها نحو 4 سنوات على أن يكون البرهان حاكماً طوال هذه الفترة.
واقترحت خريطة الطريق الإبقاء على مجلس السيادة على أن يقوم البرهان بتسمية رئيس وزراء مدني مكلف بتشكيل حكومة من كفاءات مستقلة لا تشارك فيها القوى السياسية، بالإضافة إلى تكوين مجلس تشريعي يتكون من 250 عضواً، يضم ممثلي القوى السياسية والمجتمعية والمرأة والنقابات.
ويقول القيادي بالمؤتمر الشعبي والخبير القانوني تاج الدين بانقا – أحد المشاركين في الاجتماع مع البرهان – للمحقق: ” إعلان البرهان للحكومة القادمة ورئيس وزرائها من داخل القصر الجمهوري سيكون له رمزية سياسية كبيرة على خلاف إعلانه من مدينة بورتسودان.”
وأشار بانقا إلى أنه لا يتوقع إعلان رئيس وزراء خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان، ويضيف : “بعد تحرير القصر الجمهوري، هنالك جيوب للتمرد لابد من نظافتها في منطقة امتداد ناصر وشرق القيادة العامة، ولابد من استكمال حلقات التأمين حول القصر الجمهوري لاستضافة حدث إعلان الحكومة القادمة.”
وزاد بالقول:” ليس المهم هو إعادة مباني القصر الرئاسي إلى سابق عهدها ولكن المهم هي رمزية مقر إعلان الحكومة من داخل العاصمة الخرطوم.”
خارطة طريق
وفي التاسع من شهر فبراير الماضي، دعت وزارة الخارجية السودانية، المجتمع الدولي، خاصة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة بعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية باعتبارها تمثل توافقا وطنيا لإرساء السلام والاستقرار في البلاد واستكمال مهام الانتقال.
وقالت الخارجية وقتها : “مع تطورات الحرب المفروضة علي السودان وبعد النجاحات التي حققتها القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندة، مدعومة بكل جموع الشعب السوداني، وتضييق الخناق على المتمردين في مختلف مسارح العمليات طرحت قيادة الدولة وبعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة التي ستتوج بعقد الانتخابات العامة الحرة والنزيهة”.
وتضمنت خارطة الطريق وفق الخارجية السودانية : “إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية، والترحيب بكل من يقف موقفا وطنيا ويرفع يده عن المعتدين وينحاز للصف الوطني، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب، واجراء التعديلات اللازمة في الوثيقة الدستورية، وإجازتها من القوى الوطنية والمجتمعية ومن ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل.
تعديلات الوثيقة الدستورية
وفي19 فبراير الماضي أعلنت الحكومة السودانية، إجازة تعديلات على الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية، التي تم اعتماد أول نسخة منها في أغسطس 2019م
ويواصل تاج الدين بانقا قوله : ” القوى السياسية سلمت رؤيتها للبرهان للمرحلة القادمة، لكنها لم تحدد مَن هي الجهة التي ترشح رئيس الوزراء، كما أن الوثيقة الدستورية بعد التعديلات لم تضع جدولاً زمنياً لإعلان الحكومة ورئيس الوزراء المستقل.”
من هو رئيس الوزراء القادم ؟
ومنذ أكثر من عام يجري تداول عدد من الأسماء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجالس السياسية، باعتبار أن أصحابها أبلغوا بنية مجلس السيادة في تسميتهم؛ وتداولت الوسائط أسماء كل من الدكتور كامل إدريس والبروف محمد الأمين إسماعيل والأستاذ السمؤال حسين عثمان منصور.
ومع بداية العد التنازلي بإجازة تعديلات الوثيقة الدستورية، برزت أسماء جديدة أبرزها وزير الخارجية المكلف دكتور علي يوسف، وسفير السودان في الرياض دفع الله الحاج علي ومحافظ بنك السودان المركزي برعي الصديق، وذهبت بعض التسريبات لحد الزعم بأن إسم الدكتور نور الدين ساتي كان مطروحاً.
وحول الأسماء المرشحة لتولي منصب رئيس الوزراء، يرد تاج الدين:” كل هذه الاسماء تسريبات في مواقع التواصل الاجتماعي والسؤال من هي الكلية الترشيحية التي تضع قائمة ترشيح اسماء لرئاسة مجلس الوزراء؟”.