المحقق تقف على حقائق الأوضاع في الفاشر .. توقف النزوح وعودة تدريجية ونقص في الأدوية

الفاشر – محمد مصطفى المأمون
عاد الهدوء الحذر إلي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، و انحصرت العمليات العسكرية في القصف المدفعي الذي تقوم به مليشيا الدعم السريع، وبعض التسللات شرق وغرب المدينة حيث تجري مطاردة المتسللين.
وكشفت معلومات جديدة تحصل عليها موقع “المحقق” الإخباري أن الحياة في المدينة بدأت في العودة التدريجية إلي نسقها الطبيعي، وأخذت حركة المدنيين تسير بشكل طبيعي.
وقال شهود عيان تحدثوا ل “المحقق” أن هناك تدافعاً متزايداً من المواطنين للعودة إلى المدينة مع توقف حركة النزوح إلى الخارج.
هجمات متكررة
و شهدت ولايات دارفور معارك طاحنة منذ اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي، وتمكن متمردو الدعم السريع من السيطرة على أربع عواصم في الإقليم الذي تساوي مساحته مساحة دولة فرنسا، هي نيالا والجنينة وزالنجي والضعين، لكن مدينة الفاشر ، العاصمة السابقة للإقليم كله، بقيت تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية، ومنذ أبريل الماضي ظلت المدينة تتعرض من قوات الدعم السريع حرم سكانها من تلقي العون الإنساني والخدمات الأساسية، خاصة بعد احتدم حولها القتال بين الجيش السوداني مسنوداً بالقوات المشتركة والمستنفرين من جهة ومليشيات الدعم السريع من جهة اخري.
وشنت مليشيا الدعم السريع هجمات عديدة علي المدينة في سعيها للسيطرة عليها وبالتالي على كامل عواصم إقليم دارفور، وتعرضت المرافق المدنية من محطات مياه ومستشفيات للقصف والتدمير وسرقة معداتها والأدوية التي بها.
وتقول مصادر عسكرية وشهود عيان، تحدثوا لموفع “المحقق” الإخباري إن أقوي هجوم تعرضت له مدينة الفاشر كان في شهر مايو الماضي، وقد تم بثلاثة لواءات من المتمردين بالتزامن وتم صد الهجوم من قبل الجيش والقوات المشتركة، بعدها تواصل الهجوم علي المدينة علي فترات متقطعة مع إستمرار عمليات (الفزع) وتم شن اكثر من (70) هجوماً ما بين مناورات وهجمات مباشرة أصابها جميعها الفشل.
التسليح
إستخدمت مليشيا الدعم السريع في هجومها علي الفاشر كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة والقصف المدفعي مع إستمرار عمليات الإمداد بالأسلحة والمقاتلين من الخارج عبر الحدود التشادية والمثلث الحدودي مع ليبيا.
مقتل قيادات المليشيا
وأوكلت المليشيا المتمردة مهمة إحتلال الفاشر لعدد كبير من قياداتها المتمرسة على العمليات الحربية، بما في ذلك النهب والسلب، لإجتياح المدينة، من أمثال القائد علي يعقوب وأبو شوك والنور القبة ولعدد كبير من قيادات الصف الثاني حيث قتل منهم الرجل الثالث في هيكل القيادة الميدانية على مستوى السودان.
ومثل مقتل القائد علي يعقوب في معارك الفاشر، ضربة قوية لتطلعات المليشيا لما يمثله من أهمية خصوصا فيما يتعلق بعمليات حشد المقاتلين.
القصف المدفعي
بعد فرض المليشيا المتمردة حصارها علي مدينة الفاشر وبالتزامن مع فشلها عسكريا، في اجتياح المدينة لجأت إلي إستخدام القصف المدفعي لأحياء ومؤسسات المدينة بغرض إفراغها من سكانها والإضرار بالخدمات داخل المدينة بإستخدام المسيرات ومدفع 120 الأمر الذي أدي إلي سقوط عدد كبير من الضحايا في أوساط المدنيين مع تدمير منازلهم مع إستهداف المليشيا للمؤسسات الحيوية خصوصاً المستشفيات بداية بالمستشفي الجنوبي والمستشفي السعودي ومركز إقرأ الصحي ومركز جبل مرة الصحي وإنتهاءً بمركز غسيل الكلي الوحيد بالمدينة، الأمر الذي أدي إلي أوضاع صحية بالغة التعقيد علي الرغم من إجتهاد الكوادر الصحية بوزارة الصحة بالولاية.
النزوح
وأدى القصف الممنهج من قبل مليشيا الدعم السريع إلي إفراغ المدينة جزئياُ من سكانها بعد تدمير منازلهم وإستشهاد أعداد كبيرة من المدنيين معظمهم من الاطفال والنساء الأمر الذي أدي إلى موجة نزوح كبيرة من المدينة إلي المناطق الأكثر أمنا مثل محلية طويلة ومدينة الدبة بالولاية الشمالية، ومنها الي باقي مدن السودان والي الخارج.
مداخل ومخارج المدينة
حتى الآن، تسيطر مليشيا الدعم السريع علي المدخل الشرقي لمدينة الفاشر حيث تدور معظم الاشتباكات ويعتبر مركزاً لتجمع مقاتلي المليشيا المتمردة ويعتبر هذا الطريق خارج الخدمة تماماً، من الناحية الشمالية يعتبر هذا الطريق من أهم الطرق حيث كانت تستخدمه الشاحنات للوصول الي المدينة عن طريق القوافل قبل خروج الحركات المسلحة عن وضع “الحياد” وبعدما سيطرت المليشيا المتمردة علي مدينة مليط أصبح الطريق شديد الخطورة وينتشر به قطاع الطرق وافراد المليشيا قبل أن تعيد القوات المسلحة السيطرة عليه.
ويعتبر الطريق الغربي اكثر الطرق أماناً حيث جري تأمينه بالتنيسق مع قوات تتبع للقائد عبدالواحد النور (قيادة كرجكولا) ويتم تطبيق نظام الطوف مع دفع رسوم تأمين للتحرك ضمن الطوف الأمني.
الوضع الانساني
و تشهد المدينة نقصاً حاداً في المواد الغذائية وارتفاعاّ جنونياً في الأسعار بعد استهداف المليشيا للأسواق. وانقطاعا في خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات مع انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، وتعمل الجهات المختصة علي فتح طرق بديلة لتأمين الدخول والخروج من المدينة ولإنسياب المواد الغذائية والبضائع إلي داخل المدينة الي جانب الاسقاط الجوي للأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية.