تقارير

تنامي النقد لهيمنة باريس على الاحتياطي النقدي للدول الفرانكفونية

المحقق – عثمان صديق
أثارت المشاريع الرامية إلى إلغاء الفرنك الأفريقي وإنشاء الفرنك (إيكو-eco) المناقشات في غرب أفريقيا لعدة سنوات، وقد ظهر ذلك جلياً في اجتماعات المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا نهاية العام الماضي من خلال تفكيرهم الجاد في اعتماد العملة الجديدة (eco).

وفي سياق يتسم بانخفاض كبير في النفوذ الفرنسي في المنطقة، يمكن لفرنسا، الضامن لفترة طويلة للفرنك الأفريقي، أن تأخذ زمام المبادرة للتخلي عن هذه العملة التي كثيراً ما توصف بأنها “استعمارية”. هذا ما قاله ماجاي غاي، الخبير الاقتصادي السنغالي، والمسؤول السابق في بنك التنمية لغرب أفريقيا بحسب وكالة أنباء بنين (الجمعة).

وما زالت باريس تتعرض لضغوط في مواجهة الشباب الأفريقي الذي يريد طي الصفحة، ومجتمع مدني واعٍ بقضايا السيادة، وتحمل القادة الأفارقة مسؤولية أكبر في سياق التمزق، وهذا ما ظهر مؤخرا في الوسائط الاجتماعية حيث يجري تداول مقطع فيديو على تطبيق (واتساب) لسعادة الدكتورة أريكانا شيهومبوري كواو (زيمبابوي) سفيرة الاتحاد الأفريقي لدى الولايات المتحدة الأمريكية منذ الأول من ديسمبر 2016 والتي حصلت في عام 2015، في القمة الخامسة والعشرين للاتحاد الأفريقي التي عقدت في جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا، ضمن خمسة عشر إمرأة على “جائزة المرأة المتميزة”.

وقد ظهرت د. أريكانا في الفيديو وهي تهاجم بشدة سياسة “الفرنك الأفريقي” وتشير إلى أن الاستعمار الفرنسي لم ينته بعد بما أن هناك بند في اتفاقية موافقتها على استقلال الدول الأفريقية يقضي بإيداع 85% من احتياطي بنوكهم لدى البنك المركزي الفرنسي وتحت تصرف وزارة المالية الفرنسية، وأن فرنسا ستأخذ الودائع من البنوك الأفريقية وتجمعها معا وتستثمرها في البورصة الفرنسية وباسم فرنسا، وتضيف الدكتورة أن الأرقام توضح أن هذا الأمر مستمر منذ العام 1958م عليه ففرنسا اليوم تجمع من أفريقيا أكثر من خمسمائة مليار دولار، هذا الرقم قبل الاستثمار، وبعد الاستثمار يتضاعف إلى ثلاثمائة مليار لكل 14 مليار دولار، وبإجراء العملية الحسابية يتضح أن فرنسا تتحصل على تريلييونات الدولارات من إفريقيا كل عام !!

ولقد مضت فرنسا أبعد من ذلك بالنص في الاتفاقية على أنها من يطبع عملات الدول الفرانكفونية فأسسوا (الفرنك الإفريقي –CFA) كما لفرنسا الحق الأول في أي عقودات للمشاريع الكبرى في القطاعين العام والخاص و في التنقيب عن المعادن المكتشفة والتي لم تكتشف بعد. فماذا تبقى من سيادة للدولة الأفريقية؟

ويتصور الخبير السنغالي أن دولة مثل كوت ديفوار- القوة الدافعة للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا والتي تمثل أكثر من 40٪ من ناتجها المحلي الإجمالي – يمكنها أن تقرر سك عملتها الوطنية، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية 2025.

وتواجه باريس توترات سياسية داخلية وأزمة اقتصادية، ولذا فهي تحاول إعادة توجيه دبلوماسيتها نحو شراكات استراتيجية مع دول مثل إثيوبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا – وهي دول خارج منظومة الدول الفرانكفونية – في محاولة منها للحفاظ على وجودها الأفريقي الذي زادت حدة المنافسة فيه مع دخول دول أخرى مثل روسيا والصين تقوم شراكاتهما على المنفعة المتبادلة والمتعددة المحاور : (اقتصاد، أمن، دفاع، ومكافحة المجموعات الإرهابية المتفلتة)، كما هو الحال بالنسبة لدول تحالف الساحل الثلاث، وأخيرا في تشاد. وبنهاية العام 2024م عليه يبدو أن فرنسا ستواجه تحديات عاصفة في العام 2025م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى