الخبير القانوني نبيل أديب لـ”المحقق:” أنا ضد أي حكم استبدادي عسكرياً كان أم مدنياً، والجيش الآن يؤدي دوره الأساسي وفق الدستور

أحدث موقف مجموعة “تقدم” من الحرب التي بخوضها الجيش السوداني ضد مليشيا الدعم السريع جدلاً قانونياً كثيفاً وبالطبع جدلاً سياسياً.
موقع “المحقق” الإخباري حاول سبر أغوار هذا الجدل من الشخصية القانونية الأبرز في “قوى الحرية والتغيير” سابقاً فأجرى هذا الحوار مع الخبير القانوني والدستوري الأستاذ “نبيل أديب”، وشمل الحوار محاور أخرى ذات صلة بهذه القضية.. وخرج بحصيلة وافرة من الإفادات، فإلى مضابط الحوار
حاورته لـ”المحقق – سعاد الخضر
هل فعلا دخلت تقدم في مأزق قانوني وسياسي بسبب تأيدها للدعم السريع ؟
أنا أعتقد أن المأزق القانوني يمكن أن يصيب بعض أعضاء تقدم، لكن تقدم ككتلة وقعت فعلاً في مأزق سياسي، وكما تشاهدين الآن فهم لايستطيعون مخاطبة الجماهير التي تهاجمهم جسدياً ولفظياً كلما حاولوا ذلك، فماذا ستفعل كسياسي إذا كنت لاتستطيع مخاطبة الجماهير .. الآن هم أصبحوا في عزلة شعبية كبيرة هذا هو الوضع .
ولكن هل يعني ذلك أن التحالف مع دولة أجنبية والوقوف مع مليشيا لاتترتب عليه مساءلة قانونية ؟
تأييد تقدم للجنجويد ليس موقفاً ثابتاً، وهو تأييد سياسي لكنهم لايشاركون في أعمال القتال بالشكل المعرَّف قانوناً، أي بالمساعدة أو التحريض.
لكن ألا يشكل إيجاد تقدم مبررات لجرائم الدعم السريع أو التعاطف معها وعدم إدانتها للانتهاكات التي ظلت ترتكبها ضد المواطنين العزل ألا يرتقي ذلك لمصاف الجريمة ؟
لا؛ صحيح أن المادة 50 من القانون الجنائي تعاقب مَن يرتكب أي فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد أو بقصد تعريض استقلالها أو وحدتها للخطر ، فتطلب فقط القصد دون أن تتطلب أن يكون ذلك الفعل من شأنه تعريض استقلال البلاد أو وحدتها للخطر، إلا أن هذه المادة تعاني من عوار دستوري حين تفعل ذلك، ولطالما طالبنا بإلغائها قبل وبعد سقوط نظام البشير ولعل قادة “تقدم” الآن يعضون بنان الندم على تقاعسهم في الإصلاح القانوني الذي سوف يوقعهم تحت طائلة المادة التي ما زالت سارية المفعول بسبب ذلك التقاعس رغم أنها مخالفة للدستور لأنها تعاقب على النية المجردة، ولقد طالبت بتعديل هذه المادة لكن قيادات تقدم الذين يُواجَهون الآن بهذه المادة رفضوا تعديلها إبان حكمهم في الفترة الانتقالية.
المطالبة بحظر الطيران خطأ سياسي يقارب الخطيئة، و محاولة الحصول على مزايا سياسية من خلال الإضرار بالقدرة القتالية للقوات المسلحة أمر غير مقبول وهو أقرب للخيانة
ماهو التعديل الذي كنت تطالب بإدخاله على المادة 50؟
كنت أريد أن تصبح هذه المادة أكثر إحكاما بأن تقتصر على معاقبة المشاركة في الجريمة إما بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة على ارتكاب الفعل الذي من شأنه إحداث النتيجة الاجرامية، أما مسألة الآراء السياسية بعد وقوع الفعل فلا يستوجب العقاب.
هناك من يُحمل تقدم مسؤولية إطالة أمد الحرب فضلا عن مسؤولية بعض قادتها في تأسيس الخطاب السياسي الذي يستخدمه الدعم السريع بحجة محاربة الكيزان الذين يسيطرون على قيادة الجيش حسب زعمهم؟
هذا كذب، حتى الآن نحن لانعاقب على الكذب، يكذبون يقولون هذا النظام إسلامي والاسلاميبن مسيطرين على الجيش، أنا شخصياً أعتقد أن هذه مجرد أكاذيب لأهداف سياسية تقابل بإجلاء الحقيقة وهزيمتهم سياسياً وهم هزموا أنفسهم و هم الآن يتجرعون نفس الهزيمة التي لحقت بالدعم السريع حيث أنها حاقت بهم بنفس القدر
وماذا عن الاتهام بالعمالة الذي ظل يلاحق تقدم منذ اندلاع الحرب؟
جريمة التجسس تقع إذا نقلت معلومات لدولة أو لقوات أجنبية تحارب البلاد، هناك من يتحدث عن أن هناك من قاموا بإعطاء معلومات للجنجويد، في نظري هذا تجسس، ولو ثبتت جريمة التجسس فهم يستحقون العقاب.
وإذا وصلت إلى درجة المساعدة في أعمال قتالية ضد حكومة السودان فهذه جريمة طبعاً لكن إذا لم تصل إلى ذلك، فمجرد التعاطف مع الموقف لو المسألة لاتصل للمساعدة بالمعنى القانوني بالفعل تصبح ليست جريمة يمكن أن تكون أعمال تحريضية أو ممكن تكون مسائل سياسية فالمعاونة أو التحريض أو المساعدة تصبح جريمة.
ما مدى قانونية البلاغات التي دونتها النيابة العامة في مواجهة قادة تقدم ؟
لا أود أن أتحدث عن ذلك، باعتبار أنها مسألة قيد النظر أمام القضاء لا يجوز نقاشها في الإعلام حفاظاً على حق المتهم في المحاكمة العادلة ولعدم التاثير على سير العدالة.
كيف تنظر لاستماتة تقدم في تقديم نفسها كممثل شرعي للثورة السودانية وهل انتفت فعلا شرعيتها الثورية ؟
لم تعد تقدم تمثل الثورة، والثورة نفسها لم تعتمد على الشرعية الثورية أبداً، والشاهد على ذلك أن الثورة بعد سقوط نظام البشير لم تستلم السلطة إلا بموجب الوثيقة الدستورية.
لكن قيادات تقدم لازالت تجد القبول والتأييد الدولي باعتبارهم ممثلين شرعيين للثورة؟
أنا كما ذكرت لك، لا أرى أنهم يجدون القبول، ربما المجتمع الدولي لا يشعر بأنهم يشكلون خطورة ، لا على السودان ولا على مشاريعهم، بل يتعاملون معهم فقط باعتبارهم يؤيدون الديمقراطية، لكن لو كان المجتمع الدولي لديه حصافة حقيقية كان عليه أن يرى أنهم في واقع الأمر لايؤيدون الديمقراطية وإنما يؤيدون الجنجويد للرجوع للسلطة.
تعني أنهم يريدون العودة للسلطة بأي طريقة حتى لو كان ذلك على جثث الأبرياء؟
نعم، أعني ذلك ….
هل لازالت تقدم تصر على عدم مراجعة تجربتها ؟
أعتقد أنهم سيقومون بمراجعة موقفهم، وأنا أعتقد أن تقدم انقسمت تقريباً إلى مجموعتين، مجموعة مع حكومة المنفى وأخرى ضدها، والمجموعة الأولى سمحت لنفسها أن تكون مع الجنجويد، فأنت لايمكن أن تكون وزيراً أو مسؤولاً في حكومة في منطقة يسيطر عليها الجنجويد وتكون مستقلاً عنها، فهذا أمر لايستقيم عقلاً.
لا يستقيم عقلاً أن تقبل بأن تكون وزيراً في حكومة تنشأ في مناطق سيطرة الجنجويد وتدعي أنك مستقل
هل تتوقع أن تقوم المجموعة المناهضة لحكومة المنفى داخل تقدم بالانحياز للجيش؟
نعم، أتوقع أن تقوم هذه المجموعة بتغيير سياساتها للوقوف مع الشعب المؤبد للقوات المسلحة.
كيف تنظر لتمسك بعض قيادات تقدم بتشكيل حكومة المنفى؟
هذا انضمام واضح للجنجويد ومحاولة مده بنظام سياسي يسانده، وهو خطر على السودان أولاُ لأنه ضد مؤسسات الدولة الأساسية والشرعية، الأمر الثاني لأنه يمكن أن يؤدي للانقسام فيعقد المسألة وهو تيار معادي للدولة وللشعب.
هل تعتقد أن تجد حكومة المنفى حال تشكيلها اعترافاً دولياً ولو جزئياً؟
لا أعتقد ذلك.
إذن، على ماذا يستندون ؟
فهمهم سياسي قاصر، يعتقدون أنهم بذلك سيتمكنون من نزع الشرعية من حكومة السودان الحالية وطبعاً هذا لن يحدث ،لأنهم ليس لديهم سيطرة، فحتى لو قاموا بتشكيل حكومة في مناطق الدعم السريع فهو ليس لديه سيطرة على عساكره و الإعتراف الدولي يكون بالسيطرة.
الذين يتبنون فكرة حكومة منفى فهمهم السياسي قاصر، ولن تجد خطوة من هذا القبيل اعترافاً من المجتمع الدولي
هل تجاوز السودان خطر مخطط تقسيمه؟
اعتقد أنه تجاوز ذلك، لأن الدعم السريع لم بعد بإمكانه تثبيت وضعه حتى مع الحديث عن تكوين حكومة في مناطق سيطرته، فهي لن تنجح لأنه في حالة انهيار عسكري، فكما هو واضح أن ولاية الجزيرة عادت إلى حضن الوطن و تبقت بعض المناطق المبعثرة في كردفان، وفي دارفور لازال الدعم يسيطر على أغلبية الإقليم لكنه وهو في دارفور في منطقة معادية وليس في منطقة شعبية تؤيده.
تعني أن الدعم لايتمتع بحاضنة اجتماعية أو يجد القبول الشعبي حتى في دارفور؟
نعم، فهو مرفوض أصلا لأن قوات الدعم السريع تشكلت لمحاربة أهالي دارفور
متى يتم إدانة الجيوش النظامية بجرائم حرب في ظل قوع خسائر وسط المواطنين جراء القصف الجوي، وهل صحيح أن هناك سقفاً مسموحاً به دوليا؟
اتفاقية جنيف الرابعة والمعنية بحماية المدنيين
تمنع استهداف المدنيين بالهجوم عليهم أو إخضاعهم لأعمال قتالية كما وتمنع استهداف المباني المدنية، و تعرف المباني العسكرية بأنها المباني المنشأة لأغراض عسكرية، وهي مبانٍ عسكرية بطبيعتها أو المباني التي تصبح عسكرية باستخدامها، فاحتلال الجنجويد منازل المواطنين يحولها الى اهداف عسكرية بالاستخدام لأن قصفها لا يختلف عن قصف ثكنات الجنود ، لذلك فالقانون لا يلزم الطرف المحارب من أن يمتنع عن قصف منزل لمجرد أن الطرف الثاني يحتمي به، وعلى الرغم من ذلك فإن القوات المسلحة السودانية تمتنع عن ضرب المنازل التي يحتلها الجنجويد ليس لأسباب قانونية ولكن لأسباب سياسية لأن قصفها طبعا يتسبب في تخريب منازل المواطنين حتى لو كان ذلك لأسباب عسكرية، لذلك الجيش يحاول أن يتفادى ذلك، لكن أحيانا ضرورات القتال تجبره على ذلك، والوضع ليس تحريم قصف الطيران وإنما تحريم استهداف المناطق المدنية بالقصف وأحيانا يقوم الجيش قبل القصف وتخفيفًا لأضراره على المدنيين بإصدار بيانات تحذيرية تطلب من الناس الابتعاد كمحاولة لتفادي سقوط ضحايا، ولكن الأخطاء واردة، فقد تحدث أخطاء في القصف وحتى القتال العادي وفي ضرب المدفعية.
احتلال الجنجويد لمنازل المواطنين يحولها لأهداف عسكرية بالاستخدام، وقصفها يصبح لا يختلف عن قصف ثكنات عسكرية
كيف تنظر لمطالب تقدم بفرض حظر دولي على سلاح الطيران السوداني؟
هذا خطأ سياسي أعتقد أنه يقرب للخطيئة، وهو ليس خطأ عادياً وإنما خطأ بائن، وذلك أنه من جهة يدين أفعالاُ لا يدينها القانون ومن جهة أخرى فإن ذلك يقلل من القدرة القتالية للقوات المسلحة دون سبب قانوني.
لقد كنت أتخيل أن يكون لديهم حصافة ليبعدوا عن ذلك فمحاولة الحصول على مزايا سياسية من خلال الإضرار بالقدرة القتالية للقوات المسلحة أمر غير مقبول وتقرب من الخيانة لأن القوات المسلحة هي الدرع الواقي للبلاد.
وفي النهاية السلامة الحقيقية للمدنيين تتحقق بإنهاء الحرب وهذا لا يتم إلا بانتهاء الحرب بشكل يسمح بعودة البلاد الى مواصلة الفترة الانتقالية، والذي يتطلب انتصار القوات المسلحة بشكل حاسم أو على الأقل بشكل يدفع الدعم السريع و المليشيات للقبول بالأمر الواقع وقبول أنهم لن يكون لهم دور في الحياة السياسية والعسكرية بالبلاد أصلاً.
لو كان للمجتمع الدولي حصافة لرأى في تقدم أنهم لا يؤيدون الديمقراطية وإنما يؤيدون الجنجويد للرجوع إلى السلطة
ولكن تقدم تبرر وقوفها ضد الجيش بأنها تسعى لتشكيل جيش وطني
القول بأن هذا الجيش ليس وطنياُ خطيئة كذلك، فمن الناحية الواقعية التاريخية المؤتمر الوطني لم يكن يعتمد على الجيش بل على العكس من ذلك كان يسعى دائماً لإضعافه والاعتماد على تشكيل قوات عسكرية خاصة به، أي بالمؤتمر الوطني .
ولقد كان ذلك نهجاً ثابتاً لتمكينه من الحكم، وحتى سقوطه لم يكن يعتمد على مؤسسات الدولة. كان دائما يخلق المؤسسات الموازية ويسيطر عليها. حتى انقلاب الانقاذ العسكري الذي استولى به على السلطة لم ينفذه بواسطة فصائل الجيش بل استخدم فيه منسوبيه في السلاح الطبي وسلاح الموسيقى وهي أسلحة غير مقاتلة وكان المقصود منها فقط الزي العسكري، وقد دعمهم بمدنيين من أنصاره يرتدون الملابس العسكرية لانتحال الصفة العسكرية.
هل تعني أن منفذي انقلاب الانقاذ كانوا مدنيين إرتدوا الزي العسكري لاضفاء العسكرية عليهم؟
بالضبط، وحتى يقوموا باعتقال قيادات الجيش يعني هو أصلا الانقلاب العسكري تم على الجيش ونتيجة لذلك تم شل الجيش باعتقال قياداته، ومن ثم ظهر الرئيس المخلوع عمر البشير مرتديا ثيابه العسكرية ومدعياً أنه يمثل القيادة العسكرية للجيش، وحتى مجلس ثورة الانقاذ الوطني تم تشكيله من 13 شخصاً أغلبهم ليسوا أعضاء في التنظيم، بل ثلاثة منهم ليسوا مسلمين أصلا، وهؤلاء لم يكونوا سياسيين ولكنه تم إغراءهم بالمناصب للسير مع البشير دون أن تكون لهم سلطة فعلية وكان وجودهم فقط بغرض إخفاء صفة الانقلاب من حيث كونه انقلاب قامت به الجبهة الاسلامية، أما القرارات فكانت تصدر من المجلس الاربعيني الذي لم يكن يراه عامة الناس وكان ويشارك فيه أشخاص غير معروف مشاركتهم في السلطة وبعضهم من داخل السجن وعلى رأسهم الشيخ حسن الترابي.
وماذا عن الاتهام بالعمالة الذي ظل يوجه إلى قيادات تقدم؟
جريمة التجسس تقع إذا نقلت معلومات لدولة أو لقوات أجنبية تحارب البلاد، هناك من يتحدث عن أن هناك من قاموا بإعطاء معلومات للجنجويد، في نظري هذا تجسس ولو ثبتت جريمة التجسس فهم يستحقون العقاب، وإذا وصلت إلى درجة المساعدة في أعمال
معادية لحكومة السودان هذه جريمة طبعاً لكن إذا لم تصل إلى ذلك فمجرد التعاطف مع الموقف بالمعنى القانوني لا تصبح جريمة، يمكن أن تكون أعمالاً تحريضية أو ممكن تكون مسائل سياسية، فالمعاونة أو التحريض أو المساعدة تصبح جريمة.
هل تعتقد أن السودان فشل دبلوماسياً بعد تكالب كل دول الغرب عليه بعد اندلاع الحرب؟
أنا لا أرى ذلك، فالغربيين خاصة الدول الأوروبية قد يكون لديها عدم فهم لما يجري في السودان لكن هم غير مؤيدين للجنجويد لكن يعتقدون أن القوات المسلحة تشكل حكم عسكري في السودان وهم يتعاطفون مع المدنيين ضدها باعتبار أن الديمقراطية معناها حكم مدني لكن ،قرارات أمريكا الأخيرة التي صدرت ضد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش أعتقد أنها مكايدة من الرئيس الأمريكي السابق بايدن للرئيس ترامب، حيث تعمد إصدار قرارات حتى يتعب وتصيبه الحيرة إزاء ما يمكن أن يفعله فيحتار هل يبقي على تلك القرارات أم يقوم بالغائها وبايدن فعل ذلك حتى يضع ترامب في موقف حرج، لكن أعتقد أن العالم يعرف شئ واحد هو أنهم لايرغبون في الجنجويد، وكل المنظمات الحقوقية أدانت جرائم الحرب التي ارتكبها الجنجويد خاصة الاتهام القوي بارتكاب الدعم السريع للابادة الجماعية، فلا أعتقد أن الغرب سيقف معه أو يقف معهم ضد السودان، يمكن أن يكون هذا الحديث بالنسبة للإمارات لكنه لا ينطبق على الدول الغربية، الآن مرشح ترامب لمنصب وزير الخارجية الأمريكي تحدث بوضوح.
تأييدي للقوات المسلحة ينبع من دفاعها عن بقاء الدولة السودانية
عندما يرى الكثيرون أنك تقف مع الجيش يشعرون بالدهشة ويجزمون بحدوث ردة في مواقفك الداعمة للديمقراطية ؟
أنا مواقفي ثابتة لم تتغير أنا ضد أي حكم استبدادي سواء أكان مدنيا أم عسكرياً. الجيش الآن يقوم بدوره في حماية الدولة السودانية وهو بذلك يؤدي دوره الأساسي وفقًا للدستور ومن هذا المنطلق أنا أؤيد القوات المسلحة في هذه المعركة المصيرية للحفاظ على الدولة السودانية.
العسكر ليس لديهم مشروع سياسي ولكن بعض السياسيين يجندون بعض من العسكريين أحيانا للوصول إلى السلطة عبرهم بأن يدفعونهم للاستيلاء على قيادة الجيش وعبرها يستولون على السلطة تحت شعارات سياسية مدنية تخص الحزب الذي يدفعهم لذلك. وما يحدث بعد ذلك هو أن يستقل هؤلاء العسكريين بالسلطة ويبعدون المدنيين . ببساطة الأمر لا يعدو أن يكون استغلال من كل فريق للفريق الآخر. وما يحدث الآن مختلف من حيث أن الانقلاب نظمه الدعم السريع بحثا عن السلطة وبدعاوى سياسية مزيفة. وعندما فشل الانقلاب تحول الأمر إلى حرب ضد الدولة السودانية وشعبها.
أنا تأييدي للقوات المسلحة ينبع من دفاعها عن بقاء الدولة السودانية وهو أمر لا غنى عنه بالنسبة لأي مشروع سياسي وبهذا المعنى أنا لا اؤيد مشروع العسكريين بل ان العسكريين يقومون بواجبهم الدستوري الذي طالما دعوتهم إلى القيام به وهو الدفاع عن الدولة السودانية، أنا لا أؤبد أي حكم عسكري ولا أعتقد أن الموجود الآن هو حكم عسكري، وأعتقد أن مع النزاع الذي حدث بين المدنيين والعسكريين انهارت هياكل السلطة و الجنجويد حاولوا أن ينتهزوا هذه الفرصة للوصول إلى الحكم وبالنسبة لي وصول الدعم السريع إلى السلطة كان سيقضي على أي مظهر من مظاهر الديمقراطية، لذلك عندما بدأت الحرب كان موقفي مع الجيش، لكن الآن الوضع أصبح أكثر خطورة لأن الجنجويد فقدوا السيطرة على عساكرهم فأصبحت الحرب حرب تدميرية على الشعب والدولة نفسها، لذلك أنا لا أؤيد الجيش ليحكم بل ليحمي الدولة ويعيد الفترة الانتقالية تحت قيادة مدنية.
لماذا فشلت كل المحاولات أو المبادرات الدولية لحل الازمة في السودان؟
عندما كان قادة “تقدم” يتحدثون عن ضرورة إنهاء الحرب ونسألهم كيف يمكن تحقيق ذلك ظلوا يؤكدون أن ذلك يتم عن طريق المفاوضات، رغم أن المفاوضات لا توقف الحرب بل يوقفها إما تسليم طرف للطرف الآخر أو الاتفاق على حل مرضٍ للطرفين ولا أعتقد أن هنالك حلاً مقبولاً للمليشيا وللشعب في نفس الوقت، فالشعب لا يرضيه سوى حل الجنجويد.
إذاً كيف يمكن أن تنتهي الحرب؟
لا بد أن تصل الحرب لمرحلة يستسلم فيها الدعم السريع لارادة الشعب وذلك بحل الدعم السريع ومحاسبة المتورطين منهم في جرائم حرب لأن ذلك هو السبيل الوحيد للعودة إلى الفترة الانتقالية ومن ثم الحكم الدستوري، ولكن المفاوضات ستنجح إذا رجحت الكفة القتالية لصالح الجيش بما يقنع الجنجويد أنه ليس هناك مستقبل للاستمرار في الحرب عندها يمكن أن يقبلوا بالحل الوحيد المقبول للشعب وهو الاستسلام للحكم الدستوري بالعودة لاستكمال الفترة الديمقراطية والتي لا وجود مقبول لهم فيها.
كيف تنظر لوضع السلطة القائم الآن في السودان؟
إكمال الهياكل الدستورية أمر مهم حتى تواصل البلاد مسيرتها لكن هناك صعوبات تواجه ذلك وتتمثل في ضرورة تعديل الوثيقة الدستورية ، وتعديل الوثيقة الدستورية ليست مهمة سهلة لأن الجهة المنوط بها تعديلها هي المجلس التشريعي الذي لم يتم تشكيله ولذلك أعتقد أن التوافق الشعبي يمكن أن يؤدي إلى تشكيل قاعدة مقبولة لتعديل الوثيقة الدستورية.
كيف يمكن تحقيق توافق شعبي في ظل الاستقطاب السياسي الحاد الذي افرزته الحرب؟
الآن التأييد للقوات المسلحة في أعلى مدى، الناس كلها تريد القوات المسلحة ليس من أجل أن تحكم، وحتى الجيش ليس لديه رغبة في الحكم لأنه ليس لديه مشروع سياسي، لكن تأييد الشعب للجيش نابع من رغبته في إقامة حكم مستقر ديمقراطي وهذا يمكن التوافق حوله والوصول إلى ذلك بات ممكناً، حتى أجزاء كبيرة من “تقدم” أصبحت متفهمة لذلك.
والمهم أن المجلس السيادي يريد تعديل الوثيقة الدستورية وهذا يعني أنهم يؤمنون بالزامية أحكام الوثيقة الدستورية وإلا لما احتاجوا إلى ذلك، وحتى يتماشي التعديل مع مايعتقدون لابد أن يتم التعديل وفق أحكام الوثيقة حتى يكون إكمال هياكل الحكم ممكنا.
ولكن هناك صعوبة في تشكيل المجلس التشريعي في ظل الظروف الحالية ؟
هذه اشياء تفصيلية انا لا اقررها لكن يجب التوافق حولها.