حوارات

رئيس اللجنة الإشرافية  للحراك الوطني بشارة جمعة للمحقق: الانقسامات السياسية في السودان تقف وراءها الأطماع الشخصية والتدخلات الخارجية (1)

تبرز العديد من القضايا السياسية في الساحة السودانية مع تحديات حول مقدرة الأحزاب في تجاوز حالة الانقسام وتشكيل تكتلات لحل الأزمة في البلاد، محرر موقعي “المحقق” و “سودان هورايزون” الإخباريين طرح الأسئلة على رئيس اللجنة الإشرافية لقوى الحراك الوطني بشارة جمعة أرور، نائب رئيس حزب العدالة أيضاً، في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر للوقوف على نشاط تلك القوى السياسية.

شغل بشارة مناصب دستورية متعددة في عهد نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير عقب انتهاء عملية الحوار الوطني مابين الحكومة آنذاك وأحزاب المعارضة التي مثلها بشارة جمعة ضمن عضو آلية الحوار 7+7، فقد تقلد مناصب وزير الثروة الحيوانية منذ العام 2017، الإعلام والاتصالات ثم أخيراً وزير الداخلية.

حاوره : طلال إسماعيل

الساحة السياسية في السودان الآن منقسمة لعدة تكتلات سياسية، ما هي مجهوداتكم في تحالف  الحراك الوطني لتحقيق وحدة المشهد السياسي في البلاد؟
الساحة السياسية السودانية منقسمة منذ أمد بعيد وليس قبل فترة حديثة، وفي هذه الفترة وما بعد الانتفاضة، يعني حتى في وجود نظام الإنقاذ أو في فترة حكم الإنقاذ  الساحة السياسية كانت تتشظى  وتنقسم كل مرة على نفسها بصورة مستمرة، وأحياناُ أصبحت ظاهرة، وهذه الظاهرة كانت ظاهرة غير حميدة، رغم أن الناس كانوا يقولون أنها نوع من التفاعل في الممارسة الديموقراطية بشكل ما، يمكن تقود الناس إلى ميلاد أجسام سياسية حديثة ، فبالتالي فترة انقسامات الساحة السياسية أغرت الكثيرين، إذ انشطرت أحزاب سياسية من أحزاب الأمة أو الأحزاب الكبيرة المعروفة  سواء كانت أحزاب الاتحادي  الديمقراطي، أو الحزب الشيوعي، أو الحركة  الإسلامية التي انقسمت للمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، وغيرهما،  وكل مرة  تجد أن الانقسام مستمر ، أحزاب اليسار  انقسمت أيضا إلى مجموعات هي نفسها ليست أقل من أربعة إلى خمس أو ست مجموعات، كل مجموعة نفسها تتولد منها  مجموعة أخرى، أيضاً الحركات المسلحة انقسمت، يعني الحركة المعروفة كانت هي الحركة الشعبية، وتولدت منها حركة أخرى هي حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد  محمد نور قبل أن يختلف معه مني أركو مناوي، حركة العدل المساواة ايضا انقسمت و نجد منها حركات عديدة.
بعدها تعال شاهد كمية الانشطارات حتى في الحركات إلى أن وصلت مرحلة أن تسمى بالأشخاص، وفي عملية للحوار الوطني عدد الحركات لا يكاد يحصى، لأن كل يوم تجد ورق مروس باسم الحركة الفلانية بقيادة فلان  الفلاني، وأصبحت أجسام هلامية ومنشطرة من بعضها البعض بشكل مستمر.

طرحنا “المشروع الوطني” لحل الأزمة في البلاد لكل المعارضين والاحزاب والحركات

هذه الصورة صورة مزعجة حاولنا  نلملمها في الحوار الوطني،  وعملية  الحوار كانت بقدر الامكان وضع رؤية ومشروع وطني كبير جامع للناس ولعمل لبنات أساسية يحاول من خلالها المشاركون، بقدر الإمكان أن يضعوا أطر ويعملوا بناء مشرف، لمشروع وطني لتجاوز المرحلة المعقدة نفسها، وتلك المجهودات كانت نوعاً من الكفاح الفكري السلمي، و النضال والكفاح بالكلمة.
وبعد نقاشات وصلنا لنعمل مخرجات انتهت إلى  994  توصية، و هذه المخرجات كنا نتوقع أنها فعلاً تخرج الناس من الأزمة السودانية.
الذين كانوا في المعارضة اخوتنا وزملاءنا الذين كنا معهم في الاجماع الوطني ، وقبلها كنا في تحالف القوى الوطنية بصموا بالعشرة أن هذا الحوار تجاوز حتى توقعات أو تصورات المشروع الذي طرحته أحزاب المعارضة وقتها، من حيث المادة والموضوعية وتناول القضايا، ولهذا نقول إن  الحوار الوطني من حيث القضايا والموضوعات لم تكن فيه أي مشكلة، ولكن كانت المشكلة في القوى المشاركة ، فقد كانت هنالك قوى سياسية بالخارج لم تنخرط في الحوار كالحزب الشيوعي وحزب البعث، وحزب الامة القومي الذي كان جزءاً من الحوار ولكن لظروف وملابسات حديث الامام الصادق المهدي، يرحمه الله، عن حميدتي وعن الدعم السريع، و اعتقال الصادق المهدي انسحب الحزب وخرج من الحوار.

ماهي أسباب الانقسام السياسي في السودان؟
الانقسامات ظلت موجودة، وأغلبها حدثت كانت بسبب طموح أو أطماع ذات طابع شخصي وذاتي، وكلها دون طموح الشعب السوداني الذي يريد أن يرى أجساماً سياسية ناضجة ورؤى موضوعية مطروحة من أجل الوطن، وبرامج تواكب متطلبات العصر والمرحلة، لكن القوى السياسية نجدها في حالة مناكفة، و بين قيادات القوى السياسية تجد مناكفات من أجل من يكون في المنصب الفلاني أوالموقع الفلاني أو أن يكون هو رئيس الكتلة أو أن يكون هو الشخص الذي ينوب بالذات المواقع المؤثرة أو الكبيرة.
وهذه المشكلات  في القيادة إذا كانت سياسية أو إذا كانت على المستوى التنفيذي واحدة من المشكلات التي نعاني منها في الساحة السياسية وفي ساحة العمل العام عموما، لأن القيمة أصبحت أن يتكسب الإنسان من السياسة، التي تكاد الآن تصبح مهنة تكسب وارتزاق وهذه مشكلة كبيرة جداً.
القيادة السياسية بالصورة الحالية، أصبحت أسوأ بكثير في السودان، والانقسام بتقديري هو الآن أسوأ بكثير مما كان في السابق،  وبدلا من أن نتعظ ونراجع معالجة شؤوننا في إطار الانقسامات الفكرية والسياسية وفي إدارة شئون البلاد حتى بالقضايا المطروحة، نجد الانقسام يتعمق زيادة كل مرة، لأن كل واحد فينا يرى أنه هو الأكفاء من الآخر.
والانقسام الموجود ممكن ننظر له من باب وجود نوع من الهشاشة في الساحة السياسية وفيه نوع من التداخلات للقضايا وفيه تدخل أجنبي كبير جداً والناس بعلم أو بدون علم ارتموا في أحضان المخابرات الدولية، وسواء كانوا يدركون أو لا يدركون فهم دخلوا في دائرة العمالة أو في خيانة ضد الوطن، وهنالك قيادات سياسية لو بحثنا عن سيرتهم وتاريخهم السياسي تجدهم يعملون من أجل الارتزاق والتخابر الاقليمي والدولي على حساب وطننا.

توافقنا بنسبة 90 % في “الوثيقة الوطنية لإدارة الفترة الانتقالية” للخروج لبر الأمان

طالما هنالك قوى سياسية تعمل على تنفيذ المشروع الأجنبي في السودان، أين القوى الوطنية التي تتصدى لذلك المشروع ؟
هناك محاولات لهذه المشاريع الوطنية طرحت، نبدأها بمبادرات عديدة، من ضمنها حركة العمل المناهض للهيمنة والغطرسة والسيطرة الذي كان سائداً في فترة قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي ، بعد أن تسيدت الحكم والمشهد السياسي وضيقت على الناس، بل كادت أن تسجن الناس بمجرد البوح بكلمة ما،  وأحيانا نقول “التحرش السياسي”، لأن الحرية والتغيير مجرد أن شخصاً ما يعارضها ممكن أن تختلق أي تهمة أو أي شيء ما، من خلال تحريك قضية لاسكات الأفواه وإسكات الحق في أن تمارس العمل السياسي، وبالمقابل نحن في قوى الحراك الوطني بدأنا في طرح البرنامج من أجل الفترة الانتقالية وهو برنامج القوى الوطنية من خلال فكرة يجب أن يكون هناك مشروع وطني جامع، وليس مجرد برنامج، فبرنامجنا هو البرنامج الوطني للفترة الانتقالية، وفيه نفكر كيف يكون مشروع وطني جامع.
المشروع الوطني يحتاجه الكل بما في ذلك المعارضين وحاملي السلاح في الداخل والحاكمين العسكريين، لكي نبني مشروعاً وطنياً وفق قواعد وأسس مستخلصة من تاريخنا، بعد ذلك عملنا اختراقاً حقيقياً من خلال هذا الحراك الوطني ثم توسعت الفكرة في أن تكون قوى الحراك الوطني كتيار وليست مجرد جسم أو تحالف سياسي ، وأدخلنا فيه الكثير من الإدارات الأهلية والأعيان و كذلك الأجسام المعروفة وخلافه حتى المسيحيين معنا، وأصبح تيار سميناه قوى الحراك الوطني ثم تولدت بعدها قوة أخرى يعني بالتوازي مع الحراك الوطني وظهرت مسميات كثيرة جداً وبعد انقسام  الحرية والتغيير إلى المجلس المركزي و الكتلة الديمقراطية عملنا مع الكتلة الديمقراطية  من أجل الوفاق الوطني، في إطار تمثيل الأطراف كلها وتجميع الصف الوطني ، لكن بعد ذلك حاولنا التوافق على  إجازة ما تم التوافق عليه كمشروع وفكرة أو مسودة وأيضا المشروع المطلوب أن يكون سياسيا والاعلان النهائي،  وكل هذه الأشياء وحتى الوثيقة الدستورية ناقشناها معهم ولكن اخوتنا في الكتلة الديمقراطية  استعجلوا دون الاتفاق على تلك الافكار.
عملنا معهم باجتهاد منقطع النظير ووصلنا الى رؤية مشتركة وصنعنا هذه الأوراق ونقولها بكل صراحة الحراك الوطني شارك في صناعة هذه الاوراق بنسبة 80% ولكن  استعجال الكتلة الديمقراطية في اعلان المؤتمر الصحفي أدى إلى انسحابنا وتجميد نشاطنا معهم، حاولنا وهذه  كانت مجهودات وتذكر جيدا مبادرة الشيخ الياقوت، ومبادرة الشيخ الطيب الجد، ورؤية ومبادرة المركز الافريقي للحوكمة ودراسات السلام والتحول الدميقراطي  والمركز جمع حوالي 80 من  الرؤى والمبادرات إلى مقترحات فكرية وخلصنا إلى رؤية واحدة سميناها الوثيقة الوطنية لادارة الفترة الانتقالية، وهذه الوثيقة اجتهدنا بأن نعمل  استخلاص واتفاق حولها  بنسبة تفوق 90% و تم تسليمها وقتها إلى مالك عقار مسؤول الملف السياسي في القصر الجمهوري لمحاولة جمع شتات القوى السياسية وتوحيد الرؤى والفهم في مشتركات الحد الأدنى لنصل إلى بر الأمان بتوافق سياسي.

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى