الصامت المتحكم

راشد عبد الرحيم
ظل المؤتمر الوطني من أكثر القوي السودانية صمتاً و أكثرها تحريكا للأحداث.
ثار الحديث حول المؤتمر الوطني منذ الأحد الماضي إثر تصريحات لقادته حول انعقاد مجلس شوراه.. لم يكن الحديث عن شأن داخلي موفقاً و لكنه حدث.
منذ نهاية حقبة الإنقاذ ظلت مواقفه هي الفاعلة فقد كان موقف رئيسه المشير البشير بتسليم السلطة دون تنازع هو ما حفظ البلاد من فتن و صراع كبير و ما أكد أنه لا يريد السلطة و لا يسعي لها.
عندما عزم الدعم السريع على الاستيلاء على السلطة سعى لكسب الوطني لصفه في معركته و كان الرد القوي على قائد الدعم السريع بأنا لن نقف معكم لأنكم ( بندقية للإيجار ) كان ذلك هو السبب الأول في أن يضع التمرد سمة ( الفلول) ثم يطلقها على الشعب السوداني كله و يتحرك بها في دعايته الحربية و انتهاكاته، و كانت شاهداً علي أنها حجة لا تفف علي ساق و أنها محض غضب و تعبير عن خذلان يحس به..
لم يتأخر المؤتمر الوطني في دعم القوات المسلحة ضد التمرد ؛ إذ سرعان ما انخرط شبابه في القتال من تلقاء أنفسهم و من القيم التي استقوها منه.
ظلت مواقفه تمثل الترياق السياسي ضد قحت سابقاً وتقدم لاحقاً و تمثل الأرضية السياسية في وجه داعمي التمرد من السياسيين.
ظلت تقدم تنسج الأقاويل السلبية و تنسبها للوطني و لا تستطيع أن تحدد قائلها و جل أفعالها إن لم يكن كلها هي رجع صدى لما يحدثه الوطني.
بل تصدت قواعد المؤتمر الوطني للمبعوث فولكر صانع الوثيقة الدستورية و الداعم الأكبر للدعم السريع حتي تم طرده من البلاد.
إسهام المؤتمر الوطني في تطوير و نهضة القوات المسلحة سبق قيام الحرب فهو صاحب المساهمة
الكبيرة في بناء جيشنا بقوته الحالية و خاصة سلاح الطيران المتميز بقوة الأداء بل كان هو الحاسم في المعركة.
و تقف منظومة الصناعات الدفاعية (التصنيع الحربي سابقاً) شاهداً و هو الذي قام علي شباب و علماء اختارهم الوطني.
إسهامات المؤتمر الوطني ممتدة نجدها في قطاعات الطلاب التي صنع فيها قيادات في شتي المجالات. و بث فيها و في المجتمع السوداني من قيم الإسلام التي تجلت في المساجد و المجتمع كله.
وصمه المعارضون له بكل قبيح و لكنه عاد و هو بعيد عن السلطة أقوى منه و هو يملكها.
الذين يطالبونه بمراجعة تاريخه و أفعاله هم الأحق بذلك إذ ظل هو مع الشعب و الجيش و الوطن و ظلت “تقدم” و من معها هم أهل الحرب و من يوقد نارها و هم من تصيبهم لعنة السودانيين أينما كانوا داخل و خارج السودان.
ظل الوطني الحزب السوداني الوحيد الذي له مجلس شورى و له جلسات منتظمة و يغير قياداته و لم تكن تقدم و أحزابها و من يدور في فلكها تتوفر على مؤسسات شورى.
ما بعد الحرب مرحلة تختلف عن سابقتها و هي التي تستحق أن ينظر فيها الوطني و يعيد ترتيباته وفقاً لمقتضياتها إذ يحتاح لقدر أكبر من الشورى داخله و يحتاج تجديد القيادات و المنهج و البرامج لتوافي مكتسباته و ما حققه.
ستكون التحديات كبرى وتكون الحاجة لبناء وطني جديد أكثر إلحاحاً.
علي الوطني أن يدرك حقيقة قوته البينة و الحاجة له مستقبلا و عليه البناء على ذلك حتي لا يكون أقل من آمال و طموح قواعده و الشعب السوداني فيه.