سوق أم درمان العتيق: هل واتت الفرصة لإعادة التخطيط واللحاق بمناطق الجذب السياحي؟

المحقق – محمد مصطفي المامون
يشكل سوق أم درمان العتيق، الواقع وسط العاصمة الوطنية معرضاً تاريخياً وشعبياً وأثرياً يعج بالأنشطة والحركة وتتوفر فيه كثير جداً من الحاجيات الإنسانية، ابتداءً من أسواق احتياجات الأطفال حديثي الولادة إلى أكفان الموتى، ويعد ومركزاً للاشعاع الاجتماعي والثقافي والرياضي والفني، وملتقىً لرواد السياسية والفنون والشعراء وظرفاء المدينة ورجال الأعمال.
التأسيس
تأسس السوق قبل أكثر من 100عام في منطقة “المحطة الوسطى” الحالية، ويضم أسواقاً مصغرة متعددة بينها سوق ملجة الخضار وسوق الصياغ وسوق النساء والطواقي وسوق العناقريب وسوق الموية وسوق الأقمشة والجزارة، و ويمتد حتى شارع العدني والاسكلا وهي أهم المعالم المكونة للسوق حينها.
و تمثلت الامتدادات الحالية للسوق جنوباً لعمارة محمد حسين والحرية، وعمارة البرير و سوق العصافير وشارع الشوام وشارع سينما الوطنية وشارع الدكاترة، وكلها تعتبر جديدة نسبياً.
المقاهي
من بين تجار سوق أم درمان مشاهير أصبحوا نجوماً في المجتمع أمثال جورج مشرقي وهو من بلاد الشام وكان يعمل بائعاً لليمون في سوق الموية، وأسس المقهى الأشهر في سوق الموية ضمن مجموعة من المقاهي مثل مقهى يوسف الفكي وأحمد خير وود الأغا وديمتري البازار ، وكانت هذه المقاهي مركزاً لتجمع الرموز الوطنية و القيادات السياسية والكتاب والشعراء والمسرحيين المشهورين مثل خالد أبو الروس والجاغريو .
الرواد
ويرتاد سوق أم درمان ومقاهيه، شعراء وفنانو أمدرمان أمثال إبراهيم العبادي وأحمد المصطفى وبادي محمد الطيب وصلاح عبد السيد أبو صلاح وعبدالرحمن الريح.
البيوتات التجارية
ومن أبرز البيوتات التجارية أسرة أبو العلا وأسرة البرير ومحمد حسين والأمين عبد الرحمن والعطار أحمد الرباطابي وتجار الأقمشة أمثال محمد أحمد ابو القاسم وعبد النعم محمد أحمد وعثمان الدابي والترزي الأشهر (كنب) من السودانيين أما من التجار الأجانب فقد اشتهر التجار الهنود مثل لاليت وشاشاتي وغيرهم. وكانوا جميعاً من الموردين والمصدرين، وخلال الفترة التي أعقبت استقلال السودان بدأت هجرة الشوام والهنود ومايزال بعضهم يعمل في تجانس اجتماعي فريد.
الحرائق والازدحام
قبل نحو عامين أو يزيد روع تجار سوق أم درمان بحرائق متواصلة طالت مساحات واسعة من المباني والمتاجر والمؤسسات القائمة حوله وقدرت الخسائر حينها بالمليارات من الجنيهات،
وتتكرر مشاهد الحرائق والنيران كل ما اشتدت حرارة الشمس وتطاول فصل الصيف. وتزداد معاناة المواطنين والتجار معا مع دخول فصل الخريف. والازدحام اليومي فيصبح السوق عبارة عن بحيرة تختلط فيها مياه الأمطار بالصرف الصحي.
السلطات الهندسية شخصت الأسباب وقالت إنها تتمثل في عشوائية التخطيط و سوء توزيع أسلاك الكهرباء وغياب كراسة مواصفات العمران.
خراب ودمار
الخراب والدمار الذي احدثته مليشيا الدعم السريع في أسواق الخرطوم عموماً وسوق أم درمان علي وجه الخصوص وتجاوزت خسائرة مئات الملايين من الدولارات يفتح الباب مجدداً لإعادة النظر في تخطيط السوق وفقاً للمعايير الدولية والعمرانية وفتح المسارات وإعادة توزيع الكهرباء والصرف الصحي و موقف المواصلات والسيارات وانهاء المتاحر العشوائية والمظاهر السالبة ونقل بعض اقسام المتاجر إلى مواقع أخرى.
السؤال الجوهري
هل بالإمكان إعادة تشكيل السوق بشكل عصري ، بحيث يحافظ على عراقته وأصالته، ولكنه في نفس الوقت يلتزم بأساليب التخصص والعرض في مثل هذا النوع الأسواق ؟
هذا السؤال تشكل الأجابة عنه تحديا للتجار والسلطات بولاية الخرطوم وأصحاب المحال والمواطنين، بل ربما على مستوى ولاية الخرطوم والدولة ككل.
الكرة في الملعب
والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة يقول إن واقع سوق أمدرمان قبل الحرب كان يحتاح إلى تدخلات مهمة وإعادة النظر في التوصيل العشوائي للكهرباء ومنع التعدي على حرم الشوارع والمصارف والبيع خارج المواقع المصدق بها مما يقلل من فرص السلامة.
ويري الوالي أن العمل المشترك هو السبيل لإنجاز مهمة الإعمار و أن الدفاع المدني يعد من اهم وحدات إعادة الإعمار للقيام بفحص سلامة المباني التي تعرضت للقصف المدفعي بالتنسيق مع وزارة التخطيط العمراني و وضع اشتراطات صارمة تراعي كافة إجراءات السلامة
رئيس الفريق الهندسي والمجلس الأعلى للدفاع المدني يؤكدان دعم جهود ولاية الخرطوم في تأهيل المناطق التي تضررت من الحرب ، وقد أوضح أن مهمة الفريق تهدف للوقوف علي اجراءات السلامة بأم درمان الكبرى والمساعدة في عودة الحياة لطبيعتها وسيبدأ الفريق الهندسي عمله بسوق أم درمان والنظر في إمكانية إعادة تأهيله بالتنسيق مع جميع الجهات ذات الصلة.
عجلة التجار
التجار يستعجلون لمزاولة نشاطهم في السوق بعد النظافة مباشرة دون النظر إلي خطة مستقبلية، فقد تدافعوا لاستلام محالهم التجارية وشكلوا لجنة للتنسيق مع السلطات المحلية لترتيب هذه الخطوة.
إعادة التشكيل
قطاع الهندسة طرح فكرة لإعادة تشكيل السوق بالاستعانة بشركات أجنبية وبيوتات خبرة وتقسيم السوق وتحويل جزء منه إلى مواقع أخري داخل الخرطوم علي قرار ما حدث سابقاً في السوق العربي في الخرطوم.