
المحقق – نازك شمام
وسط أزمات اقتصادية تستفحل يوماً بعد يوم بالسودان، أبرزها التدهور المستمر لسعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، وتزامناً مع الظروف التي تعيشها البلاد بسبب الحرب التي أشعلها تمرد قوات الدعم السريع، و دخلت عامها الثاني منذ عدة أشهر ، والتي استنفذت موارد البلاد من النقد الأجنبي، بدا إعلان بنك السودان المركزي عن محفظة مليارية دولارية لدعم استيراد السلع الاستهلاكية وكأنة ضوء في آخر النفق لإيقاف نزيف العملة المحلية.
فبالأمس أعلن بنك السودان المركزي عن إطلاق محفظة تمويلية مشتركة بمشاركة بنك الخرطوم وبموارد بالنقد الأجنبي تبلغ مليار دولار أمريكي.
وقال البنك المركزي في بيان صادر ( الخميس) إن ” الخطوة تأتي في إطار مساعيه الرامية للمحافظة على استقرار سعر الصرف من خلال سياساته وإجراءاته التي يتم تطبيقها في ظروف بالغة التعقيد، مضيفاً أنه يواصل جهوده المكثفة لمعالجة التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأشار المركزي لدوره في تعزيز المعروض من النقد الأجنبي لمقابلة الاستيراد لقائمة السلع الاستراتيجية المعدة بواسطة وزارة التجارة والتموين، وأوضح أن المحفظة تعمل تحت الإشراف والرقابة المباشرة للبنك المركزي.
واشار إلى أن الهدف من هذه الآلية هو ضمان الكفاءة في تخصيص النقد الأجنبي، من خلال تكامل وتنسيق الأدوار بين كافة الجهات ذات الصلة .
وكشف المركزي عن توفير النقد الأجنبي للمستوردين وفق آليات قال إنها تتسم بالشفافية، مبيناً مواصلة مجهوداته وبالتنسيق مع المحفظة والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية لزيادة موارد النقد الأجنبي لمقابلة استيراد السلع الأخرى والحصول على قروض سلعية للحفاظ على استقرار سعر الصرف.
وكشف بنك السودان المركزي عن إصداره منشوراً للمصارف العاملة يوضح آلية عمل المحفظة وبعض التعديلات في ضوابط الاستيراد، مؤكداً على التزامه الراسخ بتنفيذ دوره الحيوي في إدارة السياسة النقدية والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي للبلاد.
ونقلت وسائل إعلامية محلية عن المديرة العامة لبنك الخرطوم ، لمياء كمال ساتي بأن المبادرة جاءت من محافظ بنك السودان المركزي، بهدف إحداث استقرار لسعر الصرف وتوفير السلع الاستراتيجية.
واوضحت أن بنك الخرطوم قام بإنشاء محفظة مشتركة مع بنك السودان المركزي لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية براسمال مليار دولار دفعة أولي تم إيداعها بحسابات البنك، مشيرة إلى أن بنك الخرطوم هو البنك الرائد المسؤول عن ادارة المحفظة تحت إشراف البنك المركزي.
وكشفت لمياء عن إدارة المحفظة كذمة مالية منفصلة وبآلية مبنية علي الشفافية المطلقة وبتنسيق كامل مع الوزارات والمؤسسات والجهات الأخري ذات الصلة، موضحة انها ستقتصر على استيراد المشتقات البترولية بكل أنواعها حصرياً علي المحفظة حيث ستقوم وزارة الطاقة بطرح عطاءات لتوريد مواد بترولية ومخاطبة المحفظة لتكملة الاجراءات المصرفية لصالح الجهة التي يرسو عليها العطاء.
واعلنت عن قيام المحفظة بشراء الذهب من السوق المفتوحة وتصديره لتوفير موارد نقد أجنبي لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية وتستخدم مواردها فقط لتمويل استيراد السلع الأستراتيجية التي تم من اجلها إنشاؤها وتكون جميع أعمالها عن طريق العطاءات التي تفتح فوريا بحضور الجميع على أن تخضع جميع معاملاتها للمراجعة القانونية ومراقبة بنك السودان المركزي، وتعمل باستمرار علي تطوير أنظمتها وسد الثغرات من خلال الممارسة.
ووصف الخبير الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي الخطوة التي قام بها بنك السودان بتكوين هذه المحفظة بالممتازة وفي الاتجاه الصحيح، لكنه أشار إلى أن نجاحها رهين بقرارات اخري ، وقال في حديثه لموقع “المحقق” الإخباري إن المحفظة “وحدها لن تكون الحل الناجع لوقف تدهور سعر الصرف ما لم ترافقها سياسات واجراءات تدعم أهداف انشاء وتكوين المحفظه”.
وشدد فتحي علي اهمية أن يتم طرح عطاءات مفتوحة لكل الشركات لاستيراد السلع والخدمات الإستراتيجية علي ان تكون المنافسة شفافة ومحوكمة من خلال بند السعر وتوقيت التوريد ونوعية السلع مع ضبط الاستيراد.
وانتقد فتحي عمليات الاستيراد التي أغرقت البلاد عبر المنافذ الجمركية بسلع هامشية ليست ذات جودة ممولة بموارد السوق الأسود.
و أكد أن هذه الإجراءات هامة وتصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وتؤكد على دور البنك المركزي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وأشار إلى أن الاقتصاد السوداني قادر علي مواجهة ظروف الحرب وافرازاتها.
وطالب فتحي المحفظة بعدم إعفائها التجار المصدرين الذين تشتملهم من شركات ورجال أعمال من توريد حصائل صادراتهم لخزينة بنك السودان المركزي أو البنوك التجارية المحلية وكل ضوابط البنك المركزي الخاصة والمعلنة بشأن التعامل مع حصائل الصادرات.
وأشار إلى أهمية السماح لهم بإيداعها لدي البنوك الخارجية (المراسلين) لتغطية الإلتزامات العرضية أو الآجلة الناشئة عن الاعتمادات المستندية الآجلة التي أصدرتها بنوك المحفظة المؤهلة.
وتشهد أسواق العملات الموازية تذبذباً في اسعار سعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار خلال الأيام القليلة الماضية حيث شهدت الأسواق انفلاتاً في الاسعار وتخطى الدولار حاجز ال 2700 جنيه إلا أنه تراجع إلى 2400 وسط توقعات بانخفاض الأسعار في تداولات الأحد القادم.