بنك السودان وتعزيز الشمول المالي

وليد دليل
خبير مصرفي
أصدر بنك السودان المركزي تعميماً وجه بموجبه كافة المصارف العاملة بتبسيط إجراءات فتح الحسابات المصرفية، وذلك بقبول أصل أو صورة البطاقات ومستندات إثبات الهوية المعتمدة حسب ضوابط بنك السودان المركزي سواءً كانت سارية أو منتهية الصلاحية، شريطة أن يسمح للمصرف باستدعاء بيانات العميل من النظام الإلكتروني للسجل المدني للتحقق من موثوقية وصحة مستند إثبات الهوية المقدم من العميل.
وأكد البنك أن ذلك يأتي في إطار موجهاته الرامية إلى تعزيز الشمول المالي والحفاظ على الاستقرار المالي، وتماشياً مع التوجه نحو تسهيل تقديم الخدمات المصرفية.
الشمول المالي هو توفير خدمات مالية لجميع شرائح المجتمع سواء كانت مؤسسات أو أفراد، وتيسير تجربتهم البنكية من خلال القنوات المالية الرسمية لتتناسب مع ظروفهم المالية والاجتماعية والصحية.
وبحسب الموقع الرسمي للبنك الدولى، فقد تم تحديد الشمول المالي باعتباره عامل تمكين لسبعة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، لافتاً إلى أن مجموعة العشرين التزمت بتعزيز الشمول المالي في جميع أنحاء العالم، وأكدت من جديد التزامها بتنفيذ المبادئ رفيعة المستوى لمجموعة العشرين للشمول المالي الرقمي.
يعد مصطلح الشمول المالي من المفاهيم الأكثر انتشارًا في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد الأزمة المالية العالمية 2008، والتي فرضت على المؤسسات المالية الدولية رسم استراتيجيات لتحقيق الاستقرار المالي. وقد تبنت العديد من الدول سياسات لتحقيق الشمول المالي من خلال تمكين وصول الخدمات المالية والمنتجات المصرفية بتكاليف معتدلة لأكبر عدد ممكن من ذوي الدخول المحدودة لتلبي احتياجاتهم وتتماشى مع قدراتهم وتبعدهم عن التهميش المالي، وقد كان لكل تلك السياسات عظيم الأثر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهؤلاء الأفراد، ومن ثَمَّ على الدولة ككل.
يتطلع السودان لأن يكون دولة رائدة في مجال المدفوعات الرقمية، بحيث تعمل على تدشين مرحلة جديدة من الشمول المالي للمواطنين، باعتباره ركيزة من ركائز النمو والتحول للاقتصاد الرقمي وتعزيز الإصلاح الاقتصادي؛ حيث يعمل الشمول المالي على إدماج المؤسسات وأصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر والأفراد الفقراء ومحدودي الدخل الذين يعملون في الاقتصاد الموازي غير الرسمي داخل الهيكل المالي الرسمي للدولة، بما يسهم في تطوير الخدمات المصرفية لهم، وبما يسهم في رفع مستوى دخل الفرد وخفض معدلات الفقر الذي ينعكس بدوره على تحسين مستويات المعيشة.
وتعتبر مجموعة البنك الدولي الشمول المالي من عوامل التمكين الرئيسية للقضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك.
وتعد إمكانية الوصول إلى حساب للمعاملات خطوة أولى نحو تعميم الخدمات المالية على نطاق أوسع نظراً لأن حساب المعاملات يسمح للناس بتخزين الأموال وإرسال المدفوعات وتلقيها.
ويمثل حساب المعاملات بوابة إلى الخدمات المالية الأخرى، ولهذا فإن ضمان إمكانية حصول الناس في جميع أنحاء العالم على حساب للمعاملات لا يزال مجال تركيز لمجموعة البنك الدولي. وعلى وجه الخصوص، كان محور تركيز مبادرة مجموعة البنك الدولي لإتاحة الخدمات المالية للجميع التي اختتمت في نهاية عام 2020. وعلى الرغم من تحقيق العديد من المكاسب من خلال هذه المبادرة، فإنه مؤشر على حجم التحدي الذي لا يزال يتعين القيام بالمزيد من العمل.
ويسهّل الحصول على الخدمات المالية أمور الحياة اليومية، ويساعد الأسر والشركات على التخطيط لكل شيء، من الأهداف طويلة الأجل إلى حالات الطوارئ غير المتوقعة. وبوصفهم أصحاب حسابات، من المرجح أن يستخدم الناس خدمات مالية أخرى، مثل الائتمان والتأمين، لبدء وتوسيع النشاط التجاري والاستثمار في التعليم أو الصحة وإدارة المخاطر والتغلب على الصدمات المالية، وهو ما يمكن أن يحسن نوعية حياتهم بشكل عام.