تقارير

السودان على أجندة القمة العربية… أولوية في الطرح وتحدٍ في الحسم 

القاهرة – المحقق- صباح موسى

تنعقد بالعاصمة العراقية بغداد غداً (السبت) القمة العربية الرابعة والثلاثون، في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحديات وجودية تهدد أمنها وسلامها واستقرارها، وتأتي الحرب في السودان ضمن أهم الأجندة المزمع نقاشها في هذه القمة.

 

دعم السلام

وترأس وكيل وزارة الخارجية المكلف السفير حسين الأمين الفاضل، وفد السودان المشارك في إجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، وهو الاجتماع المعني بالتحضير للقمتين السياسية والاقتصادية، حيث اعتمد الاجتماع بند دعم السلام والتنمية في السودان، والذي تضمن التأكيد على التضامن مع السودان والشعب السوداني في سعيه لتأمين مقدراته وحماية أرضه وبنيته التحتية الحيوية، والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه وتعزيز جهوده في الحفاظ على مؤسساته الوطنية والحيلولة دون انهيارها.

وأكد المجلس على أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وعلى أهمية دور الجامعة العربية في الدفاع عن وحدة جميع الدول الأعضاء وسلامتها واستقرارها، ودعا المجلس كافة الدول العربية والمنظمات العربية لتقديم الدعم الإنساني والتنموي، والدعوة إلى وقف إطلاق النار وفقاً لإعلان جدة، وبحث إمكانية استئناف مسار جدة  ودعوة مجموعة الاتصال العربية المشكلة من وزراء خارجية كل من السعودية ومصر ، والأمين العام للجامعة العربية، إلى مواصلة مساعيها الحميدة بغية التوصل لحلول تلبي تطلعات الشعب السوداني في تحقيق الاستقرار والتنمية.

الحفاظ على المؤسسات

من جانبه أكد السفير حسين الأمين الفاضل أن الإجتماع أمن على التضامن الكامل مع السودان حكومة وشعبا، مشدداً على أن السودان قد دعا المجلس إلى أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة والحيلولة دون انهيارها، وقال إنه أطلع وزراء الخارجية العرب على حقيقة الأوضاع في البلاد والجهود الإنسانية والتنموية المبذولة لتعزيز الاستجابة تجاه مختلف التحديات الراهنة، معرباً عن تقدير السودان للمواقف العربية الداعمة والمتواصلة، مؤكداً أن السودان يحرص دوما على تعزيز الانخراط مع  الجامعة العربية ومؤسساتها المختلفة سيما في ظل مرحلة إعادة الإعمار التي تستشرفها البلاد.

وقت حرج

تأتي اجتماعات القمة العربية في بغداد في وقت يمر فيه السودان بوضع حرج، مع استمرار الحرب لأكثر من عامين، بمزيد من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع بحق الشعب السوداني، وتدمير مؤسساته وخدماته الحيوية، مع تزايد إمداد المليشيا بالسلاح والمعينات اللوجستية في الحرب، إلى حد تزويدها بطائرات مسيرة، ضربت أهدافاً حيوية من مقدرات الشعب السوداني من محطات كهرباء ووقود ومياه وتدمير البنية التحتية بالبلاد، في تحد كبير لتغذية واستمرار الحرب، وتهديد استقرار وسلامة السودان،  فإلى أي مدى يمكن أن تحقق هذه القمة اختراقاً في الأزمة السودانية، وإلى أي مدى نجحت الدبلوماسية السودانية في عرض قضيتها على المحفل العربي المهم، وماهو المتوقع لمخرجات هذه القمة في ظل وجود أصوات شعبية سودانية تطالب بالخروج من الجامعة.

صعب وشائك

قبل أيام وصف مساعد الأمين العام للجامعة العربية السفير حسام زكي بأن قطع السودان للعلاقات مع الإمارات موضوع صعب وشائك، وقال زكي في تصريحات صحفية، قد لا يؤثر هذا الموضوع على جوانب العمل في نطاق الجامعة العربية بشكل عام، لكنه بالتأكيد سيؤثر على سلاسة العمل عند بحث الأزمة بالسودان في ظل اختلاف المواقف، مبيناً أن هناك جهوداً عربية، على مستوى (الجامعة)، وعلى المستوى الثنائي، تُبذَل لرأب الصدع بين السودان والإمارات دون افتئات على مصلحة أي من الطرفين، لافتاً إلى أنها جهود لم تصادف النجاح المطلوب حتى الآن.

تأثير القرارات

وبشأن الانتقادات الموجهة لقوة وتأثير قرارات الجامعة العربية، قال زكي، هناك عدم معرفة بأدوار كثيرة تلعبها الجامعة العربية، خارج نطاق السياسة، موضحاً لا يمكن اختزال هذا القدر من الجهد العربي العميق في الشأن السياسي فقط وتحديداً القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الجميع يربطون دور الجامعة بنجاحها في حل القضية الفلسطينية، مضيفا أنا ضد أسلوب جلد الذات، من السهل أن نحمّل أنفسنا كل خطايا العالم، لكن هذا أمر غير مطلوب ولا يساعدنا على التقدم إلى الأمام.

 

تحييد الخلاف

وحول تأثير الخلافات العربية – العربية على قوة قرارات الجامعة، أكد السفير حسام زكي أن أي منظمة دولية يمكن أن يكون بين أعضائها اختلاف في الرؤى في بعض الأحيان، لافتاً إلى أن المهم هنا هو تحييد هذا الخلاف بعيداً عن الجامعة العربية وأجندتها العامة حتى لا تتأثر سلباً، وهو ما تحاول الجامعة فعله.

السودان لا يحتاج

أما نائب رئيس تحرير صحيفة الأسبوع المصرية، خالد محمد علي، فقد أكد أن السودان لا يحتاج لمجهود كبير لعرض مايتعرض له على الجامعة العربية مع الادانات الدولية الواضحة لمليشيا الدعم السريع حول ما ارتكبته بحق المدنيين وتدمير البنى التحتية. وقال علي لـ “المحقق” إن ما ارتكبته المليشيا بحق المدنيين مهدد لحياة الناس ويرتقي لجرائم حرب ضد أبناء الشعب السوداني، مضيفاً أن هذه الحرب التي تستهدف تغيير التركيبة السكانية الأصلية واستبدالها بشتات ومرتزقة أصبحت واضحة للعالم كله، وتابع أن السودان ليس مطالبا ببذل جهد كبير في عرض قضيته على القمة العربية، مؤكداً أنه يجب مطالبة الجامعة بأن تقوم بدورها وفقا لبيان تأسيسها، مشيرا أن الجامعة أدانت بوضوح في قرارات سابقة محاولات الإعتداء الخارجي على السودان، وقال إن اليوم أصبح أكثر وضوحاً بتدمير المليشيا لكافة المنشآت الحيوية بالبلاد، مضيفا يجب أن يكون موقف الجامعة مواكبا لهذا التطور الخطير في الحرب بما هو أكبر من الإدانة، واتخاذ قرارات مساندة للسودان والتوجه لمقاطعة الدول التي تحاول العدوان على السودان.

قرار حاسم

وشدد الخبير المصري بالشأن السوداني على أنه دون اتخاذ قرار حاسم من الجامعة بمقاطعة هذه الدول التي تساعد على تدمير السودان وقتل شعبه، لن يكون أي قرار آخر له قيمة، وقال إن السودان مهدد في وجوده، وتتحالف قوى استعمارية مع قوى داخلية عميلة في تدميره، مضيفا أن الجامعة أمامها دور هام ومحوري بإنهاء الأزمة بين دولتين عضو فيها (السودان- الإمارات)، والبدء على الفور في بذل جهود جماعية لإنهاء الأزمة حتى يكون لها دور فاعل، ويكون هناك مبرر لوجودها، لافتاً إلى أنه إذا فشلت الجامعة في حل النزاعات بين أعضائها سيكون دورها لا معنى له.

تحرك مختلف

ورأى الخبير المصري أن الجامعة هذه المرة أمام هذه المخاطر الجسيمة ربما يكون تحركها مختلفاً، وقال إنه ربما تتخذ خطوات في اتجاه المصالحة مع الإمارات، وتهديد دول الجوار المعادية للسودان بمعاقبتها وفرض عقوبات عليها إذا استمرت في تأجيج الحرب، مضيفا يجب تخفيف التمثيل الدبلوماسي بهذه الدول وتخفيض التعاملات التجارية معها، لافتاً إلى الدور الإنساني الذي يجب أن تلعبه الجامعة في السودان، داعياً إلى إنشاء صندوق خاص بالسودان لمساعدته في إعادة إعمار مادمرته الحرب، واصفا الدعوات التي تطالب بالانسحاب من الجامعة العربية بـ “المشبوهة”، وقال إن ذلك يساهم بشكل مباشر في عزل السودان، وهذا مايتمناه المتمردون وأعداء السودان.

النقاش محروس

من جهته رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني مكي المغربي أنه بسبب المواقف القطعية لدول مثل السعودية ومصر والجزائر، من الأرجح أن يكون النقاش حول السودان محروساً حراسة فائقة من أي محاولة اختطاف أو تمييع. وقال المغربي لـ “المحقق” أتوقع أن يحسم الأمر لصالح المنع بصورة باتة من أي موقف ضبابي للجامعة إزاء مايسمي بالحكومة الموازية، وأن هذا المستوى متوقع، وأضخم من ذلك غير متوقع، مضيفا أن هذا كاف جداً في ظل هذا الانقسام العربي ، باعتبار أن الدول التي تناصب السودان العداء تقريباً هي دولة واحدة، لكنها لديها تحالفات مع آخرين ومصالح مرتبطة، لافتاً إلى أن الإنقسام بسبب المصالح وليس بسبب وضوح القضية، وقال إنه ضد الانسحاب من الجامعة العربية، ومن أي مؤسسة إقليمية أو دولية، وضد قطع العلاقات، وتابع أن السودان يكسب أكثر بالتفاعل، وعليه أن يحدد المتفاعلين وقدراتهم وهذا هو مربط الفرس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى