رأي

أصاب البرهان القول و أساء المؤتمر الوطني الفهم

لواء شرطة م دكتور: نجم الدين عبد الرحيم

دائماً ما يكون الاستعجال في إبداء الرأى أو الرد على الآخرين و عدم التروى سبباً لكثير من الآراء السالبة وبداية لإتخاذ القرارات الخاطئة، و ينتج عن ذلك الوقوف فى المكان الخطأ، وقد ذكرت الدراسات أن على أى شخص التوقف للحظة قبل الرد على أى سؤال أو إتخاذ أى موقف.

و هذا ما حدث بالضبط في فهم قيادات المؤتمر الوطني بالأمس لخطاب القائد البرهان حيث هاجم بعض أعضاء المؤتمر الوطني قيادات و إعلاميين خطاب الرئيس الفريق البرهان ظناً منهم أنه قد أساء لهم في بعض العبارات التى وردت في مخاطبته لختام جلسات ملتقى القيادات السياسية و المجتمعية و الموجهة للمؤتمر الوطني، و وضعوا ذلك في خانة الردة عن المشروع الوطني فى محاربة التمرد و إجحاف فى حق المقاتلين في الميدان، و وقف كثير منهم على عدد من العبارات التي وردت في الخطاب دون تمحيص مثل عبارة *( ما في زول بيديكم فرصة عشان تحكموا على أشلاء الشعب السودانى و إذا عايزين تحكموا ما حيكون فى فرق بينكم و بين القحاطة)* و كذلك على عبارة *(إذا إنتو وطنيين و بيهمكم الوطن ما تزايدوا على الشعب السودانى)* .

هاتان العبارتان بريئتان من أي إساءة أو إدانة للمؤتمر الوطني بل تعتبران فى خانة النصائح و التنبيه لبعض مَن يرى أن المشاركة الفاعلة لعضوية حزب المؤتمر الوطني في معركة الكرامة تعطيه الحق فى المزايدة على الآخرين أو التحكم فى قرار الدولة الآن ، الخطأ فى فهم تفسير كلمات السيد الرئيس و ليس فى ما ذهب إليه و قصده من كلماته هذه.

أولاً الجملة التى وردت فيها عبارة أشلاء الشعب السوداني قصد منها كما ذكرنا أن المؤتمر الوطني عليه ألا يفكر بالمزايدة بمشاركة عناصره فى قتال التمرد في إختطاف قرار الدولة و تنصيب نفسه حاكماً على الفترة الانتقالية أو يحاول أن يفرض قراره على قيادة الدولة الحالية ، و هذا حديث جيد و ليس المعني به المؤتمر الوطني وحده بل يشمل أى جهة شاركت أو تشارك الآن في قتال التمرد ، و في الجانب الآخر دعا البرهان قيادة قحت للتوبة و رفع يدها عن دعم التمرد إذا أرادت العودة للمشاركة فى حكم السودان و هذا أيضاً كلام جيد حيث لا يمكن أن يستمر وضع قحت فى خانة العداء إلى أجل غير مسمى أو إيصاد كل أبواب العودة و الأوبة إلى حضن الوطن إن اعترفت بخطئها فى دعم التمرد و تحولت بعدها إلى خانة الوطنية بدعم الجيش فى معركته ضد التمرد ، فأى الفريقين أحق بالغضب من حديث البرهان قحت أم المؤتمر الوطنى ؟

ثم أتبع البرهان ذلك بقوله (إن فعلتم ذلك فسوف لن يكون هناك فرق بينكم و بين قحت) و ذلك يفسر أن التفكير فى العودة إلى السلطة لا يكون عبر وجودك فى ميدان القتال حتى و لو كان حضوراً مميزاً و سالت فيه دماء الكثير من الشهداء و تقطعت أشلاء الكثير أيضاً لأن ذلك يعتبر سعي للسلطة على أكتاف و دماء شباب الثورة دون استحقاق شعبي انتخابي ، و هذا التعبير يحمل بين طياته اعتراف و مدح واضح للمؤتمر الوطني في مشاركته فى القتال و ليس منقصة فى حقه.

 

و الحقيقة التى يجب أن يدركها حزب المؤتمر الوطني و كوادره هي عدم التفكير أو السعى للعودة للسلطة في الوقت الحالي عبر مشاركتهم فى معركة التحرير و الكرامة و عليهم أن يجعلوا ذلك جهاداً فى سبيل الله و تقدماً للصفوف لتحرير الوطن و استعادة كرامته و فى ذلك تحقيق لشعار (ما لدنيا قد عملنا .. نحن للدين فداء).

ما يحمد للبرهان فى خطابه أنه ركز على حق الجميع في المشاركة فى الحكم دون إستثناء بما فيهم المؤتمر الوطني و لكن عبر الانتخابات و خاطب قيادة الحزب بأنهم عليهم تنظيم أنفسهم للإنتخابات إن أرادوا العودة للحكم ، و هذا موقف جيد و يأتي عكس ما ظلت تردده قحت و آخرون من استحالة مشاركة الاسلاميين للترشح فى أي انتخابات قادمة، و أعتقد أن البرهان قد فتح باباً ظل موصداً أمام المؤتمر الوطني بعد الثورة بالإقصاء الذى مارسته قحط لحزب المؤتمر الوطني و كوادره، هذا الموقف يعتبر موقفاً ممتازاً من قيادة الدولة في الفترة الحالية حيث يجب عليها الوقوف فى وضع الحياد من كل الكيانات في الساحة السياسية فالبرهان لا يمثل المؤتمر الوطنى و كذلك لا يمثل قحت.

على المؤتمر الوطنى إصدار بيان آخر تصحيحي لما ورد فى بيانه الأول إعتماداً على هذه التفسيرات الموجبة لخطاب البرهان ، و على إعلاميي المؤتمر الوطني العمل بمهنية و عدم إبداء أي رأي إلا بعد الرجوع إلى قياداتهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى