صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية تقول إن الحرب في السودان دخلت “منعطفاً قاتماً”

المحقق – محمد عثمان آدم
رسمت صحيفة “بوليتيكو” وهي عراب الصحافة الأمريكية المتخصصة في شؤون الأمن القومي، لايجاريها في ذلك إلا صحيفة “نيورك تايمز”، صورة تفتقر إلى بصيص أمل في تدخل خارجي يضع حداً للحرب الدائرة في السودان وهي حرب تغذيها وتسلحها قوى خارجية حتى أن الصحيفة قالت إن الحرب في السودان أصبحت مستنقعاً – أي والله هكذا قالت – تنغمس فيه قوى خارجية كثيرة، من الجوار ومن غير الجوار تمالئ أو تسلح أحد الطرفين وتزكي أوار نار تكاد تلغف الإقليم كله، ويتشظى السودان بحيث يصبح ملاذاً خصباً للحركات الإرهابية تأخذ بتلابيب الإقليم و المنطقة أجمعها، وحينها يصعب الفتق عن الرتق، كما نقول.
جاء المقال تحت عنوان : (حرب السودان تتخذ منعطفاً قاتماً). ونشرته الصحيفة المهتمة بشؤون الأمن القومي أمس (الخميس) بقلم روبي جرامر و إريك بازيل إيميل. وتعطي الصحيفة صورة تنبيك أنها ترى أن مايدور في السودان أصبح مثله و مثل “الألعاب الإلكترونية على مولقع التواصل الاجتماعي” فإذا كنت تمتلك جهاز كمبيوتر محمول وصور الأقمار الصناعية التجارية المتاحة على نطاق واسع ، فيمكنك مشاهدة ما يجري في السودان عموماً و دارفور خصوصاً و لكنها تحذرك بأن ما تراه هو “جريمة حرب تدور رحاها أمام ناظريك الان”.
ثم تدلف و تورد التفاصيل القاتمة: “في السودان، حاصرت قوات الدعم السريع، وهي مجموعة ميليشيا، بدأت في حرق معسكر ضخم للنازحين قد يبلغ عدد سكانه تقريبا عدد سكان واشنطن” في ما يمثل تصعيداً دراماتيكياً في الحرب الأهلية المستمرة في البلاد.
و تقول الصحيفة إنها تحدثت إلى سبعة مسؤولين غربيين حاليين وسابقين وعاملين في مجال العون الانساني يعملون في السودان، وصف بعضهم تحركات قوات الدعم السريع بأنها “مقتلة لا تتوقف” وأكدوا جميعا أن المجتمع الدولي لم يفعل سوى القليل لمحاولة وضع حد لها.
و يقول تقرير الصحيفة إن الحرب الأهلية في السودان، التي تدخل عامها الثالث هذا الأسبوع لا تظهر أي علامات على التباطؤ و من ثم التوقف بل إنها تشى أن قد يكون لها تداعيات بعيدة المدى على الأمن الدولي.
ووصفت الحرب التي تدور في السودان بأنها “أصبحت مستنقعاُ للقوى الأجنبية التي تغمر البلاد بالأسلحة في محاولة لكسب النفوذ في جزء استراتيجي من شرق أفريقيا مع اشتباكات قوات الدعم السريع مع القوات المسلحة السودانية. دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران وروسيا ومصر كلها متورطة في دعم جانب أو آخر.”
وتنقل عن مسؤولين وعمال إغاثة تحذيرهم من أن الصراع الدائر في السودان “قد يقود إلى انهيار شامل للسودان قد يؤدي إلى عقود من عدم الاستقرار المزمن ويصبح السودان أرضاً خصبة للجماعات المتطرفة”.
و يشرح المقال موقف الولايات المتحدة بقوله: لم تشر إدارة ترامب علناً حتى الآن إلى ما إذا كانت ستفعل أي شيء لوقف المذبحة، باستثناء تعليقات وزارة الخارجية التي تدين هجوم مليشيا الدعم السريع.
و تضيف بأنه في الإمكان و الاحتمال أن يأتي قريبا اختبار رئيسي للدور القيادي الذي تضطلع به الولايات المتحدة في السودان ، إن وجد ، حيث من المتوقع أن يزور وزير الخارجية ماركو روبيو أفريقيا ، بما في ذلك التوقف في إثيوبيا وكينيا ، في الأسابيع المقبلة.
“لكن حتى الآن، لا تهتم إدارة ترامب كثيراً بالتعامل مع أفريقيا، كما كتبت ناحال طوسي- وهي إحدى كاتبات الصحيفة- اليوم في عمود البوصلة.
وفيما يتعلق بالسودان، فإن غياب أي ضغط دولي لإنهاء الصراع أمر ذو مغزى. وتقود قوات الدعم السريع هجوما استمر أسبوعا على معسكر زمزم للاجئين، الذي يقطنه ما يقدر بنحو مليون شخص. يوثق مختبر ييل الإنساني جهود مليشيا الدعم السريع لتدمير المعسكر بشكل منهجي من خلال صور الأقمار الصناعية التجارية. ويعتبر تدمير هذه المعسكرات انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
من ناحية أخرى انتهى مؤتمر عقد هذا الأسبوع في لندن بهدف إحياء الجهود لإنهاء الحرب في السودان إلى طريق مسدود تماما مما يؤكد عجز استجابة المجتمع الدولي للحرب.
وفي الأيام القليلة الماضية فر نحو 400 ألف شخص من معسكر زمزم وقتل ما لا يقل عن 300 شخص بينهم عشرة من عمال الإغاثة الدوليين وفقا لبيانات الأمم المتحدة. وارتكبت قوات الدعم السريع فظائع بما في ذلك القتل الجماعي واغتصاب المدنيين عندما سيطرت على مناطق أخرى من السودان، كما وثقت هيومن رايتس ووتش العام الماضي.
و أوردت الصحيفة : يقول مسؤولون وعمال إغاثة إن مليشيا الدعم السريع تفعل الشيء نفسه في زمزم الآن. وقال أحد عمال الإغاثة: “إن القتل مستمر، وقد تكون هذه حالة أخرى من الإبادة الجماعية التي تتكشف في الوقت الفعلي بينما يقف العالم مكتوف الأيدي”.