القوى السياسية الجزائرية تستنكر تهديدات فرنسا بفرض عقوبات على البلاد

المحقق – وكالات
إزدادت التوترات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا مرة أخرى، وأضحى إحتمال القطيعة الدبلوماسية بين البلدين أكثر رجحاناً؛ خصوصاً أن الجزائريين سبق أن اتخذوا خطوة بسحب سفيرهم من باريس في يوليو الماضي، إثر إعلان فرنسا انحيازها للمغرب في نزاع الصحراء.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، أن العديد من الأحزاب الجزائرية عبّرت عن مواقف ضد الحكومة والطيف السياسي اليميني في فرنسا، بعد أن تطورت الأزمة، عقب تصريحات رئيس الحكومة الفرنسي فرنسوا بايرو، مؤخراً، التي قال فيها إن «أمام الجزائر مهلة شهر إلى 6 أسابيع» لتراجع الاتفاقيات الثنائية، التي تنظم الهجرة. وجاء هذا التحذير بحجة أن الجزائر ترفض استعادة رعاياها في فرنسا المتورطين في أعمال عنف.
واستنكرت «جبهة التحرير الوطني»، وهي القوة السياسية الأولى في البرلمان، في بيان، «موجة العداء الفرنسية ضد الجزائر، كان آخر فصولها فرض إجراءات تقييدية على دخول الرعايا الجزائريين الحاملين لوثائق سفر خاصة تعفيهم من التأشيرة»، في إشارة إلى قرار فرنسي كشف عنه وزير الخارجية جان لوي بايرو، يتمثل في إنهاء العمل باتفاق ثنائي، يخص إعفاء عدد كبير من المسؤولين الجزائريين من طلب تأشيرة الدخول إلى فرنسا مسبقاً.
وأكدت «جبهة التحرير» الموالية للسلطة أن «فرنسا تنتهك الاتفاقات الثنائية، وتؤكد مجدداً أنها مستمرة في نهج التصعيد ضد الجزائر، مدفوعة بأحقاد استعمارية قديمة، تغذيها آلة اليمين المتطرف عبر إجراءات انتقامية بائسة»، مبرزة أن الجزائر «لن تفرط في سيادتها، ولا تقبل أي إملاءات أو ضغوط من أي طرف كان».
ويشمل «الإنذار الأخير» الصادر عن فرنسوا بايرو مطلب مراجعة «اتفاق 1968»، الذي يؤطر مسائل الهجرة والإقامة والعمل والدراسة، و«لمّ الشمل العائلي» بالنسبة للجزائريين في فرنسا، الذي تعده سلطات فرنسا تفضيلياً لرعايا مستعمرتها السابقة، في حين يقول الجزائريون إنه «أُفرغ من محتواه مع مرور الزمن تحت ضربات اليمين التقليدي واليمين المتطرف».
من جهتها، ندّدت «حركة البناء الوطني»، المؤيدة بقوة لسياسات الرئيس عبد المجيد تبون، بـ«الحملة الفرنسية المسعورة وغير المسبوقة، التي تحاول النيل من استقرار الجزائر وعرقلة مسارها التنموي، ومحاولة التأثير على مواقفها السيادية تجاه القضايا العادلة»، مشيدة برفض وزارة الخارجية مهلة بايرو، التي وصفتها بـ«تصرف أحادي الجانب يمس بمبدأ الندية في التعامل».
بدورها، أدانت «حركة النهضة» الإسلامية «التوجه الفرنسي نحو الضغط على الجزائر، وابتزازها بغرض استعادة نفوذها الذي اضمحل»، مبرزة أن الإجراءات التي يتخذها الجانب الفرنسي «يجب أن تقابل بإجراءات مماثلة لفرض التعامل بالندية».
من جانبها، عبرت «جبهة المستقبل» عن «سخطها الشديد للممارسات الاستفزازية، الصادرة عن بعض الأوساط الفرنسية، التي لا تزال مرهونة بعقلية الهيمنة والاستعلاء، وتحاول عبثاً فرض منطق الإملاءات والإنذارات على دولة شامخة بمواقفها ومستقلة بقرارها ووفية لمبادئها». وقالت إنها «ترفض أي محاولة للنيل من كرامة الجزائريين في الخارج أو المساس بحقوقهم المشروعة، التي تضمنها القوانين الدولية والاتفاقيات الثنائية»، مشيدة بـ«الموقف الثابت والمسؤول للدبلوماسية الجزائرية التي تعاملت بحكمة واتزان، واضعة مصلحة الوطن فوق كل اعتبار».
كما ندّد حزب «صوت الشعب» بـ«تواصل الحملة العدائية والتصعيدية، التي تخوضها الحكومة الفرنسية ضد الجزائر، من خلال القرارات التعسفية والتلويح بالعقوبات»، مشيراً إلى أن «هذه الممارسات اللامسؤولة تجاه دولة سيدة في قراراتها هي خطوة استفزازية جديدة، تؤكد مرة أخرى حالة التخبط والتيهان، التي يعيشها صانع القرار في فرنسا، بسبب الأزمات الداخلية ومحاولة تصديرها إلى الخارج.
وتعتبر دوائر فرنسية أن الجزائر لعبت دوراً مؤثراً، على حساب فرنسا، في أزمتها مع مستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا، وأن الجزائر شكلت مع روسيا بديلاً لفرنسا في الحرب ضد الجماعات الإرهابية، التي كانت الحرب ضدها تشكل حيثيات الوجود العسكري الفرنسي في دول الساحل.