اتفاق ولاية الخرطوم وشركة زادنا يعيد إلى الواجهة مخاوف القطاع الخاص

المحقق – نازك شمام
بدأت المخاوف تطل برأسها بين شركات حكومية وشركات في القطاع الخاص، مع الاتجاه العام للدولة السودانية بالاستعداد لمرحلة الإعمار لفترة ما بعد الحرب، تزامناً مع الانتصارات التي حققها الجيش السوداني في محاور العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.
وما إن بدأ التفكير للمرحلة المقبلة حتى برزت المخاوف المتجددة من قبل القطاع الخاص حول مَن له الأحقية في الاستحواذ على المشاريع المقبلة.
ففي سبتمبر الماضي عقدت ولاية الخرطوم، في مدينة بورتسودان، ورشة حول إعادة إعمار الولاية، كخطوة استباقية للمرحلة المقبلة وبداية التجهيز لها عبر التواصل مع الشركات والجهات المنوط بها العمل في تنمية الخرطوم بعد توقف الحرب.
ومن ضمن هذه الخطوات الاجتماع الذي عقده والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة (السبت) مع وفد شركة “زادنا” العالمية برئاسة المدير العام ، د. طه حسين لبحث مساهمة المجموعة في أعمال إعادة إعمار الولاية وفقاً لأولويات سيتم الإتفاق عليها.
و وفق ما جاء في تعميم نشره إعلام ولاية الخرطوم، فقد رحب الوالي بعودة زادنا للولاية، وتطرق للمشروعات التي نفذتها الشركة قبل الحرب، وأضاف “نعلم جدية وإمكانيات زادنا ونتوقع أن تساعدنا في برامج إعادة الإعمار وفقاً للأولويات”.
وكشف الوالي عن حجم التدمير والنهب الذي تعرضت له القطاعات الإنتاجية في مجالات الصناعة والإنتاج الحيواني وقطاع الكهرباء وتأهيل الطرق مشيراً إلى أن الأولويات في المناطق التي يتم تطهيرها تتمثل في إزالة مخلفات الحرب والأجسام المتفجرة وتأمين الأحياء وتقديم العون الغذائي عبر التكايا واستعادة الخدمات.
بدوره أكد المدير العام لشركة زادنا العالمية، د. طه حسين، أن زيارتهم لولاية الخرطوم تأتي في إطار التعرف على أولويات الولاية في أعمال الإعمار لافتاً إلى تجربة زادنا خلال الحرب التي أسهمت في توفير السلع الاستهلالية والتي إستطاعت من خلالها الحد من تصاعد الأسعار بجانب مشروعات البنى التحتية التي نفذتها في مجال الطرق وتشييد وتأهيل المطارات مؤكداً أن عودة زادنا ستكون بقدر التضحيات التي قدمها المواطن وقدمتها القوات النظامية في حرب الكرامة، وقال إن أي قطرة دم سالت في سبيل أن يبقى السودان، سنقابلها بمشروع للبناء والتعمير وهدفنا إعادة إعمار السودان.
وتم الإتفاق بين الجانبين لإعداد مصفوفة وخارطة طريق بالمشروعات التي ترغب الولاية في إعادة إعمارها مستهدية بمخرجات ورشة بورتسودان لإعادة الإعمار التي نظمتها الولاية مؤخراً.
غير أن هذه الخطوة أثارت حفيظة بعض شركات القطاع الخاص والتي بدا لها الامر وكأن الحكومة السودانية تميل إلى الشركات التابعه لها،
حيث رأى عضو اتحاد الغرف التجارية السوداني، مهند عوض محمود إن ولاية الخرطوم منحت هذه المهمة حصرياً لشركة زادنا.
وتساءل محمود، في حديث لموقع “المحقق” الإخباري كيف تغض ولاية الخرطوم الطرف عن مئات الشركات الوطنية المؤهلة التي يمكن أن تشارك في عملية إعادة الإعمار من خلال عطاءات شفافة وعادلة، وأشار إلى استعداد دول مثل قطر، وتركيا، والكويت، ومنظمات دولية عديدة لدعم السودان في إعادة الإعمار، متسائلاً عن الكيفية التي تُمنح بها هذه المهمة لشركة واحدة، وهي تعلم أن هذا الدعم الدولي قد يُغري البعض لاحتكار الموارد والاستفادة منها على حساب الوطن.
وأضاف محمود إن “مثل هذا السيناريو يفتح المجال للتساؤل عن نوايا (زادنا)، خاصة إذا قامت باستيراد مواد البناء من الخارج بدلاً من الاعتماد على تجار ومستوردي السودان الذين شُردوا خلال الحرب وما زالوا مستعدين للعودة وتقديم خدماتهم بكل إخلاص.
واعتبر مهند محمود أن “شركات الحكومة أضرّت بالاقتصاد السوداني في الماضي، وكان يُفترض أن تُعيد النظر في سياساتها بعد الحرب، وأن تُفسح المجال أمام القطاع الخاص الوطني ليأخذ دوره الطبيعي في بناء الاقتصاد وإعمار البلاد”.
وطالب محمود رئيس مجلس السيادة، بإلغاء هذا الاتفاق فوراً، وفتح المجال أمام كافة الشركات الوطنية المؤهلة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار عبر عطاءات عادلة وشفافة، ودعا اتحاد أصحاب العمل السوداني والغرف التجارية إلى الوقوف صفاً واحداً ضد هذه الخطوة التي وصفها بغير العادلة، وقال “إلا إذا كانت شركة زادنا تعتزم إعادة إعمار الخرطوم من مواردها الخاصة كتبرع خالص للشعب السوداني”.
مبيناً أن بناء الوطن مسؤولية جماعية، ويجب أن تتسم كل خطوة تُتخذ فيها بالعدالة والشفافية، بعيداً عن الاحتكار أو استغلال الظروف.
غير أن المدير العام لشركة زادنا رفض فكرة أن يكون الاتفاق بين الشركة وبين ولاية الخرطوم هو إغلاق للباب في وجه شركات القطاع الخاص، وأوضح في حديثه مع موقع “المحقق” الإخباري أن العلاقة بين شركة زادنا وولاية الخرطوم مثلها ومثل علاقات الشركة الاستراتيجية في ولايات الشمالية والبحر الأحمر والقضارف ونهر النيل وكسلا والتي نتج عنها استقرار سلعي ومشاريع التنمية والبنى التحتية.
واكد حسين أن تعامل الشركة مع ولاية الخرطوم ليس حصرياً وقال إن “الشركة ترحب بأي قطاع خاص يدخل في هذه المبادرة “،
وقال إن هذة المبادرة أتت في اطار الإعمار العام موضحا أن هنالك لجنة عليا مكونة من الدولة ومبيناً أن الشركة تعمل على تسهيل حركة المواطنين للعودة والمساهمة في فتح الطرق كما فعلنا في ولايتي نهر النيل والشمالية والمساهمة في انسياب السلع وفي الإجراءات لإحداث استقرار الأسعار ومنع الجشع من التجار.
وكشف مدير عام زادنا أن المشروعات المطروحة من ولاية الخرطوم متاحة للجميع وستكون عبر عطاءات وفق الأسس والضوابط.
وأكد أن شركة زادنا تستطيع أن تقدم للولاية ما لايستطيع الغير تقديمه لجهة امتلاك الشركة للجاهزية، مشيراً إلى أن زادنا ستعمل كإضافة للولاية التي لا تمتلك موارد كافية لإعادة الإعمار خاصة في مجالات الطرق والبنى التحتية.
ولفت إلى أن الشركة تعمل وفقاً لضوابط العرض والطلب وبكل شفافية مع عمل كل الإجراءات التي تنتهجها الدولة والولاية.
وقال طه حسين إن الخوف من شركة زادنا من قبل التجار والشركات المنافسة يأتي من كون زادنا لاتركز الآن مع تحقيق الربحية بل مع التنمية وعودة المواطنين.
وجدد حسين ترحيبه بالقطاع الخاص الذي دخل مع شركته في شراكات سابقة في توفير السلع وضبط الأسعار لصالح المواطن الذي تعرض للنهب وفقدان الوظيفة.